هذه الرسالة منشورة فى كتاب ( عقود من الخيبات ) للكاتب حمدان حمدان الطبعة الأولى 1995 عن دار بيسان على الصفحات من 489- 491 .
نص الرسالة:
تقول الرسالة التى بعثها الملك فيصل إلى الرئيس جونسون ( وهى وثيقة حملت تاريخ 27 ديسمبر 1966 الموافق 15 رمضان 1386 ، كما حملت رقم 342 من أرقام وثائق مجلس الوزراء السعودى ) ما يلى:-
من كل ما تقدم يا فخامة الرئيس ، ومما عرضناه بإيجاز يتبين لكم أن مصر هى العدو الأكبر لنا جميعا ، وأن هذا العدو إن ترك يحرض ويدعم الأعداء عسكريا وإعلاميا ، فلن يأتى عام 1970 – كما قال الخبير فى إدارتكم السيد كيرميت روزفلت – وعرشنا ومصالحنا فى الوجود .....
لذلك فأننى أبارك ، ما سبق للخبرا الأمريكان فى مملكتنا ، أن اقترحوه ، لأتقدم بالاقتراحات التالية : -
- أن تقوم أمريكا بدعم إسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولى به على أهم الأماكن حيوية فى مصر، لتضطرها بذلك ، لا إلى سحب جيشها صاغرة من اليمن فقط ، بل لإشغال مصر بإسرائيل عنا مدة طويلة, لن يرفع بعدها أى مصرى رأسه خلف القناة ، ليحاول إعادة مطامع محمد على وعبد الناصر فى وحدة عربية .
بذلك نعطى لأنفسنا مهلة طويلة لتصفية أجساد المبادئ الهدامة، لا فى مملكتنا فحسب ، بل وفى البلاد العربية ومن ثم بعدها ، لا مانع لدينا من إعطاء المعونات لمصر وشبيهاتها من الدول العربية إقتداء بالقول ( أرحموا شرير قوم ذل ) وكذلك لإتقاء أصواتهم الكريهة فى الإعلام ..
- سوريا هى الثانية التى لا يجب ألا تسلم من هذا الهجوم ، مع إقتطاع جزء من أراضيها ، كيلا تتفرغ هى الأخرى فتندفع لسد الفراغ بعد سقوط مصر .
- لا بد أيضا من الاستيلاء على الضفة الغربية وقطاع غزة ، كيلا يبقى للفلسطينيين أي مجال للتحرك ، وحتى لا تستغلهم أية دولة عربية بحجة تحرير فلسطين ، وحينها ينقطع أمل الخارجين منهم بالعودة ، كما يسهل توطين الباقى في الدول العربية .
- نرى ضرورة تقوية الملا مصطفى البرازانى شمال العراق ، بغرض إقامة حكومة كردية مهمتها إشغال أى حكم فى بغداد يريد أن ينادى بالوحدة العربية شمال مملكتنا فى أرض العراق سواء فى الحاضر أو المستقبل،
علما بأننا بدأنا منذ العام الماضى (1965) بإمداد البرازانى بالمال و السلاح من داخل العراق ، أو عن طريق تركيا و إيران .
يا فخامة الرئيس .
إنكم ونحن متضامين جميعا سنضمن لمصالحنا المشتركة و لمصيرنا المعلق ، بتنفيذ هذه المقترحات أو عدم تنفيذها ، دوام البقاء أو عدمه ..
أخيرا .
أنتهز هذه الفرصة لأجدد الإعراب لفخامتكم عما أرجوه لكم من عزة ، و للولايات المتحدة من نصر وسؤدد ولمستقبل علاقتنا ببعض من نمو و ارتباط أوثق و ازدهار .
المخلص : فيصل بن عبد العزيز
ملك المملكة العربية السعودية
انتهى نص الرسالة كما ورد فى كتاب ( عقود من الخيبات ) وأظن أننا جميعا نعرف ما تم تنفيذه من مقترحات الملك ، الرسالة أزالت الغشاوة عن العيون وأظهرت حقيقة بعض الشخصيات ونوع الأدوار التى قاموا بها على مسرح الأحداث .
تحليل:
بعد ان عُرضت الرسالة الوثيقة كما وردت، نشير الى أن العديد من هذه الوثائق المحفوظة في مركز الوثائق التابع للمكتبة البريطانية وايضا مكتبة المتحف البريطاني، هذه الوثيقة تكشف عن عدد من الحقائق الخطيرة التالية:
1- علاقة المملكة السعودية بالمخابرات الامريكية بشكل عام بإعتبارها من تسلم امر المملكة من المخابرات البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية.
2- علاقة الملك فيصل بالمخابرات الامريكية بل وخضوعه التام لها وربط قضية استمرار العرش السعودي بقوة هذه العلاقة وتطورها.
3- تكشف الوثيقة العلاقات السعودية الاسرائيلية بل ان فيصل يطلب من الولايات المتحدة مساعدة اسرائيل لضرب مصر في عهد عبد الناصر بسبب دعوة الاخير لمنهج الوحدة العربية.
4- ان المملكة السعودية تبذل جل جهدها لتقويض اي عمل عربي مشترك ولتقويض فكرة الوحدة العربية التي كانت ناشطة في ذلك العصر (عصر الستينات والسبعينات).
5- دعوة اسرائيل للاستيلاء على الضفة الغربية كي لايفسح المجال للفلسطينين المطالبة بحقوقهم.
6- التحريض المباشر والعلني لضرب مصر بل ولاحتلالها لاجل اضعافها وتحجيم دورها العربي.
7- التحريض المباشر لضرب سوريا باعتبارها قوة عربية فاعلة.
8- تحريض الاكراد في عهد الملا مصطفى البارزاني (وليعذرني الاخوة الاكراد لانني انقل الموضوع كما ورد لي).
9- الاشتراك في اغتيال جمال عبد الناصر بالاتفاق مع الموساد الاسرائيلي كما ذكرت وثائق اخرى، وكان ذلك بعلم وموافقة السعودية لايصال السادات للسلطة.
والان يمكن لنا ان نفهم العمل السعودي على امتداد تاريخها وكيف انها قد قوضت جل العمل العربي واسقطت معظم المشاريع العربية الصادقة لتحرير فلسطين والتنمية واحلت محلها مشاريع تدميرية تخريبية غايتها الوحيدة الحفاظ على عرش المملكة السعودية والحفاظ على "إسرائيل"، وهذا التصور يقودنا إلى العلاقة الحالية القوية بين السعودية و "اسرائيل" والتي تحولت من السر للعلن وكما سر عدائها الشديد لحزب الله والمقاومة الفلسطينية والعراقية.