حيث توجد مُشكلة ابحث عن الأصابع الأمريكية التي تقف وراءها, امريكا في حرب مُعلنة مع الصين, تربط الصين بالباكستان مصالح إقتصادية واستثمارات ستنعكس إيجاباً على الشعب الباكستاني, فطريق الحرير الصيني يمر عبر باكستان ومنها يستكمل دربه حتى يصل لأوروبا عبر أسيا, لا نفكك لغزاً حين نكتب عن المؤامرة الأمريكية, فالحرب الإقتصادية الأمريكية على الصين مُشهرة ومُعلنة ومن لا يراها أعمى.
إضاءات تقدم لكم هذه الدراسة الهامة دون تبنٍ لكل ما ورد فيها وتضعها بين أيديكم.
إضاءات
تصعيد دامٍ جديد شهده الخط الفاصل بين منطقتي السيطرة في إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان، بعد أن اعتقد كثيرون أن الأمور هدأت نسبيا في أعقاب توتر أشعله القرار الهندي إلغاء الوضع الخاص للجزء الخاضع لسيطرتها من الإقليم.
ورغم أن التصعيد ليس الأول من نوعه، إلا أنه الأكثر دموية منذ قرار نيودلهي في أغسطس/آب الماضي، فيما تستعر حرب التهديدات المتبادلة والاستعدادات العسكرية واستمالة القوى الكبرى، على نحو يوحي بأن المواجهة باتت أمرا حتميا، ليتجدد التساؤل: هل تستخدم الدولتان سلاحهما النووي في تلك المواجهة المحتملة؟.
دماء المدنيين
مصادر رسمية باكستانية أكدت في آخر حصيلة بشأن الأحداث، مقتل 5 أشخاص وإصابة عدد آخر جراء قصف هندي على قرى كشميرية قرب خط السيطرة الفاصل بين شطري كشمير في وادي نيلم، وأفادت المصادر ذاتها بأن القوات الباكستانية ردت على مصادر إطلاق النار، وأن الوضع في قطاع نيلم جيلم الكشميري متوتر جدا.
وعن حصيلة ضحايا المواجهات، قال المتحدث باسم الجيش الباكستاني آصف غفور: إنها أسفرت عن مقتل تسعة جنود هنود، متهما الجيش الهندي باستهدافه المدنيين متعمدا.
من جهتها، تحدثت الهند عن مقتل اثنين من جنودها ومدني واحد في قصف مدفعي باكستاني، في حين أفادت وكالة أنباء الهند الآسيوية بأن الجيش الهندي قصف معسكرات باكستانية بالمدفعية.
ووصف كل طرف القصف من الطرف الآخر بالانتهاك غير المبرر لوقف إطلاق النار، وأكد كل من الجيشين الباكستاني والهندي أنه رد بقصف أعنف.
رئيس إقليم آزاد كشمير (الشطر الخاضع لسيطرة باكستان)، سردار مسعود خان، وصف إطلاق الجيش الهندي النار على مدنيين، في الإقليم بـ"العمل الجبان"، مهددا بتسليح سكان المنطقة في حال واصلت نيودلهي هجماتها ضد المدنيين.
وهدد: "إذا استمرت الهند في هجماتها ضد المدنيين، فإنه لن يبقى خيار غير تسليح الباكستانيين في منطقتي أزاد وجامو كشمير"، وأضاف أن : الهند تحاول تطبيق "الحرب غير المعلنة" عبر قصفها للمناطق السكنية في المنطقة، وأنها ترفع من التوتر، الذي قد يتسبب في إشعال حرب، عن قصد.
واعتبر أن: "نيودلهي تهدف عبر هذا العمل إلى تحويل أنظار المجتمع الدولي والأمم المتحدة عن جرائمها الإنسانية، وكفاح الاستقلال في المناطق التي تحتلها".
حرب باردة
قد لا ترقى الاشتباكات المتبادلة التي تقع بين الحين والآخر إلى وصف الحرب الشاملة، لكنها مناوشات تدخل في سياق الحرب الباردة، التي يحاول كل طرف فيها استنزاف الطرف الآخر دون الدخول في مواجهة عسكرية كبيرة.
ولعل تلك الحرب خرجت بعيدا عن نطاق جغرافيا الإقليم المتنازع عليه، حتى تحولت إلى ما يشبه الحرب بالوكالة، حيث دأب الطرفان على استمالة القوى الكبرى في صفهما، لتقوية موقف كل منهما أمام المجتمع الدولي.
قالت تقارير إعلامية: إن الموقف المتشدد الذي اتخذته الصين بدعم باكستان في صراعها مع الهند حول كشمير، رغم قمعها مسلمي الأويجور، جاء من منطلق إدراكها أن التحركات الهندية في كشمير لم تكن إلا بضوء أخضر من واشنطن لاستهداف المصالح الصينية.
