في حديث له قبل بضعة شهور امام قطعان المستوطنين قال نتنياهو للحشد : نحن نعيش في جزيرة معزولة ووسط معادي ، وللحفاظ على كياننا ينبغي ان نكون اقوياء وسط هذا المحيط المعادي ، ولنكون اقوياء ينبغي ان نتزود باحدث أنواع الاسلحة ، وينبغي ان نملك المال اللازم لذلك فمن أين يمكننا الحصول على الأموال اللازمة للتسلح هل من الضرائب ؟ لا
هل من اميركا؟ لا
اذا من أين ؟
من كوننا قوة اقتصادية تغزو العالم العربي والعالم .
انتهى الاقتباس .
ينص البند السابع من اتفاقية وادي عربة
التي وقعت مع الاردن بتاريخ ١٩٩٤ على مايلي :
( يؤكد الطرفان على رغبتيهما المتبادلتين في ترويج التعاون الاقتصادي - ليس بينهما وحسب ، وفي ضمن الإطار الأوسع للتعاون الاقتصادي الإقليمي- ولتحقيق هذا الهدف يتفق الطرفان على ما يلي:
ازالة كافة أوجه التمييز التي تعتبر حواجز ضد تحقيق علاقات اقتصادية طبيعية وانهاء المقاطعات الاقتصادية الموجهة ضد الطرف الاخر والتعاون في مجال إنهاء المقاطعات الاقتصادية المقامة ضد احدهما من " أطراف ثالثة" ) .
وهذا اعلان عداء صريح ضد اي بلد عربي مقاطع ومعادي لعدونا الصهيوني ومشروعه الاستعماري و يصب في صلب نظرية القوة الاقتصادية التي يسعى العدو الصهيوني لامتلاكها .
تلا وادي عربة ونصوصه التي تخدم هذا السيناريو ؛ قانون الاستثمار الذي يمكن الصهيوني من الاستيلاء على الأراضي والمنشئات بالاردن دون ابداء الأسباب ودون ان يتمكن احد من محاسبته اًو اتخاذ اي اجراء لمنعه وهو قانون اخطر من دور الوكالات اليهودية التي ابتلعت فلسطين ، والتعديلات الدستورية التي تمكن مزدوجي الجنسية ومنهم الصهاينة بالطبع من " تولي اي منصب رسمي بالاردن"
ثم تلا ذلك كله اتفاقية وخط الغاز مع العدو ، وسكة الحديد الممتدة من حيفا للعراق للرياض عبر الاردن ، وكل هذه المعطيات كفيلة في ترجمة ما يتطلع له العدو الصهيوني من ازدهار ومنعة اقتصادية وعسكرية عبر
الكونفدرالية مع العدو الصهيوني وهي؛ إلحاق سلطة اوسلو ، والاردن بالعدو الصهيوني ليصبح القوة المركزية التي تدير الكيان الجديد الناشئ وتهيمن عليه وتنبعث قوةاقتصادية تغزو الوطن العربي والعالم .
سبق ان أوكلت للجنرال الاميركي المتقاعد كيث دايتون مهمة خلق قوة وذراع امني لسلطة اوسلو وأصبحت مهمة هذه القوة حماية المستوطنات وبسط سيطرة العدو الصهيوني على نصف فلسطين المحتلة- الضفة الغربية- وفرض السيناريوهات والمشاريع الصهيونية على شعبنا الفلسطيني بالقوة .
ويحتاج شعبنا الاردني لنفس الادوات والأسلوب لفرض السيناريو نفسه لذا فقد جرى توحيد الاجهزة الامنية الاردنية لتتساوق مع الشطر الفلسطيني وتصنع قوة مشابهة لقوة دايتون
وتتولى مهام قمعية مشابهة لمهاما .
ولهذا حسمت المعركة لصالح قطب السلطة المؤهل موضوعياً لإتمام إلحاق الاردن بالصفقة وأعطي جملة من الامتيازات كزيادة الرواتب ومسرحية الباقورة و الغمر
وإطلاق الموقوفين الاردنيين والمناورات العسكرية وبعض وسائل التلميع الأخرى وهو يمارس ترويج وتسويق نفسه عبر التواصل مع الشارع والمكونات الاجتماعية الاردنية .
وبعكس ذلك اعطونا تفسير واحد ينفي ترويج السلطة نفسها لخلق جهاز الدرك من رحم الامن العام قبل بضعة سنوات !!
واذا كان القصد هو توفير النفقات فاليلغوا ٧٤ مؤسسة مستقلة تنفق٢ مليار دولار سنوياً ،
ويعطونا تفسير لحل وحدات من القوات المسلحة في الوقت الذي يحتاج الوطن فيه لتعزيز منعته وتطوير قواته المسلحة.
يرتبط الاردن السياسي موضوعياً بالمشروع الاميركي ويرتهن من الوريد للوريد ، ويجري تهيئته لتقديم الجغرافيا السياسية الاردنية خشبة خلاص للعدو ، وسداً منيعاً بمواجهة محور المقاومة.
لذا فقد سبق ان جرى تعطيل وتكبيل شعبنا وقواه الحية وتعطيل وعيه ومصادرة ارادته تمهيداً للعب الأدوار التي تناط به
وكان أكثرها خطورة واشدها ضرراً هو ما يعد ويحاك له راهناً.
الاردن على مفترق طرق وتحديات بقاء اًو زوال مصيرية.
ناجي الزعبي
عمان ١٧/١٢/٢٠١٩