جرد الحساب, ونحن على أبواب مئوية الدولة الأردنية الحديثة، التي قامت على قواعد سايكس - بيكو  ووعد بلفور
مقالات
جرد الحساب, ونحن على أبواب مئوية الدولة الأردنية الحديثة، التي قامت على قواعد سايكس - بيكو  ووعد بلفور
27 تشرين الأول 2019 , 14:01 م
إضاءات سريعة على تاريخ الاردن منذ المعاهدة البريطانية وصولا لمشروع الوطن البديل بالوقت الراهن ..

 

ونحن على أبواب مئوية الدولة الأردنية الحديثة، التي قامت على قواعد سايكس - بيكو  ووعد بلفور ، ووصاية الانتداب البريطاني ، ناضل الشعب الأردني للخلاص من نير المستعمر البريطاني ، ورد فورا على معاهدة الإذلال البريطانية بعقد مؤتمرة الوطني العام الأول في عمان وخرج بقراراته الوطنية الثلاثة عشر ، التي مازالت للآن دليلا وطنيا وقوميا لشعبنا ، وتوالت الثورات ضد سياسات الانجليز ، والتصدي لها بنفس الوقت الذي تصدت به القبائل الأردنية لغزوات الوهابيين الإرهابية الثلاثة عشر،وعانى المناضلون من شعبنا السجن والنفي والتشريد إلى ان تحقق الاستقلال المنقوص عام 1946 ؛ وأقول منقوصا لان المعاهدة البريطانية بقيت جاثمة على صدر البلاد وكان تصريف الامور يتم تحت إشراف المفوض البريطاني وقائد الجيش

(كلوب باشا ) ، وماهي الا سنتين حتى قامت دولة اسرائيل على أرض فلسطين ، وباسم الوحدة العربية ألحقت الضفة الغربية عام 1950 بالاردن كوديعة مؤقتة ، استردتها عام 1967.

في الخامس من حزيران استطاعت القوى الوطنية التي طالبت( بتعريب الجيش) وإلغاء المعاهدة مع بريطانيا ان تحقق اهدافها عام1956 بطرد (الجنرال كلوب) والغاء حكومة (النابلسي) البرلمانية للمعاهدة مع بريطانيا،مما أدى لوقف المعونة الإنجليزية لتحل محلها المعونة الامريكية؛ضمن مشروع (الفراغ في الشرق الأوسط) الذي طرحه الرئيس (ايزنهاور) عام 1958 .

وهنا ومنذ الانقلاب على حكومة (النابلسي) تم مطاردة الوطنيين،والحزبيين الشيوعيين، والبعثيين ،والقوميين؛ وزجهم بالسجون لتفريغ البلاد من أية قوى تتصدى للسياسات الأمريكية، وفتحت سجون : (الجفر والمحطة والعسكري وزنانن المباحث )ابوابها لتغلق القضبان على ارتال عديدة من الوطنيين الاحرار، ومن كان يخرج منها كان ينفى بعيدا عن اهله واسرته ..

كانت حرب حزيران فاصلا في حياة الدولة اذا سقطت الضفة واستقبلت الاردن مئات الآلاف من النازحين ، انظموا الى مئات الآلاف من اللاجئين الذين عبروا النهر عام 1948.

وهنا تقدمت فصائل المقاومة الفلسطية رافعة شعار( تحرير فلسطين من البحر للنهر ) وتقبلها الاردنيون بصدر رحب واحتضنوها بكل قوة ، لكن الاسرائيليين بحجة ملاحقة هذه الفصائل عبروا نهر الاردن يوم 21 آذار عام 1968 ودارت (معركة الكرامة ) مع الجيش الاردني،الذي استطاع دحرهم ليحقق اول انتصار على (الجيش الذي لا يقهر) وكانت معركة حاسمة ، لم تحقق اسرائيل بعدها ولغاية الآن اي انتصار عسكري لا في الاردن ولا سوريا ولبنان ومصر وحتى قطاع غزة بعد انسحابها منه، 

لكن الملفت للنظر ان المقاومة التي يفترض بها وكما اعلنت(تحريرها ) من النهر إلى البحر ، أن أعلنت شعار ( كل السلطة للمقاومة ) ومارست سياسة واسلوب دولة داخل دولة،إلى ان حصل صدام ايلول عام 1970 ،وخرجت بعده هذه الفصائل إلى لبنان ،ثم من لبنان إلى تونس ، وتوقيع عرفات لاتفاقية (سلام الشجعان) في واشنطن وفقا لبنود اوسلو، التي ادت لسلطة الحكم الذاتي الحالية في رام الله .

