ساهمت حالة التراجع الخطيرة في الحقوق والحريات واضعاف المؤسسات الرئيسية الرسمية، إلى ضعف الجبهة الداخلية، وجعل النظام السياسي الفلسطيني في حالة غير قادر معها على مواجهة التحديات الخارجية التي تواجه قضيتنا الوطنية، وفي مقدمتها انتهاكات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي وسياسته القائمة على فرض وقائع على الأرض، تقوض من فاعلية ودور السلطة الفلسطينية بكافة مكوناتها، وجعل النظام السياسي أيضاً غير قادر على استثمار حالة التضامن الدولية الكبيرة التي ظهرت بشكل جلي إبان اعتداءات الاحتلال الاسرائيلي الأخيرة في القدس وقطاع غزة لصالح القضية الوطنية في المحافل الدولية المختلفة، الأمر الذي يؤثر سلباً على مكتسبات شعبنا ونضاله في مواجهة الاحتلال والاستعمار، بما يتطلب الوقوف الجاد امام هذه المرحلة وتجاوز كل اخطائها.
لقد شهد نهاية العام المنصرم ومطلع العام الحالي مزيداً من التراجع الخطير للحقوق والحريات العامة، حيث شكل اعتداء السلطة التنفيذية على القضاء من خلال تعديل قانون السلطة القضائية إلى تقويض المرفق القضائي وهدم المبادئ الدستورية الحامية لمبدأ الفصل بين السلطات؛ واحترام سيادة القانون، والتي جرى التأكيد عليها في وثيقة الاستقلال والقانون الأساسي الفلسطيني، بما يجعل كافة السلطات الثلاثة بعد تعطيل وحل المجلس التشريعي تحت سيطرة ووصاية السلطة التنفيذية، وغياب تام لمنظمة التحرير الفلسطينية بكافة مكوناتها ومؤسساتها، بما يؤسس لنظام شمولي أمني غير ديمقراطي، يركز كافة السلطات بيد السلطة التنفيذية دون رقابة أو محاسبة أو مساءلة، خلافاً للمبادئ الدستورية وقيم النزاهة والشفافية والحكم الرشيد.
منذ مطلع العام الحالي ومع صدور مرسوم اجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية، ومرسوم اطلاق الحريات العامة بالرغم من انعدام قيمته القانونية، لم تلبث فسحة الأمل كثيراً، حتى جرى الغاءها، واطلاق العنان للأجهزة الأمنية؛ وبغطاء سياسي لممارسة الاعتقال التعسفي على خلفيات سياسية وممارسة حرية الرأي والتعبير، حيث شهد اعتقال العديد من النشطاء السياسيين ونشطاء الرأي بما فيهم مرشحين لقوائم انتخابية وتوقيفهم وتقديمهم للمحاكمة، ووصلت هذه الانتهاكات ذروتها بمقتل الناشط السياسي والمرشح على قائمة الحرية والكرامة نزار بنات، وما رافقها من انحدار خطير لحالة الحقوق والحريات والاعتداء عليها؛ من قمع للحق في التجمع السلمي؛ وحرية الرأي والتعبير؛ وتقويض حرية الصحافة والنشر، من قبل أجهزة الأمن وعناصر بزي مدني يتبعون السلطة التنفيذية، والاعتداء على المشاركين/ات فيها بالضرب و"السحل" في الشوارع، واستخدام القوة المفرطة، ومصادرة الهواتف النقالة، ونشر محتوياتها في انتهاك للحق في الخصوصية وتحديداً للفتيات، وانتهاك حرية العمل الصحفي بالاعتداء على الصحفيين/ات ومصادرة معدات عملهم الصحفي؛ واعتقال اعداد كبيرة من المشاركين/ات في تلك التجمعات، وتوقيفهم ومحاكمتهم خلافاً للقانون الأساسي والتشريعات الناظمة، في تنكر خطير لكافة الحقوق الواردة في الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان التي انضمت لها دولة فلسطين.
بناء على ما تقدم وفي ظل تردي حالة حقوق الإنسان والحريات العامة، وانهيار المؤسسات الرسمية للنظام السياسي الفلسطيني، والاعتداءات المستمرة على حقوق المواطنين/ات المكفولة في القانون والتشريعات والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وضعف الحالة الداخلية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، إننا في مؤسسات المجتمع المدني والعمل الأهلي نؤكد على ما يلي:
أولاً: نحمل رئيس السلطة التنفيذية والحكومة المسؤولية الوطنية والقانونية عن الانتهاكات الخطيرة والاعتداءات بحق المواطنين/ات المرتكبة من قبل أجهزة الأمن وعناصر بزي مدني، بصفتهم الوظيفية، ولما يترتب عليهم من مسؤوليات ملزمة بموجب وثيقة الاستقلال وميثاق منظمة التحرير والقانون الأساسي الفلسطيني، وبصفة الرئيس القائد العام لقوات الأمن. والأمين على حماية الحقوق والحريات العامة.
ثانياً: احالة رئيس الحكومة بصفته رئيساً للحكومة ووزيراً للداخلية، للمحاكمة، لمساءلته ومحاسبته عن اخفاقه والحكومة في حماية حقوق المواطنين، وعدم قيامه بمسؤولياته بموجب القانون الأساسي الفلسطيني، وعجزه عن تنفيذ التزاماته بشأن حماية حرية العمل الصحفي والحق في التجمع السلمي وحرية الرأي والتعبير والحرية الشخصية، وعدم قدرة الحكومة على إدارة الأزمة الحالية، وحماية الحقوق والحريات.
