حالة استنفار ، واستخدام للإحتياطي ، لأنها معركة وجود، للمعسكر المهزوم
جعجع ارتكب سقطـته الأخيرة ، والحـريري؟ هل سيـعود إلى الرايات الـسود
واقع لبنان المعقد ، المناصفة ، والمحاصصة ، من المستحيل حلـها بمسيرات
قبل أن نقتحم الواقع المعقد في لبنان ، بل الشديد التعقيد ، فكل من يعتقد أن حل عقده ستأتي عبر مسيرات هو واهم ، ومع كل ذلك ، لابد من الاشارة إلى الانجاز الأهم الذي حققه الحراك الشعبي المشروع ، ألا وهو فتح الفرصة أمام الرئيس عون ، وحليفه حزب الله ، لطرح ملفات الفاسدين والمفسدين مجدداً ، والتي كان قد حال دون ذلك ، ( التحالف الاضطراري ) مع تكتل الحريري ذاته المتورط في الفساد ، وتهديد المفتي دريان ، الذي اعتبر فتح ملف " فؤاد السنيورة " خط أحمر ، لذلك وإن مَكَّنَ الواقع من تشكيل وزارة تتمتع بحيز من الحرية ، سيكون تحقيق نقلة جزئية لكنها هامة أمراً ممكناً .
ومع ذلك ومن خلال هذه البداية ، لا يجوز أن نستخف بهذه المعركة ، لأن معسكر الأعداء يعتبرها معركته الأخيرة ، ونحن نعتبرها مرحلة التصفية ، ومعركة الفصل ، وما دامت كذلك سيحشد لها العدو كل طاقاته الاحتياطية ، للدفاع عن مواقعه الأخيرة ، وعن حالة وجوده ( حالة البقاء ) ، وسيستخدم كل أدواته الحادة ، حتى أسنانه ، لأنها المعركة الأخطر ، التي قد تستدعي مواجهات دامية ، كان محور المقاومة لا يرغبها ، لأنها ستترك أثلاماً ، وانشقاقات اجتماعية ، كان من الأفضل تجاوزها ، ( ونذكرهم ب / 7 / أيار ) ، ولكن إن نزلوا إلى الميدان سعياً وراء المواجهة ، يجب أن يُواجهون بكل شدة ، حتى تجتث كل مواقع قوتهم ، وتعريتهم سياسياً ، واجتماعياً ، ودفعهم نحو أكوام النفايات التاريخية .
ومع كل ذلك لا يجوز أن نتجاهل التعقيدات المطلوب حلها ، والمستحيلة الحل ضمن هذه الظروف الانتقالية ، والتي تعتبر خاصية لبنانية ، وأهمها المناصفة الطائفية ، والمحاصصة المذهبية ، والتبعية المصرفية ، والأشْراك ، والحواجز التاريخية ، التي نصبتها الدول الغربية بين مكونات المجتمع الواحد ، هذه المصاعب والأشراك كان لبنان لوحده يتصف بها في المنطقة ، حتى جُر العراق من قبل ( برمر ) أمريكا إلى مواقع المحاصصة الطائفية ، لذلك هو يشبهها الآن في ثلاث صفات أيضاً :
حالة التظاهر المشروع .
والمحاصصة ، والتعقيدات الاجتماعية ــــ الاقتصادية .
وعبث معسكر الأعداء ، والعملاء ، في التظاهر وأخذه إلى حيث لا مصلحته .
واستحالة حل كل هذه التعقيدات في البلدين بالتظاهر .
ويضاف إلى كل هذا :
نكوص سعد الحريري ، وتخليه عن الرئيس عون المتحالف مع حزب الله ، الذين مدا أيديهما لِعونهِ ، عندما كان في عُسره في السعودية ، وعودته إلى ذات المواقع ، التي تلاقت بها القطعان وتجمهرت بعد مقتل الحريري الأب ، حتى وصل الكثير منها مع " عقاب صقر " إلى دعم ورفد الرايات السود .
وأحياناً أجد لهذا الغر في السياسة ، وفي الوعي ، بعض التبرير لأنه دُفع دفعاً , وحُمِّلَ حَمْلاً لِحَمْلِ قميصِ أبيه المغدور ، وأخذه موقع القيادة السياسية لتلك القطعان ، وهو القادم من أباطرة المال ، ولا يعرف إلا العيش الرغيد ، والانغماس في الرغبات .
أما جعجع فكانت هذه سقطته الأخيرة ، لأنه أغبى من أن يفهم التحولات الجذرية التي تمت في المنطقة ، وحالات الخسران ، التي وقع فيها كل أسياده ومموليه ، الذين استخدموه ليكون السهم الأخير ، فأعلن العصيان ، وقَطعَ الطرق ، ورفع السقف ، ولكنه خَيَّبَ فَأْلَ مشغليه وخابَ .
يبقى جنبلاط ، الذي ليس عليه من رباط ، غالباً ما يميل بحسب اتجاه الريح ، فإن أصبح الريح غربياً توجه غرباً ، وهذا على الأعم ، ولكن ان تغير اتجاه الريح شرقاً ، ليس من الصعب عليه تغيير الأشرعة شرقاً ، ولكن لو استدار غرباً أو شرقاً ، سيبقى جنبلاط المناور الذي لا يعتمد عليه ، مما يخفف من وزنه للأعداء والأصدقاء .
بكل ثقة أقول :
تجاوز النظام اللبناني كل عقباته ، وتعقيداته [ المناصفة ، والمحاصصة ، والتبعية السياسية ـــ الاقتصادية ] أمراً من المحال الآن ، مهما بلغ التظاهر من قوة ، نعم سيفتح هذا التحرك الباب جزئياً أمام التغيير .
ولكن التغيير والانتقال :
هما رهن ، بالتحولات في المنطقة ، وتحقيق الغلبة للمعسكر المشارقي ، التي ستتم أولاً على الميدان السوري ، لتعم بعده المنطقة ، عندها لبنان سيتمكن تلقائياً من الانتقال إلى الدولة المدنية ، وإلا عبثاً يفعل ، فحل المناصفة ، والمحاصصة واجتثاث الفساد ( نعم رهن بانتقال المنطقة من تحت العباءة الغربية ) وإلا لا .