لَعِــبَتْ أمــريكا بــكل رصــيدها (صولـدْ) ، فكشفـتْ كل أوراقها ، وخسـرت رصيدها
الرئيس عون ، أعاد العرب المسيحيين إلى هويتهم ، وأعاد لبنان (الضعيف) إلى قوته
هل انتــهت الحـريرية السياسية ، وهـل انتهاؤها اعـلان للفـكاك من الأسـر الأمريكي ؟
أجد من واجب كل باحث منصف ، أن ينوه إلى الموقف التاريخي الكبير ، الذي اتخذه الرئيس ميشيل عون ، عند توقيعه على ورقة التفاهم مع حزب الله في الكنيسة المريمية ، والذي يعتبر ضمن جميع المعايير موقف شكل فالقاً زمنياً في تاريخ لبنان الحديث ، لأن ورقة التفاهم تلك ، اعادت قطاعاً كبيراً من العرب المسيحيين من غربتهم الغربية ، إلى حضنهم المشرقي العربي ، وأزالت الوهم الذي نشره الغرب عقوداً ، محاولاً سرقة أهلنا من الدين المسيحي وسلخهم عن جغرافيتهم وتاريخيهم ، إلى موقع ثقافي ـــ تاريخي ـــ مزور .
ترجم الرئيس عون توقيعه على ورقة التفاهم ، في مناصرته للمقاومة قولاً ، وفعلاً ، حيث شكل ظهيراً لها ، في جميع معاركها ضد اسرائيل .
[ وهنا ونحن في نفس المعرض ، لا يجوز ان ننسى مواقف الرئيس المقاوم / إميل لحود / الشجاع ، والنبيل ، الذي لم يساند المقاومة بل كان قائداً من قادتها ] .
ثم طفح الكيل بمواقف الرئيس عون في الأمم المتحدة ، وتصريحات السيد جبران باسيل رئيس حزبه ، في الجامعة العربية ، المناصرة لسورية ، وللمقاومة ، لتشكل الشعرة التي قسمت ظهر البعير .
لذلك استنفرت أمريكا كل تشكيلاتها ، بما فيها الاحتياطي ، في المنطقة ، فَتحركت حملة الرايات السود بقيادة ريفي ، وأيقظت روح الانعزالية بقيادة جعجع ، وزعامة جنبلاط الاقطاعية .
أما الحريري الغر في السياسة ، فلقد ارتكب خطأه الاستراتيجي القاتل ، معتقداً أن الواقع يبشر بقلب الطاولة ، لصالح محوره الأمريكي ـــ الإسرائيلي ـــ [ فكل حليف لأمريكا هو حليف لإسرائيل بالضرورة ] ، فعاد إلى قوقعته ومحازبيه واستنفر أزلامه ، واستنجد بالمفتي دريان ، الذي كان قد اعلن حمايته للحوت ( فؤاد السنيورة ) ، فنصبه ممثلاً أوحداً للطائفة ( السنية ) .
انضم إلى هذه الرهط الفاسد ، بعضاً من المتعبين الذين استهوتهم بعض الشعارات البراقة ، فاستخدمهم الفاسدون ـــ العملاء ، غطاءً ودرعاً يتلطون وراءه .
بالرغم من أن هوية التحرك كانت واضحة ، منذ أن قطع أزلام جعجع طريق نهر الكلب .
يرافق كل ذلك التحريض / 800 / محطة اعلامية محلية ، وعالمية ، حتى أن بعض السياسيين الأمريكيين ظهروا في الشارع بين المتظاهرين .
ولكن الذي يسير التساؤل وبعضاً من غرابة ، نزول الشيوعيين ، ومجموعات من اليساريين ، تقودهم ( أيدولوجية مغلقة ) ، أغلقت عيونهم عن فهم تعقيدات الواقع ، التي يستحيل حلها ضمن هذه الظروف ، وبهذه العجالة ، حتى كادت أن تذوب الحدود بينهم وبين حيتان المال ـــ عملاء أمريكا ـــ .
وبذلك تحول الحراك من محاربة للفاسدين ، المفسدين ، إلى التصويب على الرئيس الوطني عون والتيار الوطني الحر ، وعلى حزب الله ، حتى وصل الأمر إلى نشر ( فديو مذهبي تحريضي ) كاد أن يشعل السهل كله .
علينا أن نعترف أن الواقع اللبناني شديد التعقيد ، لأنه متعاقد ومنذ عقود مع الغرب ، ولكن الانتخابات البرلمانية الأخيرة أظهرت أن الميزان قد رجح ، لصالح المقاومة وحلفائها ، لذلك وجدت أمريكا نفسها ، مضطرة للنزول إلى المعركة ، بكل رصيدها دفعة ، لأنها باتت تثق أن المعركة هي معركة حسم ، إما لها ، وإما لغيرها .
ولكن المضحك المبكي ، أن كل أزلام أمريكا ، وعملائها الذين نزلوا بكل قوتهم ، تتعشق أرواحهم مقالة عتيقة ، [ أن أمريكا لا تهزم ] ، ولكنهم لم يضعوا في حسبانهم التحولات الجذرية التي تمت وتتم في المنطقة منذ تسع سنوات ، فستكون عقوبتهم كعقوبة سنمار .
.........المعركة لم تحسم بعد ، بل هي في أوج تفجرها ، نأمل أن تتم بأقل الخسائر .
ولكن ننبه لمن في آذانهم وَقْرٌ ، البانين أحلامهم على التدخل الخارجي [ الأمريكي أو الاسرائيلي ] في هذه الحرب الداخلية ، أن هذا بات من المستحيلات الخمس ، وسنسرق قول ماو العظيم [ اسرائيل باتت نمر من ورق ] ، وولى زمن الخوف منها ، لأن مدنها ، ومطاراتها ، ومنشآتها النفطية ، ستكون قاعاً صفصفاً ، ( ليس في هذا مبالغة ) .
لذلك نتمنى لمن سيعود لهم رشدهم من عملاء أمريكا ، وبخاصة للحريرية التي ( تتدلل ) ، أن يتقبلوا الهزيمة بأقل الخسائر ، وإلا سيخسرون حتى وجودهم ، والمقاومة وحلفها لا يرغبون ذلك .