الكاتب علي أحمد فسر حادثة الضاحية وأسهب, قارب ما بين استهداف العراق فأشار للدور المخجل لجماعة الحكم فيه بإيجاز مهم وبين لبنان بوجود مقاومته, المقال قيِّم ومهم, لذا اختارته إضاءات لتضعه بين أياديكم.
إضاءات
حادثة الضاحية ... التداعيات والأسباب والنتائج
علي احمد / صقر خراسان
بكل تواضع اقول ان عملية استهداف إسرائيل للضاحية الجنوبية بالطائرات المسيرة والمفخخة ، هي عملية فاشلة استخباراتياً وتوقيتاً وتنفيذا ، وتشكل صفعة مدوية لجهاز الموساد الصهيوني بعد الاختبارات والنجاحات التي حققها قبل فترة في العراق ...
وقبل ان اخوض بأسباب الفشل العملياتي والاستخباراتي الاسرائيلي في الضاحية ، لماذا اقول بأن عمليات الاستهداف الاخيرة كانت ناجحة في العراق ؟ وما هي الاسباب ؟
اسرائيل ضربت ثلاثة عصافير بحجر واحد في العراق
الاول من خلال مهاجمة احد اذرع محور المقاومة في المنطقة ، وتسويق الامر اعلامياً على انه تسجيل نقطة على ايران ، وعلينا الاعتراف هنا لاسرائيل بأنها نجحت بضرب بعض قواعد ومقار ومخازن اسلحة الحشد الشعبي العراقي ، وعلينا الاعتراف بالاختراق الامني الخطير وبحصول العدو الصهيوني على معلومات كبيرة ودقيقة من عملاء الداخل ، وبمساعدة استخباراتية ولوجيستية من اميركا والسعودية والاردن واقليم الشر في كردستان .
الثاني من خلال ادخال العراق في سجال وخلاف سياسي واعلامي عقيم بين معظم القوى السياسية والدينية . فمنذ ثلاثة اسابيع وحتى ساعة كتابة هذا التقرير لا يزال الجدال قائماً حول دور الفاعل ووجهته . وحتى الساعة وعلى الرغم من تلميح نتنياهو والاعلام الاسرائيلي الى تبني الضربات ، لم تجرؤ اي جهة حكومية عراقية على اتهام اسرائيل مباشرة . وعندما انتفض سماحة السيد الحسيني الحائري ووضع يده على الجرح واصاب كبد الحقيقة بفتواه الجريئة والمباركة بضرورة مقارعة المحتل الاميركي وطرده ، خرج البعض كعاداتهم لذر الرماد في العيون من خلال استبعاد الدور الاسرائيلي مبدئياً ، ومن خلال الدعوة لتدويل التحقيق ، مطالبين بتسليم سلاح الحشد للدولة وبإغلاق مقراته ، قبل ان يطالبوا الاطراف العراقية بضرورة الانسحاب من سوريا ، وكأن قضية الصراع مع العدو الصهيوني والتكفيري هي قضية جانبية او منفصلة ، وكأنها لا تعنيهم ولا تعني العراق لا من بعيد ولا من قريب . وكأنهم نسوا او تناسوا دور العراق المحوري والاساسي والروائي في التوطئة والتمهيد ونصرة الحق والثبات على الولاية وفي تقديم الشهداء وتحمل البلاء ومقارعة الاعداء .
اما الثالث فمن خلال اخضاع الدول المعادية لمحور المقاومة لطلباتها ورغباتها واسقاطها في مكائدها وهذا ما سيتضح لكم في الايام والاسابيع القادمة ، لانه يستحيل ان تعبر المُسيرات الصهيونية اجواء العراق عبر المملكة العربية السعودية والاردن بدون التنسيق مع قياداتهما او الرجوع اليهما ، أو أن تحلق في اجواء العراق بدون التنسيق مع قيادة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية . وبذلك يصبح الاميركي شريك علني بقتل ابنائنا وبتدمير عتادنا ، ويصبح الاردني والسعودي واشرار اربيل شركاء بالتآمر على بلادنا ومحورنا .
فشل عملية استهداف الضاحية ... الاسباب
التجربة العراقية : اراد نتنياهو ان ينقل هذه التجربة الى لبنان من خلال استخدام مُسيرات استطلاعية على غرار ما فعله في العراق ، ونسي او تناسى بأن مقدرات وامكانات وأمنيات المقاومة الاسلامية متطورة وغنية ، ونسي مقولة سلفه الهالك ارييل شارون بأننا نخوض حرب ادمغة في لبنان . وهذا الامر لا يُعتبر انتقاصاً من قوة وقدرة الحشد الشعبي العراقي ، ولكن بسبب خلل امني ناتج عن وجود المحتل الاميركي المسيطر اصلاً على اجواء البلاد .
