لا تقلقوا عـلى لبنـان ،حــالة مخــاض، ونـــذر ولادة وتغيـير للـواقع، والمـوقع\\ محمد محسن
مقالات
لا تقلقوا عـلى لبنـان ،حــالة مخــاض، ونـــذر ولادة وتغيـير للـواقع، والمـوقع\\ محمد محسن
محمد محسن
21 تشرين الأول 2019 , 15:40 م

لا تقــلقوا عـلى لبنـان ، حــالة مخــاض ، ونـــذر ولادة وتغيـير للـواقع ، والمـوقع
لا عـودة إلى الـوراء ، نهـوض شعبي ، وغـربلة ، وخـروج مـن الوصـاية وعلـيها
دعوا جعجع القاتل ، وجنبلاط الموتور ينزون عن حقدهما ، لأنهما في حالة موات.

يجب أن نعترف أن زخم التحرك الشعبي في لبنان جاء عفوياً ونبيلاً ، وابناً شرعياً لحالة مخاض طويلة ، ومريرة ، تمر فيها المنطقة ، منذ أن قتل الحريري ، فمن لبنان كانت الشرارة التي أشعلت السهل ، وامتدت إلى المنطقة ، ولم تكن لبنان الغاية والمقصد ، بل اعتمدت كأرضية انطلاق لتدمير شقيقتها سورية ، وتدمير سورية يعني وبدون عناء تدمير لبنان ، لذلك كانت لبنان أرض الحريق الأول ، وأرض الاستفاقة الأولى التي كللت بنصر تموز ( نصر المقاومة ) ، ولا تقللوا من نصر ( لقاء العماد عون ، وحسن نصر الله في كنيسة مار تقلا ) من هنا كانت البداية .
لم تترك قوى العدوان سلاحاً ، أو مرضاً ، إلا ونثرته في حارات لبنان ، حتى أوصلت ( طرابلس الشام العربية ) إلى الرايات السود ، بل أوصلت لبنان كله إلى حالة اختناق اجتماعي ــــ سياسي ــــ اقتصادي ـــ أخلاقي ، ولولا المقاومة المنتصرة لخسر لبنان هويته " ليس في هذا مبالغة " .
ولكن ما مر في لبنان ورغم فداحته ، لا يمكن أن يقارن بما مر على سورية ، لأنها كانت الغاية ، والمقصد ، فهي العقدة ، الذي جاء الغرب كله لفكفكتها ، بكل أسلحته ، مع كل ذيوله ، وأتباعه ، وعملائه ، مستنفراً جميع الحركات الاسلامية ، لقتل سورية ، وإلغاء هويتها .
وبقتل سورية ، وإلغاء هويتها ، لا يغتالون نزوع شعوب المنطقة للخلاص من ( الإلحاقية للغرب الاستعماري ، والتبعية له ، وحالة الضياع التاريخية ، حد غياب العقل والعقلانية ) ، بل يغتالون الشرق كله بكل أحلامه وأمانيه ، لأن سورية بوابة الشرق ، ونافذته نحو العالمية .
لكن سورية [ وبتحمل شعبها من المرارات ، ما لا تتحمله الجبال الراسيات ] ، وبطولات جيشها ، بحلفائها ، تمكنت ليس من وقف الهجمة ، بل من لي عنق المعتدين بكل هوياتهم ، وعلى الأخص ، والأعم ( أمريكا ، واسرائيل ) .
[ هذا الانتصار قلب المعادلة ، من حالة الهجوم لمعسكر العدوان بكل تشكيلاته ، الدولية ، والمحلية ، وحتى العملائية ( عملاء الداخل ) ، إلى حالة الدفاع ، عن بعض المواقع التي لايزالون يسيطرون عليها ، ] .