وهو ما يفسر عدم وجود موقف قوي داعم من السعودية والإمارات نحو باكستان، على العكس كان الموقف الإماراتي منحازا للهند، باعتبارهما من حلف واشنطن.
تصعيد رئيس وزراء الهند "ناريندرا مودي"، الهندوسي المتطرف، جاء في أعقاب عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يتوسط في القضية، حيث زعم "ترامب" أن "مودي" طلب منه التوسط في النزاع حول كشمير.
التحرك الهندي أيضا جاء في ظل حرب تجارية شرسة تخوضها واشنطن على كل المستويات مع الصين، والمتابع للحملات الانتخابية الرئاسية داخل الولايات المتحدة يلاحظ على الفور أن بكين هي العدو القومي الأول لواشنطن في سياسة ترامب.
ومعنى تنشيط جبهة الصراع الهندي الباكستاني، بضوء أخضر أمريكي، فتح جبهة خامدة من الصراع على حدود الصين وهو ما سيمثل إرباكا للقيادة الصينية وتشتيتا لها على أقل تقدير، بحسب التقارير.
الرد الصيني القوي على التصعيد الهندي جاء عبر بيان للخارجية، جاء فيه: "واصلت الهند مؤخرا أفعالها التي تضر السيادة الصينية وذلك بإقدامها على تغيير قانون محلي"، مضيفة أن: فرض الهند سيادتها على لاداك كجزء من كشمير يعني ضم أراض صينية.
الصين بدت مدركة بشكل جيد أنها المقصود فعليا من وراء ما فعله مودي في كشمير، ربما أكثر حتى من باكستان، لذلك كان لافتا أن توجه صحيفة "جلوبال تايمز" الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم في بكين دعوة إلى المسلمين حول العالم للتوحد في وجه الخطوة الهندية بخصوص كشمير.
وتستثمر الصين أكثر من 50 مليار دولار في البنية التحتية في باكستان بغرض شق مبان وطرق سريعة وكباري ومدن ومحطات لتوليد الطاقة، كجزء من مشروع يسمى "الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان" يهدف إلى ربط إقليم زينجيانج الصيني بإقليم بلوشستان الباكستاني على البحر العربي.
المشروع جزء من مبادرة الحزام والطريق التي تسعى من خلاله بكين إلى إحياء طريق الحرير القديم الذي يمر من خلال أكثر من 100 دولة حول العالم.
على الجانب المقابل، لم تكتف باكستان بالدعم الصيني الكبير، وراحت تخطب ود الغريم التاريخي للولايات المتحدة، حيث أعربت إسلام آباد عن أملها في أن تتمكن روسيا، من دفع مجلس الأمن الدولي نحو تسوية النزاع في كشمير.
وقال رئيس الشطر الباكستاني من الإقليم: إن سلطات بلاده تنتظر دورا بناء لروسيا وقيادتها في الأزمة، مشيرا إلى أن بلاده ممتنة لروسيا على موقفها من النزاع والذي أعلنته خلال جلسة مجلس الأمن الدولي في 16 أغسطس/آب الماضي.
احتمالية المواجهة
إذن فالمعطيات كلها تقود إلى حتمية المواجهة العسكرية بين البلدين، لكن كونهما قوتين نوويتين، فإن إمكانية استخدام أحدهما أو كلاهما لهذا السلاح الفتاك تبقى غير مستبعدة، ولعل التهديدات المتبادلة تحدثت بتصريحات وتلميحات في هذا السياق، قد تخرج عن كونها تهديدات فقط إلى خانة التطبيق العملي.
بعد أيام من القرار الهندي، قال وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ: إن بلاده تحتفظ لنفسها بحق تغيير سياستها بخصوص "الضربة الأولى" الخاصة باستخدام الأسلحة النووية، لافتا إلى أن مستقبل تلك السياسة مرهون بالظروف.
والضربة الأولى أو الاستخدام الأول هو تعهد أو سياسة من قبل قوة نووية بعدم استخدام القنابل الذرية وسيلة للحرب إلا إذا هاجمها الخصم أولا باستخدام النووي.
وأكد سينغ: أن بلاده رغم تمسكها بسياسة الضربة الأولى التي كانت حجر الزاوية لإستراتيجية نيودلهي في استخدام الأسلحة النووية، فإن ما يحصل في المستقبل سيكون مرهونا بالظروف.
بعدها بأكثر من شهر ومن على منصة الأمم المتحدة، حذر رئيس وزراء باكستان عمران خان من أنه سيكون هناك "حمام دم" في كشمير، محذرا من أن نشوب حرب شاملة بين الدولتين النوويتين سيعني امتداد تأثيرها إلى خارج حدودهما.