الكذب والعنتريات الفارغة : عمل جهاز الموساد الاسرائيلي قبل ساعات من عملية الضاحية الفاشلة على قصف احد مقار حزب الله في سوريا في عقربا نواحي دمشق ، وعمل نتنياهو على تسويق الهجوم اعلامياً على انه استهداف لفيلق القدس الايراني الذي كان يعد لعملية كبيرة بالطائرات المُسيرة لضرب اهداف في اسرائيل ، واراد نتنياهو من خلال تبني هذا الاعلان ولأول مرة بصورة علنية أن يوهم الرأي العام اللبناني والعالمي بأن الطائرات الاستطلاعية التي هاجمت الضاحية الجنوبية هي ايرانية ووصلت لهناك عن طريق الخطأ ، وهذا ما عمل على تسويقه الاعلام الصهيوني لساعات طويلة قبل انكشاف الامر وظهور الحقيقة . واراد نتنياهو من خلال ذلك ادخال القوى السياسية اللبنانية في آتون الخلافات والتحقيقات والاتهامات ، على غرار ما حصل في عملية اغتياله وقتله لرئيس وزراء لبنان رفيق الحريري ، مستنداً بذلك على طائرات مجهولة الهوية ومستنداً على التوقيت الغامض الذي كان في غير مصلحته .
التوقيت الخاطيء : اختارت اسرائيل التوقيت للعملية قبل يوم من موعد خطاب السيد نصرالله في بلدة العين البقاعية ، وهو موعد الاحتفال للعام الثاني بالانتصار على التنظيمات التكفيرية في منطقة الجرود بين لبنان وسوريا . والهدف من اختيار هذا الموعد وفي حال فشل وعدم مرور سيناريو الطائرات الايرانية ، كان للايحاء بأن الجماعات التكفيرية هي المسؤولة عن العملية ، خاصة وان المناسبة تتعلق بتاريخ هزائمهم على ايدي رجال الله والجيشين اللبناني والسوري .
الفشل الاستخباراتي :
هناك بعض الاسئلة التي تراود العديد من المتابعين :
اولاً : لماذا فقدت الطائرة الاستطلاعية الاولى الاشارات والاحداثيات من غرفة التحكم القريبة من موقع الهدف ؟
ثانياً : من هي الجماعات التي اطلقت الطائرات ؟ وهل اطلقت من لبنان ومن اي منطقة بالتحديد ؟
ثالثاً : لماذا لم تتمكن الطائرة الاستطلاعية الثانية من اصابة الهدف ؟
رابعاً : لماذا لم يحضر ذلك الشخص القيادي البارز او تلك القيادات الى المكان المرتقب والمحدد والمُستهدف صهيونياً .
خامساً : من الذي اوصل المعلومة الخاطئة للموساد الاسرائيلي ؟
سادساً : هل كان الامر استدراجاً للعدو من رجال الله عبر تسريب معلومة مموهة ؟
سابعاً : هل صحيح ان بعض الصور التي صودرت من الطائرة كانت لقادة كِبار في الدولة اللبنانية ، وهل صحيح ان قصور ومقرات بعبدا ومصيلح وقريطم كانت من ضمن الاهداف ؟
حتى تتضح الاسباب وحتى تتكفل الايام والاسابيع القادمة بإماطة اللثام ، دعونا نبحر واياكم في قلب الحقيقة وكلمة الختام ، فقد تفاوتت الانباء والتحليلات حول الهدف من هذه العملية الفاشلة ، واختلفت السيناريوهات والتقارير حول طبيعة المستهدف . ففيما ذكرت بعض التقارير الاخبارية ان المستهدف هي شخصية قيادية تابعة لحزب الله ، اشارت بعض التسريبات ان العملية كانت تستهدف اجتماعاً امنياً هاماً ويضم قيادات متعددة ورفيعة تابعة المقاومة . وصراحة نحن لا نملك معطيات عن طبيعة الهدف ، ولا نعلم الا بالتفاصيل التي وردت في بيان المقاومة الاسلامية او عبر الاخبار الواردة من قناة المنار التابعة لحزب الله من ان التفجير حصل قرب المبنى الاعلامي لحزب الله في حي معوّٓض ، ومع ذلك وأياً يكن المستهدف ، فهي عملية استخبارتية فاشلة بامتياز لجهاز التجسس الموساد ، وهي مغامرة عقيمة وفاشلة لنتنياهو قد تذهب برصيده السياسي والامني ادراج الرياح ، فهذا البطل الكرتوني الباحث عن بطولات وهمية بمواجهة محور المقاومة قد وحّٓدٓ الرئاسات اللبنانية الثلاثة ، ورسّٓخ القاعدة الذهبية ( جيش وشعب ومقاومة ) ، وألزم جيشه المتآكل بقواعد اشتباك جديدة ، وأدخل كيانه الغاصب والعالم بدوامة رد المقاومة وطبيعته وكيفيته ، ووضع المنطقة برمتها فوق برميل بارود قابل للاشتعال في اي لحظة قبل ان يضع جنوده على إجر ونص على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية كما قال سماحة الامين على الامة ...
بإنتظار وعد الامين الصادق ، وبانتظار ترجمة قوله لفعل كما عوّٓدنا ، وبإنتظار حجم الرد والتوقيت والنوعية والكيفية ، وبانتظار نقل التفاصيل على الهواء مباشرة ... على هذا العدو الصهيوني الاحمق والمتغطرس ومن يحالفه ان يفهموا بأن حزب الله لا يُهزم ، وبأن هذه الراية الممزوجة بعبق الشهداء وأريج النصر والمصبوغة بلون الشمس والممهورة باسم الله الاكبر لن تُسلّٓم الا لصاحبها في القدس ، وهناك سنصلي مع السيد الامين خلف الوصي المؤتمن على العصر والزمان ... هذا وعد غير مكذوب ...
فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا ...
وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ......
ـسيأتي / سنراه / سنصلي في القدس ـ