كتب الأستاذ حليم خاتون:أميركا غباء أم.. غباء
أخبار وتقارير
كتب الأستاذ حليم خاتون:أميركا غباء أم.. غباء
حليم خاتون
2 أيلول 2021 , 07:30 ص
كتب الأستاذ حليم خاتون: تريليون دولار ذهبت أدراج الرياح في أفغانستان... خلال عشرين عام من الاحتلال المباشر، قامت الإدارات الأمريكية المتعاقبة بإهدار ألف مليار دولار لإخضاع أفغانستان بالنار...

كتب الأستاذ حليم خاتون:

تريليون دولار ذهبت أدراج الرياح في أفغانستان...

خلال عشرين عام من الاحتلال المباشر، قامت الإدارات الأمريكية المتعاقبة بإهدار ألف مليار دولار لإخضاع أفغانستان بالنار...

لم تكن هذه الحماقة تجربة اميركا الأولى... ولن تكون الأخيرة بالتأكيد... 

إنها العنجهية والصلف الأميركي الذي يعتبر نفسه خليفة الرب على الأرض...

ألا يعتبر المحافظون الجدد أنفسهم وصايا على تنفيذ مشيئة الرب التي حددوا هم بأنفسهم أهدافها ورسموا معالمها...

الدولة الأميركية لا تحتكر الغباء وحدها في هذا العالم بالتأكيد... 

السعودية التي تحاول إخضاع شعب اليمن تمشي على الطريق نفسه...

مئات المليارات من الدولارات احترقت في حرب صلافة بن سلمان على شعب لم تستطع أية إمبراطورية في التاريخ على إخضاعه والسيطرة على الجبال العصية على الإذعان...

الغريب في الأمر أن الغباء المُرتكب في اليمن تشارك فيه نفس اميركا الغبية المتواجدة في أفغانستان، ومعها بريطانيا التي تعتقد أنها لا زالت قوة عظمى وامبراطورية لا تغيب عنها الشمس...

ربما تميزت بريطانيا عن اميركا والسعودية ببعض المكر الاستعماري حيث كلفة الحرب تقع على غيرها لأنها وبحكم نظام سياسي  يخضع للمساءلة، لا تستطيع إخفاء هكذا أمور لمدة طويلة عن أعين شعب يسأل ويحاسب...

عندما غزت اميركا أفغانستان، دخلت القوات الأميركية بعد قصف صاروخي كثيف كانت تطلق فيه عشرات ومئات الصواريخ يوميا على جبال ووديان بقيت في أماكنها ولم يصدر عنها سوى بعض الغبار...

صاروخ كروز الأميركي الذي يزيد ثمنه على العشرين مليون دولار كان ينطلق من على السفن الأميركية التي تكلف هي بدورها عشرات الملايين من الدولارات بعيدا عن شواطئ اميركا... كان يسقط على تلك الجبال والوديان فيحدث بعض الغبار، وربما يقتل مقاتل او اثنين من الأفغان، لن يغيروا من المعادلة شيئاً... 

الأمة الأفغانية، التي انجبت هؤلاء، قد أنجبت الآلاف من أمثالهم، وهي بالتأكيد لن تتوقف عن هذا الإنجاب...

قبل هذا، كان الغزو السوفياتي لهذا البلد...

السوفيات أرادوا أيضاً بناء مجتمع أفغاني آخر، بعيدا عن التقاليد الأفغانية مع سلبياتها أو إيجابياتها...

القوة لا تبني أوطاننا ولا تصنع أمجاداََ...

كلفة صاروخ كروز واحد كانت تكفي لبناء عشرات المدارس أو إنشاء عشرات المزارع أو الحقول أو المصانع التي تسمح لأي مجتمع بأن يتطور من تلقاء نفسه رويدا رويدا، ويتخلص من سلبياته في تسلسل طبيعي لا يولد انفجارات ولا أحقاد...

لكن هدف الاستعمار لم يكن التطور والتطوير رغم كل الإدعاءات الفارغة عن الديمقراطية وتعاليم حقوق الإنسان المزيفة...

