بين ساعة وضحاها توترت الاجواء فوق توترها وظهرت النار من تحت الرماد بقيام امريكا بقصف ثلاث مواقع عراقية وموقعين سوريين على الحدود السورية العراقية وتحديدا بمنطفة معبر البوكمال - القائم مما ادى لاستشهاد اكثر من ثلاثين شهيدا واصابة جرحى بعدد اكبر من ذلك .
هذا الاعتداء ليس غريبا على الولايات المتحدة التي تعودت على اسلوب البلطجة والاعتداء على سيادة الدول.
قبل ايام من هذا العدوان تم قصف قاعدة امريكية قرب كركوك بعدة صواريخ مما ادى الى قتل احد المتعاقدين الأمريكيين وسبق ذلك عدة مواجهات بين محور المقاومة والولايات المتحدة, مثل اسقاط طائرة التجسس الامريكية من قبل ايران وقصف ارامكو من قبل الجيش اليمني واللجان الشعبية في اليمن ولم ترد امريكا على هذه الهجمات, فما الذي غير حالة التساكن .؟؟
امريكا تجنبت المواجهة العسكرية في الفترة السابقة وكانت تضغط في الساحات الاقتصادية بشكل قاسي جدا مما كان له اثر على معظم الساحات, فخرجت مظاهرات في ايران سبقها حراك في العراق ولبنان, ورغم احقية مطالب الحراكين, الا ان ادوات امريكا في كلا الساحتين حاولت ولا تزال تحاول جر المطالب المعيشية المحقة الى مطالب سياسية مشبوهة, يتم من خلالها التنازل لامريكا في الساحة العراقية وتحديدا الغاء الاتفاقية مع الصين واغلاق معبر البوكمال مع سوريا اما في الساحة اللبنانية فالمطلوب التنازل في ترسيم الحدود مع الكيان الصهيوني اضافة الى إستهداف سلاح المقاومة وخصوصا الصواريخ الدقيقة.
ما حصل ليس ردا على اطلاق صواريخ على قاعدة امريكية فهذه العملية كانت نتيجتها اقل في الخسائر بالنسبة لامريكا من كل العمليات السابقة .
لم يكن العدوان الأمريكي ردة فعل, بل كان هجوما كبيرا على خمس مواقع ادى لاستشهاد الأعداد الكبيرة, فهذا المكان المستهدف هو عبارة عن مواقع متقدمة لمواجهة داعش مما يدعو للتاكد ان امربيكا تحاول ترميم داعش واعادة فتح ممرات لها لتسهيل حركتها وللاستثمار في ارهابها .
ما حصل هي محاولة تغير في قواعد اللعبة من قبل امريكا تتيح لها مقايضة الانسحاب الامريكي من المنطقة بامن الكيان الصهيوني وتأمين مصالحها بحيث تنتزع من خلال المواجهة الاحراج المتوقع الذي سيسببه الانسحاب الامريكي دون مكاسب .
ما لم يكن في حسابات امريكا هو ردة الفعل الرسمية والشعبية من خلال ادانة الرئاسات الثلاث لهذا الهجوم الغادر, فقد صرح رئيس الوزراء العراقي ان امريكا ابلغته ان الهجوم سيكون بعد ساعة ونفذته فورا بعد انتهاء المكالمة .
التنديد بالعدوان قفز فوق الانقسام السياسي الداخلي فحجم الاعتداء كان كبيراً ولا يمكن السكوت عليه, حتى من جماعة امريكا في السلطة .
ردة الفعل الشعبية فاقت كل التوقعات الامريكية فهب الشعب العراقي البطل ليدافع عن كرامته متوجها لبؤرة الفساد ومركزها, ألا وهي السفارة الامريكية في بغداد, فتمت محاصرتها والدخول لاحد ابوابها الخارجية هاتفين بقلوب مؤمنة بالنصر وحناجر غاضبة تشير للعدو الحقيقي :
الله .... الله واكبر امريكا الشطان الاكبر
معيدة توجيه البوصلة الى مكانها الصحيح .
هذا الشعب البطل يعلن وبكل وضوح انه لن يغادر ساحات التظاهر حتى يُسن قانون من قبل الحكومة والبرلمان يطالب بقلع الوجود الامريكي من العراق الابي حفاظا على كرامته وكرامة ابنائه الابطال .
اما الموقف العربي الرسمي فساده الصمت والخزي إإذ أيدت البحرين والسعدية الإعتداء على الحشد الشعبي, فديدن نظم العرب التآمر على طل ظاهرة وطنية واعدة في بلاد العرب خدمة لسيدهم الامريكي. البحرين بالأمس والسعودية باليوم التالي أيدتا العدوان, وكان المفروض ان يتبعها بقية الدول لكن حجم ردة الفعل الشعبية لم تسمح لهم بذلك .
اما فيما يخص محور المقاومة فهذا امر خطير لا يمكن السكوت عليه ويجب أن يتم اعتباره اعتداء على المحور بكامله, فلم تعد ساحات المواجهة تؤازر بعضها فقط بل اصبحت ساحات متشاركة ومتلاحمة في المصير والاهداف مما سينتج عنه رد في اي ساحة من الساحات حسب الظروف الميدانية وبما تقرره قيادة المحور مجتمعة .
احد الردود من الممكن ان يكون داخل العراق فالقوات الامريكية في العراق موجودة في قواعد منعزلة ليس لها عمق استرتيجي فمن الممكن بسهولة محاصرتها وتقييد حركتها من خلال السيطرة على طرق مواصلاتها. وقد ياتي الرد في ساحة اخرى أيضاً.
اخبرا لا بد من توجيه تحبة اجلال واكبار للشعب العراقي العربي الاصيل الذي عودنا دائما على مواقفه العربية والقومية البطولية في مواجهة قوى العدوان سواء على كانت على عراقنا الشقيق او على اي بلد عربي اخر .