ثالثاً: احالة مدير عام الشرطة، ومدير شرطة محافظة رام الله والبيرة للمحاكمة؛ لمساءلتهم ومحاسبتهم عن الجرائم الدستورية والانتهاكات الخطيرة لحقوق المواطنين/ات، التي جرى ارتكابها من قبل عناصر الشرطة الفلسطينية والتي تتبع لهم بصفاتهم الوظيفية، لارتكابهم انتهاكات تمثلت بمنع إقامة التجمعات السلمية خلافاً للقانون، والاعتداء على المشاركين/ات فيها بالضرب، واعتقال عدد منهم/ن واستخدام القوة المفرطة خلافا للقانون ومدونات السلوك.، وممارسة أفعال تندرج في إطار التعذيب وسوء المعاملة.
رابعاً: تحمل النائب العام المدني مسؤولية توقيف المشاركين/ات في التجمعات السلمية وتقديمهم للمحاكمات على خلفية ممارستهم لحقوقهم الدستورية الواردة في القانون الأساسي بما يضفي على هذا التوقيف صفة الاحتجاز التعسفي وفق معايير حقوق الإنسان الملزمة لدولة فلسطين، كذلك تحمله المسؤولية بشأن تقصير النيابة العامة بفتح تحقيق بالبلاغ الجزائي المقدم للنائب العام بتاريخ 1/7/2021من المؤسسات بشأن انتهاك حقوق المواطنين، وسرعة استجابة النيابة العامة للأجهزة الأمنية العامة بتقديم ملفات تحقيقية لنشطاء سياسيين ونشطاء رأي في تمييز واضح إرضاء للسلطة التنفيذية وأجهزتها الأمنية.
خامساً: تؤكد على أن العدالة للناشط السياسي نزار بنات تكمن في اجراء تحقيقات جزائية شفافة ونزيه، وتقديم كل من يثبت تورطه سواء من عناصر أو مسؤولين لمحاكمة عادلة تضمن فيها كافة إجراءات وضمانات المحاكمة العدالة، وتحقق سبل الانتصاف له ولعائلته، واجراء محاكمة المشتبه بهم في الوقت المناسب كي لا تفقد السياسة العقابية فلسفتها من تحقيق للردع.
سادساً: التأكيد على مبدأ المساءلة والمحاسبة، وفتح تحقيقات جزائية جدية من قبل النيابة العامة المدنية والعسكرية في كافة الانتهاكات التي طالت حقوق المواطنين/ات المحمية والمكفولة في القانون الأساسي، بما يكفل تحقيق سبل الانتصاف للضحايا ويعزز من الردع العام والردع الخاص للمكلفين بإنفاذ القانون، ورؤسائهم.
سابعاً: تعلن المؤسسات الموقعة أدناه عن تعليقها لأي شكل من أشكال الحوار المعلن عنه مؤخراً من قبل الحكومة مع المؤسسات بشأن حالة حقوق الإنسان، وترى أن كافة الحوارات التي جرت مؤخراً مع الجهات الرسمية لم تعدوا عن كونها علاقات عامة، لم يتخذ بشأن مخرجاتها من مراجعات لسلوك المكلفين بإنفاذ القانون أو إجراء تحقيقات جدية أو مساءلة حول انتهاكات حقوق المواطنين، وترى أن أي عودة للحوار يجب أن ترتبط بإجراءات جدية وضمانات على صعيد المساءلة واحترم الحقوق والحريات العامة.
ثامناً: دعوة القوى السياسية للاضطلاع بدورها الوطني والمجتمعي في هذه المرحلة الخطيرة التي يمر بها مجتمعنا، واتخاذ المواقف الشجاعة في المواقف التي تتطلب ذلك، وتفعيل وجودها المجتمعي، واتخاذ المبادرات بشأن حماية وتعزيز الحقوق والحريات، الوقوف في مواجهة انتهاكها، وتحمل مسؤولياتها على هذا الصعيد.
تاسعاً: اصدار مرسوم فوري بإجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني لمنظمة التحرير، وتحديد موعدها بما لا يتجاوز نهاية العام الجاري، واجتراح الحلول المناسبة لضمان اجرائها في مدينة القدس ومشاركة المقدسيين فيها، وعدم رهن اجرائها بموافقة الاحتلال الإسرائيلي، بما يعيد الأمل للجيل الشاب، ويعزز من الحق في المشاركة السياسية، ويمهد لاستعادة الوحدة وانهاء الانقسام، ويؤسس لحوار وطني جامع بما يعيد بناء منظمة التحرير الفلسطينية وفاعلية مؤسساتها، وتمتين الجبهة الداخلية في مواجهة المخاطر المحدقة بالقضية الوطنية، وإعادة البوصلة لمسارها الصحيح والمتمثل بتكاتف الجهود الرسمية والأهلية في مواجهة انتهاكات الاحتلال على كافة الصعد والمستويات.
انتهى
مؤسسة الحق
مركز القدس للمساعدة القانونية
مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان
مركز الميزان لحقوق الإنسان
الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال
مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات"
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان
الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون "استقلال"
المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة"
الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"
مؤسسة مفتاح
مركز إعلام حقوق الإنسان "شمس"
جمعية النجدة
مؤسسة لجان العمل الصحي
مؤسسة "ريفورم"
مركز بيسان للبحوث والإنماء
جمعية المراة العاملة الفلسطينية للتنمية
ومركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي
مركز الدراسات النسوية
جمعيه مدرسه الامهات