كان السلاح الأميركي يتدفق على مقاتلين أتوا من القرون الوسطى بعدما تشربوا عند المخابرات المختلفة أفكار الوهابية التي تعلم تدمير مدرسة للبنات هنا،  أو فابريكة هناك تعمل فيها بعض النسوة الذين أراد السوفيات نقلهم من حال الى حال آخر...

يومها، عمل الأميركيون على إفشال السوفيات...

لأن الحرب اساسا لم تكن من أجل أفغانستان أو شعبها، بقدر ما كانت للسيطرة والهيمنة والنهب الاستعماري الذي برعت الإمبريالية بتطوير أدواته...

لو كانت اميركا تريد الخير فعلا لشعب أفغانستان...
فإن كلفة بناء مدارس ومزارع وحقول ومصانع وإيجاد فرص عمل ونمو وتطور أقل بكثير من كلفة بناء أجهزة سلطة تعتمد نفس التقسيمات القبلية وتستثمر في إبقاء اسباب وجذور التناحر بين مكونات الشعب الأفغاني...

لو كانت اميركا وخلفها كلاب الحراسة الأوروبية والأطلسية تريد فعلا التطور والنمو لأفغانستان لأنفقت خلال عشرين سنة على تربية جيل من الأفغان يذهب إلى المدارس والجامعات يتعلم ويتلقى ثقافة احترام الغير واحترام الذات الإنسانية...

لكن هدف الإمبريالية لم يكن يسعى لخير الأمة الأفغانية بقدر ما كان يسعى للسيطرة على مقدرات هذا البلد ونهبه وضمه الى حظيرة كلاب حراسة اميركا في الدفاع عن مصالحها عبر تدمير مصالح الآخرين...

أفغانستان هي إحدى المعابر الأساسية لطريق التجارة الصينية، كما سوريا، لذلك ذهبت اميركا إلى هناك، ولذلك يعتبر خروجها هزيمة ساحقة لصالح الصين...

السؤال المنطقي هو ماذا لو كانت أنفقت اميركا آلاف المليارات هذه في مصلحة الإنسان الافغاني...؟

إنها عقلية المستعمر الأوروبي الذي أباد سكان اميركا واستراليا الأصليين... عقلية زرع المستوطنات واقتلاع الناس من اراضي آبائهم وأجدادهم... وزرع كلاب من المستوطنين في أماكنهم...

إنها عقلية الإبادة التي عرفناها مع هتلر موسوليني عند الأوروبيين بشكلها المباشر والفظ، وعند تشرشل وبوش وكلينتون وغيرهم بشكل غير مباشر عبر أظافر تختبئ خلف قفازات تبدو للوهلة الأولى بنعومة الحرير...

لو أن اميركا أنفقت هذه الآلاف من المليارات على الإنسان الأفغاني لكانت اميركا كسبت، وشعب أفغانستان كسب... في اجمل عملية رابح رابح...

الإمبريالية لا تستطيع فهم أن عملية بناء الانسان أقل كلفة بكثير وأكثر جدوى ألف مرة من عملية التدمير والهيمنة التي تتبعها دوما لإخضاع الشعوب...

لذلك هُزمت اميركا في أفغانستان...
لذلك سوف تُهزم اميركا في سوريا...
وكما هزمت اميركا ، سوف يُهزم كل الغزاة... مهما تلون هؤلاء ورفعوا من الشعارات الفارغة...

هل من موعظة لبن سلمان تعيد إلى رأسه الفارغة شيئا ولو قليلا من المنطق...
هل من لحظة تفكير قد تأتي إلى رؤوس أبناء زايد وغيرهم ممن يتحكم برقاب شعوب أمة العرب ويمنع عليها الرقي...

"اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا.."

محمد أنور السادات، حسني مبارك، أمراء وشيوخ وملوك النفط والبوادي، رؤساء وحكام لم يزرعوا سوى الشرور، ولن يجدوا سوى السيوف تجز رقابهم عندما يحين زمن الحصاد...

التاريخ لا يرحم الأغبياء حتى حين تصدق النوايا... فكيف ومعظم حكام هذا العالم ليسوا سوى مجموعة من السفلة....
            

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري