تعرف على الاسباب الرئيسية وراء ارتفاع الدولار مقابل الليرة السورية
أخبار وتقارير
تعرف على الاسباب الرئيسية وراء ارتفاع الدولار مقابل الليرة السورية
5 كانون الأول 2019 , 12:12 م

كشف رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية "عابد فضلية" لوكالة "اسبوتنيك" اسباب الإرتفاع المفاجئ للدولار متحدثاً عن مسببات سياسية غير موضوعية خارجة عن قدرات وصلاحيات الحكومة الرسمية السورية بما في ذلك مصرف سورية المركزي.

وأرتفع سعر الصرف الدولار مقابل العملة المحلية الليرة خلال الايام الماضية ارتفاعا جنونيا ومفاجئا ليتجاوز في الساعات الماضية 900 ليرة سورية مقابل دولار واحد، وتبدأ بعد ساعات قليلة قيمته بالنزول إلى ما دون 800 ليرة سورية، ما تسبب بحالات هلع لدى السوريين وارتفاع غير مسبوق لأسعار المواد الغذائية والتموينية ووسائل النقل.

وقال فضلية "كل ذلك متوقع ومعروف في ظروف الحرب في أي دولة في العالم، ونحن في سوريا لسنا استثناء، إنما الاستثناء هو الحصار والعقوبات الظالمة وحيدة الجانب التي يتعرض لها الشعب السوري، والتي تم تصعيدها منذ حوالي ستة أشهر ضد سوريا تحت عنوان ما سمي بقانون سيزر الأميركي، الذي تضمن أحكاماً في الحصار والعقوبات غير المسبوقة في الأذى، والتي ركزّت بموجب هذا القانون على تضييق مخزون حركة القطع الأجنبي وعلى قطاع الطاقة، وهددت بالعقوبات أي جهة تتعامل مع الحكومة السورية، ووضعت خططاً قد يمتد تطبيقها إلى خمس سنوات إلى أن تؤتي هذه العقوبات أكلها".


واضاف فضلية إن "الملفت في هذه العقوبات أن قوة تطبيقها وفعاليتها مختلفة سلباً عن أي عقوبات أميركية غربية أخرى على مستويين اثنين، الأول أن هدف التضييق على قطاع الطاقة السوري ليس نظرياً كما كانت التهديدات بالعقوبات سابقاً، بل واقعياً وحقيقياً نظراً لوجود الجنود الأميركيين عند أهم آبار النفط السورية، والاختلاف الثاني عن التهديدات النظرية السابقة بالعقوبات، هو أن التضييق على مخزون وحركة القطع الأجنبي لم يعد فقط على الجغرافيا السورية، بل على جيرانها في لبنان والعراق وإيران، وفي كل حالة هناك هدفان، أولهما إضعاف إيران عن طريق إضعاف أصدقاء إيران في لبنان والعراق، وبالتالي إضعاف سوريا كأحد أهداف قانون سيزر، وثانيهما إضعاف إيران ومعاقبة الدولة السورية عن طريق إشغال إيران بالاحتجاجات لتقليص دعمها للاقتصاد السوري".

وتابع  "كل ذلك، وإضافةً إلى التأجيج الإعلامي، كان سبباً مباشراً في رفع سعر الدولار في السوق السورية خلال الأسابيع الـ 12 السابقة، حيث، وبالنسبة للتأثير المباشر لأحداث لبنان خصوصاً على الوضع الاقتصادي السوري حيث ان قطاع الأعمال السوري بنشاطه استيراداً وتصديراً بهدف تجاوز الحصار والعقوبات، كان يعمل انطلاقاً من أرض ومصارف لبنان، ومن خلال شركات بجنسية لبنانية تسمى شركات وسيطة أسست لهذا الهدف، إلا أنه، وبعد الأحداث في لبنان، انقلب كل ذلك إلى العكس، ليعتمد رجال الأعمال اللبنانيين على القطع الأجنبي المشترى من سوق القطع السورية وعلى شركات وسيطة سورية التي أسست وبدأ تأسيسها لصالح لبنان المعطل بالأحداث، الأمر الذي أسهم في زيادة الطلب على القطع الأجنبي في سوريا، وبالتالي في تفاقم وإرباك سوقين فيها، سوق القطع الأجنبي وسوق السلع الغذائية والضرورية، بعد أن قام الكثير من اللبنانيين بشراء كميات كبيرة نسبياً واخذها بسياراتهم السياحية إلى لبنان تحت تسمية أغراض بصحبة مسافر. ليتجاوز سعر الدولار في السوق السوداء أول هذا الشهر ال900 ليرة سورية، ليعود ويتراجع اليوم إلى أقل من800 ليرة سورية".