من هذه الصورة البنورامية ، يمكننا أن نطل على واقع التظاهر العام الايجابي في لبنان ، ونقف أيضاَ على حالة الهيجان الحاقد ، لكل من جعجع ، وجنبلاط ، وبعض العملاء الملحقين بهم ، ودفاعهم المستميت عن مواقعهم الأخيرة الرطبة ، التي لايزالون يحاولون الامساك بها .
ولكن الغريب وغير المألوف ، رؤية الحريري ــــ سعد الغر في السياسة ــــ الذي أُلزم بحمل قميص أبيه بوجه سورية ، والمقاومة ، الذي سيحاول الابتعاد هو وبعض من أنصاره عن مواقع جنبلاط وجعجع ، وسيتركونهما لوحدهما ، يتحملان عبء ما جنته عليهما مطامعهما ، وممارساتهما ، وعمالتهما ، كما وسيتخلى عن الكثيرين من الذين التحقوا ، أو الحقوا به ، أولئك الذين غاروا بعيداً في كهوف الظلام الاسلامي ، وصولاً إلى الرايات السوداء .
لا يجوز أن نقيم ما يحدث في لبنان الآن ، على أنه الموجة الثانية من " الربيع العربي " في هذا ظلم وقصر نظر ، بل هي بنت شرعية لنسائم الحرية التي هبت من سورية ، واستفاقة جنينية في طريقها للتبلور ، والدليل القاطع المانع ، اختراقها لكل العوائق القديمة ، وعبورها للطوائف والمذاهب .
طبعاً القديم العميل لن يستسلم بسهولة ، وسيدافع عن مواقعه ، وسيعبر عن ذلك بكل وقاحة كما فعل " الفاعور ، لسان جنبلاط " عندما صرح ولأول مرة عن عدائه السافر للرئيس عون وتياره ، ولكنه وقع في الحفرة عندما أدان العهد وأعلن براءته منه ، ولكنه تناقض مع موقفه هذا ، وأعلن بقاءه حكومة العهد الذي يقارعه .
نعم هي التفافة ناقصة وغبية ، ولكنها أخذت العبرة من تسرع جعجع ووقوعه في فخ الاستقالة ، لأن هذه السقطة ستسقط جعجع وإلى الأبد .
لا تخافوا على لبنان ، لأن حاميها حزب الله ، الذي أوقف اسرائيل على ساق واحدة ، وهو الذي حرر الحدود ، والجرود مع الجيش اللبناني من داعش وغيرها .
لن نبالغ ونقول أن التظاهر الواسع الذي شمل كل لبنان ، متبلور ويحمل برنامجاً تقدمياً ، واضحاً ، ولكن التغيرات الجذرية ، الدولية ، والمحلية ، التي لا تشير بل تؤكد : على انه مخاض الإيجابي فيه أقوى من السلبي لأن :
ــــ اسرائيل باتت ملجومة .
ــــ وأمريكا بدأت تتخفف من مسؤولياتها في المنطقة .
ـــ والسعودية هي الخاسر الأكبر لدورها في لبنان .
لكن الأهم والذي يجب التأكيد عليه :
أن ما يحدث في لبنان سيكون بمثابة كرنفال أمام ما سيحدث في جميع الدول العربية ، لأننا أمام حالة انسلاخ عن مرحلة الوصاية الغربية ـــ الاسرائيلية ، إلى حالة الامساك بالهوية ، ولكن هذه الانتقالة لن تتم بيسر كما نرغب ، ولكنها حتمية التحقق .
نعم سنشهد حالة تردد ، وانتقالات ، غريبة ودراماتيكية ، لأن السعودية ، ومصر ، والامارات ، على وجه الخصوص ، قد بدأت تتشكك في جدوى الحماية الأمريكية ، لذلك هي الآن في مرحلة الحيرة والتردد ، وسنجدها بعد لأي تبحث عن طريق للتقارب مع سورية ، وزاحفة ولكن ببطيء نحو المشرقية .

المصدر: وكالات+إضاءات