بعد احداث ايلول تم ما يلي :

اولا :

تسليم قطاع التعليم بالكامل للإخوان المسلمين ، واسلمت المناهج تحت إشراف إخوان تخرجوا من الجامعات الأمريكية،والغاء كل كتاب يترك مجالا للتفكير العلمي وفي مقدمتها الغاء تدريس الفلسفة .

ثانيا :

إدخال الاردن في متاهة المديونية والاستدانة من اجل انشاء المشاريع الخدمية في الأساس، مع هامش ضيق من بعض الصناعات التحويلية والقليل من التعدينية .

ثالثا :

مع المديونية وتراكمها التي بلغت التعادلية مع كامل الانتاج القومي ، ظهرت طلائع الفساد واضحة بثراء بيروقراطية الوزراء ورجال المقاولات واوساط التحالف الطبقي الحاكم .

رابعا :

زج البلاد في النمط الاستهلاكي الذي زاد من الاستيراد وقلص التصدير ، وزاد من الفجوة المتسارعة في ميزان المدفوعات .

خامسا:

صم الأذان كليا عن كل نصائح الوطنيين الشرفاء الغيورين على وطنهم .

سادسا :

تم كل ذلك بغياب سلطة الشعب كليا بانعدام وجود مجلس نواب منذ احتلال الضفة الغربية رغم قرار قمة الرباط 1974 باعتبار منظمة التحرير ممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني وما تلاه بقرار(فكالارتباط)الاداري والقانوني مع الضفة 31تموز 1988 ،وبسبب هذه السياسات الرعناء تم انهيار الدينار وتم تعويمه؛ فهبط الى اقل من النصف قياسا بسعر صرف الدولار مما ادى لثورة شعبية عارمة في كلالمدن الاردنية عرفت (بهبة نيسان المجيدة) 1989،قادها الحزب الشيوعي الاردني واعطاها مضامينا سياسية واقتصادية في أحجمت الاحزاب والقوى الاخرى ، -التي كانت تملأ الصالونات جعيرا- مما ادى لزج كوادر الحزب التي قادت المظاهرات في معتقل (سواقة) الصحراوي،ونجم عن هذه الهبة إلغاء الاحكام العرفية التي استمرت 32 عاما وما نجم عنها من محاكم وقوانين استثنائية، ولكن بسبب العجز عن تسديد المديونية اخضعت الاردن لسياسات (صندوق النقد والبنك الدولي )بما سمي (برنامج الاصلاح الاقتصادي ) ،بحجة سد العجز في الموازنة وتسديد المديونية ..

هنا بدات اخطر مرحلة تستهدف الوطن والشعب معا من خلال السياسات التالية :

اولا :

إعادة الغاء دور مجلس النواب من خلال قانون الصوت الواحد وما تلاه من تعديلات اسوأ منه ، مما ادى عمليا الى الاخلال بالمادة السادسة من الدستور والتي تنص على ان الشعب مصدر السلطات.

ثانيا :

اصبح التدخل في استقلالية السلطات الثلاث نهجا ثابتا ، مما افقدها دورها الدستوري.

ثالثا :

تم وقف الدعم على المواد الاستهلاكية ،وبدأ تصفية القطاع العام بشكل متسارع ،والتعويض عن وارداته بالضرائب المتراكضة التي افقرت الشعب وجردت الوطن من موارده الاقتصادية .

رابعا:

تركت هذه العملية التي سميت (الخصخصة)وإعادة الهيكلة، لمجموعة من المرتزقة المشكوك في ولائهم للوطن ، حيث وصل الامر لبيع الميناء الوطني ، واكبر مطارات الدولة ،مرورا بكل ما بينهما ،حتى ارض الوطن نفسها لم تسلم من البيع .

خامسا :

تفكيك كل المؤسسات والقوى التي عرفت تاريخيا بدفاعها عن الوطن وكيانية الدولة .

سادسا: تم فرض تعديلات دستورية ابعدت الشعب عن حقه في الرقابة والمساءلة .

سابعا :

تشكيل دولة داخل دولة من خلال ما سمي (بالهيئات المستقلة)  التى جعلت الحكومة -التي يفترض بها انها الولاية العامة - إلى مجرد مهرج في سيرك الاطفال ، وخصصت هذه الهيئات لاستنزاف الموازنة المستنزفة اصلا ، علنا وعلى رؤوس الاشهاد.

السؤال المطروح على كل لسان هو:

هل يجري اعداد البلاد لمشروع الوطن البديل كما هي الخطة الاسرائيلية التي تتبلور على قدم وساق ..؟؟!

ويضاف للسؤال نفسه ، من هي القوى الداخلية التي تسير في نفس المؤامرة .. ؟!!

يظل هذا السؤال برسم الإجابة من المسؤولين الاردنيين على مختلف المستويات ...!!!!

المصدر: وكالات+إضاءات