وطالب خان الهند بضرورة رفع الحصار الذي تفرضه على نحو 8 ملايين مسلم في إقليم كشمير، وتحرير السجناء ولا سيما الأطفال الذين اختطفتهم قوات الأمن الهندية إلى جهة مجهولة.
وأعرب رئيس وزراء باكستان عن خشيته من مواجهات جديدة بين القوتين النوويتين المتنافستين، وقال: إنه إذا بدأت حرب تقليدية بين البلدين فكل شيء يمكن أن يحصل، مشددا على أن باكستان: "الأصغر سبع مرات من جارتها" سيكون أمامها خيار صعب: "إما الاستسلام وإما النضال من أجل الحرية حتى الموت".
وخاضت الهند وباكستان ثلاث حروب في أعوام 1948 و1965 و1971 اثنتان منها في إطار الصراع على كشمير، مما أسقط قرابة 70 ألف قتيل من الطرفين.
سيناريو المواجهة العسكرية يعززه ما يتمتع به الإقليم من أهمية إستراتيجية كبرى للقوتين النوويتين، بالنسبة للهند فإن تلك الأهمية جعلتها شديدة التمسك بها على مدى أكثر من خمسين عاما رغم الأغلبية المسلمة بها ورغم الحروب التي خاضتها واستنزفت من مواردها البشرية والاقتصادية الكثير.
تعتبرها الهند عمقا أمنيا إستراتيجيا لها أمام الصين وباكستان، كما تنظر إليها على أنها امتداد جغرافي وحاجز طبيعي مهم أمام فلسفة الحكم الباكستاني التي تعتبرها قائمة على أسس دينية مما يهدد الأوضاع الداخلية في الهند ذات الأقلية المسلمة الكبيرة العدد.
وتخشى الهند إذا سمحت لكشمير بالاستقلال على أسس دينية أو عرقية أن تفتح بابا لا تستطيع أن تغلقه أمام الكثير من الولايات الهندية التي تغلب فيها عرقية معينة أو يكثر فيها معتنقو ديانة معينة.
أما أهمية إقليم كشمير بالنسبة لباكستان التي تعتبرها خطا أحمر لا يمكن تجاوزه أو التفريط فيه، فهي تعتبرها منطقة حيوية لأمنها وذلك لوجود طريقين رئيسيين وشبكة للسكة الحديد في سرحد وشمالي شرقي البنجاب تجري بمحاذاة كشمير.
ينبع من الأراضي الكشميرية ثلاثة أنهار رئيسية للزراعة في باكستان مما يجعل سيطرة الهند عليها تهديدا مباشرا للأمن المائي الباكستاني.
مواجهة نووية؟
في هذا الإطار، تناولت دراسة أمريكية حديثة خطر نشوب حرب نووية بين الهند وباكستان، وسط ارتفاع حدة التوتر بين الجانبين بشأن الأزمة الراهنة في إقليم كشمير.
وأفادت الدراسة التي نشرتها مجلة "ساينس أدفانسيز" بأن دخول البلدين في حرب نووية قد يودي بحياة 125 مليون شخص إذا استخدمت الهند 100 رأس نووي لمهاجمة المراكز الحضرية، واستخدمت باكستان 150 رأسا.
وأضافت أنه: اعتبارا من عام 2019، باتت كل من الهند وباكستان تمتلك ما بين 140 و150 رأسا نوويا، لكن العدد قد يرتفع إلى 200 أو 250 لكل منهما بحلول العام 2025، وذكرت الدراسة أنه يمكن للصواريخ الباكستانية أن تصل إلى جميع أنحاء الهند من خلال أنظمة الإطلاق الأطول مدى.
وبما أن الهند بها نحو 400 مدينة يضم كل منها أكثر من 100 ألف شخص، فيُحتمل أن تهاجم باكستان أكثر من ثلث المدن المتوسطة والكبيرة في الهند بترساناتها الحالية وأكثر من الثلثين بحلول العام 2025.
وأضافت أن: مدى الصواريخ المملوكة لنيودلهي يسمح لها بالوصول إلى كافة أراضي باكستان الآن.
وقالت الدراسة: إن الهند لا تحتاج الكثير من الأسلحة لمهاجمة باكستان، حيث إنها أصغر حجما، لكن الهند قد تفقد عددا أكبر من القتلى حيث يبلغ عدد سكانها ستة أضعاف عدد سكان باكستان.
وتابعت: "ستحدث كارثة إقليمية إذا انخرطت الهند وباكستان في حرب نووية واسعة النطاق".