وتحدث فضلية  "عن ارتفاع وإنخفاض قيمة العملة الليرة السورية والثاني ارتفاع سعر أو انخفاض سعر الدولار مقابل الليرة السورية، فالأول يتعلق بكثير من العوامل الموضوعية الاقتصادية الإنتاجية والمالية والنقدية، حيث لا تتغير قيمة الليرة السورية، ولا قيمة أي عملة وطنية إلا بتفاعل هذه العوامل لأشهر وسنوات إما سلباً أو إيجاباً، بينما يتأثر الثاني بالعديد من العوامل، منها الموضوعي مثل عدم التوازن بين العرض والطلب على الدولار، وهذا العامل الموضوعي يتأثر سلباً بالعديد من العوامل غير الموضوعية، ومنها كما في الحالة السورية الحذر الاستثماري والميل أكثر للاكتناز والخوف وانطباق مبدأ العملة الرديئة، أي الليرة، تطرد العملة الجيدة من التداول، أي الدولار، أضف إلى ذلك ازدياد الطلب على الدولار من قبل أثرياء الحرب، الشرعيين وشبه الشرعيين وغير الشرعيين، بمن فيهم الساعين لتهريب أموالهم إلى الخارج".

 وعن الطرق التي يجب ان تعملها الحكومة السورية لتتجاوز هذه الأزمة قال فضلية  "إن الإجراءات الإسعافية للجهات الحكومية تتمثل بمعالجة المفاعيل والآثار السلبية لارتفاع سعر الدولار، وهي سبق وأن باشرت بها على أرض الواقع أهمها معالجة حالة قلة المعروض من بعض أنواع السلع الأساسية في السوق، ومنها السكر والشاي والأرز، بسبب حجبها قصداً عن السوق من قبل شريحة من التجار، كونها مستوردة كلياً وتسعّر بحسب السعر المتصاعد للدولار، وعدم استطاعتهم بيعها بأسعار عالية تفوق تسعيرة مديريات التموين خوفاً من تعرضهم للمخالفات والعقوبات".

 

وأكد" أن الجهات الحكومية عالجت هذه المشكلة جزئياً عن طريق تكثيف الرقابة على الأسواق، وتوفير كميات لا بأس بها من هذه السلع لدى منافذ بيع الشركة السورية للتجارة الحكومية ،والبالغ عددها على امتداد سوريا أكثر من 1500 منفذاً وبيعها للمواطنين ضمن ضوابط معينة بأسعار مقبولة نسبياً . إضافة الى معالجة حالة تهافت الطلب على الدولار، حيث عقدت الاجتماعات واتخذت القرارات وحُددت الإجراءات، بما فيها تشديد الرقابة على سوق القطع الأجنبي ولجم أنشطة بعض تجار السوق السوداء والمتلاعبين بأسعار القطع. وإعادة النظر مرة أخرى بقوائم المستوردات وحصر 75% بالمواد الأولية ومدخلات الإنتاج، والتشديد على منع استيراد كل ما هو ليس ضرورياً جداً،  واتخاذ إجراءات رادعة لمكافحة التهريب، مع التركيز على ضرب خطوط ومعاقل المهربين الكبار، بدءاً من الحدود، مروراً بمنافذ البيع، ووصولاً إلى مستودعاتهم في الأقبية والأزقة".

وقال: "بالمحصلة أفلحت هذه الإجراءات الحكومية خلال الأيام القليلة الماضية إلى حد مقبول، حيث هدأ سعر الدولار في السوق السوداء، بل تراجع خلال اليومين الماضيين إلى أقل من800 ل س، خاصةً بعد أن تأكد لشريحة عريضة من المضاربين بأن أسعار الدولار خلال الفترة الماضية تضمنت نسبة وهمية لا تقل عن 30% كما إن السوق لا تشهد حالياً اختفاءً للبضائع والسلع، بل ربما قلة في عرض بعضها، وخاصة بعد أن أعلنت السورية للتجارة عن عزمها بيع عشرات الآلاف من السلل الغذائية للمواطنين بأسعار مخفضة".

من جهة ثانية وعن موازنة الدولة لعام  2020 البالغة 4000 مليار ليرة سورية، قال فضلية: "للمرة الأولى منذ عقود لن تتم كما هو مخطط تغطية عجز الموازنة المتوقع عن طريق التمويل بالعجز بالمعنى التقليدي الذي يُفهم منه طباعة العملة أو الاقتراض من المصرف المركزي، بل بواسطة أدوات مالية حقيقية، متمثلة بالاقتراض الداخلي المدروس بحيث يمكن تغطية خدمته ورده إلى أصحابه من خلال توظيفه في مشاريع استثمارية.

المصدر: اضاءآت