ملف عودة سوريا إلى الجامعة العربية يفتح من جديد، كيف لا وتطورات المشهد السياسي والميداني توحي كثيرا بهذا التطور.
كذلك فإن العديد من الدول العربية التي قاطعت سوريا فتحت خطأ سياسياً معها ومنها من أعاد فتح سفارته إضافة إلى إيفاد الوفود والإتصالات على أعلى المستويات.
إعلان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، أن بلاده ستحتضن القمة العربية المقبلة في مارس/آذار 2022، أعاد كذلك فتح ملف مقعد سوريا الشاغر بالجامعة العربية منذ 10 سنوات، والذي تم تجميده في تشرين الثاني 2011، كورقة ضغط على سوريا للالتزام بتعهداتها ضمن "المبادرة العربية" التي طُرحت آنذاك لحل الأزمة والاضطرابات الداخلية
آنذاك، تحفظت الجزائر رفقة العراق على قرار تجميد تلك العضوية، وحتى بعد تولي تبون رئاسة الجزائر أكد موقف بلاده السابق حيث دافع عن عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية.
ودعا تبون، في مقابلة متلفزة، فبراير/شباط 2020، لعودة دمشق إلى الجامعة العربية، وقال إنها "تستحق العودة إلى جامعة الدول العربية، لأنها وفية لمبادئها، كما أنها مؤسسة لها، وهي من أعرق الدول العربية".
ولم يستبعد مراقبون أن تطرح في القمة العربية الـ35 التي تستضيفها الجزائر مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية بعد 10 سنوات من تعليق عضوية دمشق.
الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط، قال إن الجزائر والعراق والأردن لديها رغبة في عودة سوريا لشغل مقعدها بالجامعة.
وأضاف أبوالغيط، في مقابلة مع قناة "صدى البلد" المصرية، نهاية الشهر الماضي، أن "بعض الدول العربية باتت تنفتح بشكل هادئ على سوريا".
قبل أن يستدرك: "لكن لم أرصد أنا شخصيا كأمين عام أي طلب رسمي أو غير رسمي بشأن بدء إجراءات العودة لشغل المقعد".
وعن القمة العربية المقبلة، قال أبوالغيط: "الجزائر متصدرة للعودة السورية، والعراق يتحدث عن العودة السورية والأردن لديهم رغبة في عودة سوريا وبدء اتصالات وعودة سفراء، وهذا كله يمثل بداية زخم.
وتساءل: "متى نشهد الخطوة الإجرائية في الدفع نحو العودة؟"، مضيفا: "رد الفعل السوري، نرصد ترحيبا من جانبه بالعودة (..) و(حتى الآن) إجرائيا لم يحدث".
وأفاد بأن "آلية العودة تتمثل في إقرار المجلس الوزاري للجامعة مشروع قرار يرفع من المندوبين ويوضع أمام القمة لإقراره".
وحول إمكانية حضور مندوب الحكومة السورية القمة المقبلة، قال إن ذلك سيحدث حال وجود "توافق عربي"، مؤكدا صعوبة طرح الأمر للتصويت.
وفي آذار الماضي، دعا وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إلى ضرورة عودة سوريا لشغل مقعدها بجامعة الدول العربية.
وقال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، في مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي، سيرجي لافروف، بالعاصمة أبوظبي، آنذاك، إنه من الأدوار المهمة لعودة سوريا هو أن تعود لجامعة الدول العربية، وهذا يتطلب جهدا أيضا من الجانب السوري كما يتطلب جهدا من "الزملاء في الجامعة العربية".
وأضاف أن الأمر يتعلق بالمصلحة العامة، أي مصلحة سوريا ومصلحة المنطقة، لافتا إلى أن هناك "منغصات" بين الأطراف المختلفة، لكن لا يمكن سوى العمل على عودة سوريا إلى محيطها.
وفي كلمة لتبون أمس خلال إشرافه على اجتماع نظمته الرئاسة مع رؤساء البعثات الدبلوماسية للبلاد في قصر المؤتمرات بالعاصمة الجزائر، أكد أن بلاده ستستضيف القمة في مارس/آذار المقبل.
وكانت القمة العربية منتظرة بالجزائر في مارس/آذار 2020، لكن تفشي وباء كورونا أدى إلى تأجيلها.
وبشأن أبرز الملفات التي ستتناولها القمة، أوضح الرئيس الجزائري أنها ستكون لتجديد الالتزام الجماعي العربي تجاه القضية الفلسطينية، وتأكيد تقيد جميع الدول بمبادرة السلام العربية، التي أطلقها الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبد العزيز عام 2002 بقمة بيروت، وتهدف إلى إنشاء دولة فلسطينية وعودة اللاجئين والانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل السلام مع إسرائيل.
أما الملف الثاني في القمة، حسب الرئيس تبون، فهو إصلاح منظومة عمل جامعة الدول العربية من أجل مواجهة التحديات الراهنة، دون تقديم تفاصيل أكثر حول طبيعة هذه الإصلاحات.
التوقعات بعودة مقعد سوريا في الجامعة العربية تأتي بعد مؤشرات داعمة لهذا الاتجاه لا سيما بعد الانتصارات التي حققها الجيش السوري ميدانيا والقضاء بنسبة كبيرة على الجماعات الإرهابية خاصة تنظيم داعش، علاوة على التفاهمات التي تم التوصل إليها مع المعارضة المسلحة.
إضافة إلى ما سبق تصاعد الدعوات إلى إيقاف نزيف الدماء المستمر لقرابة عقد من الزمان في سوريا وضرورة استعادة دمشق مكانتها كعاصمة عربية ذات تاريخ عريق، في ظل تحركات دبلوماسية عربية ودولية تحمل في طياتها هدفا واحدا هو عودة تلك البلد التي استهلكتها الحرب إلى وضعها الطبيعي كعضو في جامعة الدول العربية.



