يشعر المسؤولون الإسرائيليون بقلقٍ متزايدٍ بشأن إمكانية إصدار أوامر اعتقالٍ دوليةٍ بحقهم فيما يتعلق بجرائم الحرب ، و ذلك بعد أن أشارت المحكمة الجنائية الدولية يوم الجمعة إلى أنها ستمضي قدماً في إجراء تحقيقٍ كاملٍ في سلوكيات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
و قد أدى القرار إلى زيادة المخاوف في إسرائيل من أن كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين المشاركين في أعمال الجيش الإسرائيلي الاستيطانية في القدس الشرقية والضفة الغربية ، و الحروب الإسرائيلية الثلاث على قطاع غزة، حيث سيتم فتح جميع تلك الملفات والتحقيق فيها دولياً ، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام المحلية.
و يمكن أن تشمل هذه الشخصيات رئيس وزراء إسرائيل ووزراء الدفاع الحاليين والسابقين وقادة الجيش وقادة الاستخبارات، حيث يقع على عاتق المحكمة محاكمة الأفراد المتورطين في جرائم الحرب بعينهم و ليس الدول التي يتبعون لها .
و قالت الحكومة اليمينية المتشددة إنها لن تتعاون مع أي تحقيق، لكن المسؤولين يخشون من أن ذلك قد يمنع نخبة السياسيين والحكومة الإسرائيلية من السفر، وأنه قد يستهدف حتى أعضاءً وجنود من الجيش الإسرائيلي، وفقاً لتقريرٍ نشرته القناة الـ13 الإسرائيلية.
وقبل فتح التحقيق، طلبت كبيرة المدعين العامين بالمحكمة فاتو بنسودة إصدار قرارٍ بشأن منحها صلاحيات العمل على الأراضي التي سيتم التحقيق فيها، مما أدى إلى تأخير اتخاذ أي إجراءٍ في الوقت الحالي. وقالت إنها تتطلب بهذا القرار بسبب القضايا القانونية والوقائعية الفريدة و ذو طابع النزاع الشديد و المتعلقة بهذه المنطقة.
وقالت إنها ترغب في نهاية المطاف في المضي قدماً في التحقيق ، ولم تطلب أي تفويض من القضاة لفتح تحقيق لأنه كان هناك شكاوي مقدمة من السلطة الوطنية الفلسطينية، التي انضمت إلى المحكمة في عام 2015.وقالت في بيان عنها : "أنا مرتاحةٌ لوجود أساسٍ معقول لمواصلة التحقيق في الوضع في فلسطين وباختصار، أنا مقتنعةٌ بأن جرائم الحرب قد ارتكبت أو يتم ارتكابها في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة" .
لكن قرار البت في هذه القضايا بالمحكمة الدولية ، و الذي اعتبر قراراً تاريخياً قوبل بالغضب في إسرائيل والنقد في واشنطن. حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن القرار الذي اتخذته المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرا لها مجرد أداةٍ سياسية، و قد رفضت إسرائيل الانضمام إليها منذ إنشائها عام 2002 .
كما أدانت الولايات المتحدة قرار المحكمة الجنائية الدولية ، حيث قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مشيراً إلى حليف واشنطن الرئيسي في المنطقة : "نحن نعارض بشدة هذا القرار ، و نعارض أي عملٍ آخر يسعى لاستهداف إسرائيل بشكل ٍغير عادل . كما أننا لا نعتقد أن الفلسطينيين مؤهلون كدولةٍ ذات سيادة ، وبالتالي فهم غير مؤهلين للحصول على العضوية الكاملة أو المشاركة كدولة في المنظمات أو الكيانات أو المؤتمرات الدولية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية ".
و قد رفضت كلٌ من إسرائيل والولايات المتحدة الانضمام إلى المحكمة التي أنشئت في عام 2002 ، و التي أصبحت المحكمة العالمية الوحيدة التي تحاكم أسوأ جرائم العالم وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
في حين أشاد الفلسطينيون بهذه الخطوة كخطوةٍ أخرى نحو تحقيق العدالة في محاولتهم معاقبة المسؤولين الإسرائيليين على الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في احتلالها للقدس الشرقية والضفة الغربية لمدة 52 عاماً، و معاقبتها على نشاطاتها العسكرية في قطاع غزة التي خلفت آلاف القتلى الفلسطينيين.
و قد قال السلطة الوطنية الفلسطينية ، وهي هيئةٌ محدودة للحكم الذاتي في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل: "ترحب فلسطين بهذه الخطوة كخطوةٍ تأخرت طويلاً لدفع عملية التحقيق نحو الأمام، بعد ما يقرب من خمس سنواتٍ طويلة وصعبة من الفحص التمهيدي " . و قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أن قرار المحكمة الجنائية الدولية كان "يوماً مظلماً في تاريخ إسرائيل" على حسب وصفه .
نظر التحقيق الأولي للمحكمة الجنائية الدولية في حرب 2014 التي خلفت 2251 قتيلاً فلسطينياً معظمهم من المدنيين ، و 74 قتيلاًإسرائيلياً معظمهم من الجنود.كما نظرت في أعمال عنفٍ ارتكبتها إسرائيل بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة في عام 2018.
و في وقتٍ سابق من هذا الشهر ، رفض المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية توجيه اتهاماتٍ بشأن غارةٍ إسرائيلية قاتلة عام 2010 على أسطولٍ صغير ينقل المساعدات إلى غزة ، وحث المحكمة على إغلاق التحقيق. حيث توفي تسعة مواطنين أتراك في شهر مايو من عام 2010 ، عندما اقتحمت قوات المارينز الإسرائيلية سفينة مرمرة ، التي كانت واحدةً من بين ثماني سفن تحاول كسر الحصار البحري على قطاع غزة و نقل المساعدات للفلسطينيين ، و قد مواطنٌ تركيٌ آخر في المستشفى في عام 2014 متأثراً بإصابته من تلك الغارة .
و قد أدانت المحكمة الجنائية الدولية 44 شخصاً بشكلٍ علني جراء تلك الحادثة ، وأصدرت أوامر اعتقالٍبحق 36 شخصاً واستدعت 8 آخرين.