كتب محمد سعد عبد اللطیف مملکة الذهب والسیف۔وصراع الأخوة الأعداء علی السلطة
مقالات
 كتب محمد سعد عبد اللطیف مملکة الذهب والسیف۔وصراع الأخوة الأعداء علی السلطة
 محمد سعد عبد اللطیف 
10 آذار 2020 , 19:06 م
  فی بدایة ستینیات القرن المنصرم، اشتد الألم علی الملك سعود بن عبد العزیز من أمراض متعددة،  وكان ذلك يستدعي الذهاب إلى الخارج للعلاج، وبسبب الأمراض واشتدادها عليه فإن ذلك جعله لا يقوى على القيام

 

فی بدایة ستینیات القرن المنصرم، اشتد الألم علی الملك سعود بن عبد العزیز من أمراض متعددة،

 وكان ذلك يستدعي الذهاب إلى الخارج للعلاج، وبسبب الأمراض واشتدادها عليه فإن ذلك جعله لا يقوى على القيام بأعمال الحكم، كما بدأت في ذلك الوقت الخلافات تظهر بينه وبين ولي عهده الأمير فيصل والتي تطورت واتسعت، وبسبب ذلك  أصدر العلماء فتوى تنص على أن يبقى الملك سعود  هو ملكًا على أن يقوم الأمير فيصل بتصريف جميع أمور المملكة الداخلية والخارجية بوجود الملك في البلاد أو غيابه عنها، وبعد صدور الفتوى أصدر أبناء الملك عبد العزيز وكبار أمراء آل سعود قرارًا موقعًا يؤيدون فيه فتوى العلماء وطالبوا فيه الأمير فيصل بكونه وليًا للعهد ورئيسًا للوزراء بالإسراع في تنفيذ الفتوى ، وفي اليوم التالي اجتمع مجلس الوزراء برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ( الأمير خالد بن عبد العزيز ) واتخذو قرارًا بنقل سلطاته الملكية إلى( الأمير فيصل) وذلك استنادًا إلى الفتوى وقرار الأمراء ، وبذلك أصبح الأمير  "فيصل بن عبد العزيز" نائبًا عن الملك في حالة غيابه أو حضوره ، وبعد صدور هذا القرار

  توسع الخلاف بينه وبين أخيه الأمير فيصل، كما ازداد عليه المرض، ولكل تلك الأسباب اتفق أهل الحل والعقد من أبناء الأسرة المالكة أن الحل الوحيد لهذه المسائل هو"  خلعه من الحكم " وتنصيب الأمير فيصل ملكًا، وأرسلوا قرارهم إلى علماء الدين لأخذ وجهة نظرهم ، من الناحية الشرعية، فاجتمع العلماء لبحث هذا الأمر، وقرروا تشكيل وفد لمقابلته لإقناعه بالتنازل عن الحكم وأبلغوه أن قرارهم قد اتخذ وأنهم سيوقعون على قرار خلعه عن الحكم وأن من الأصلح له أن يتنازل، إلا أنه رفض ذلك. ،،

وفي الأول من نوفمبر 1964م اجتمع علماء الدين والقضاة، وأعلن مفتى المملكة  خلع الملك" سعود " عن الحكم ليخلفه الأمير فيصل ملكًا ، وفي الثاني من نوفمبر 1964م بويع فيصل ملكًا. لكن لم يستسلم الملك سعود لذلك الوضع بل عاد يطالب بالحكم ، حيث انتقل إلى القاهرة عام 1966 كلاجئ سياسي ، وکانت  العلاقات المصریة السعودیة   لیست علی مایرام بعد اعتقالات الأخوان المسلمین  عام 1965م وموقف المملکة ضد الزعیم عبد الناصر  من الإعتقالات والتدخل فی الیمن ، وبعد وصول القوات المصریة إلی الیمن . قام الملك سعود فی أبريل 1967م قام الملك سعود  بزيارة إلى صنعاء ،واستقبله الرئيس "عبد الله السلال" وهناك ألقى خطابات ندد فيها بأخيه الملك فيصل وبسياسته "المناهضة للجمهوريين في اليمن و دعمه للإمام "البدر " و عُومل من قبل عبد الله السلال و الجمهوريين معاملة باعتباره (الملك الشرعي) على الرغم من أن سعودًا اعترف رسميًا بخلعه من الحكم في 3 يناير 1965م أي بعد شهرين من الإنقلاب عليه وذلك عندما أرسل كتاب مبايعةللملك فيصل بايعه فيه بالحكم.۔،

وفی عام 1968م توفی الملك سعود وظلت الأمور هادئة حتى مقتل الملك فیصل ، فی منتصف سبعینیات القرن الماضي علی ید ابن أخیة نتیجة الثأر لمقتل شقیقه علی ید الأمن السعودي ، وتولی أخیه الملك (خالد) وظلت الأمور حتی ( أول فجر من العام الهجري 1400هجریه / نوفمبر 1997م ) حتی اقتحام الحرم المکي ۔ توفی بعد ذلك الملك" خالد " وتولى أخیه( الملك فهد ) والأمور داخل الأسرة الحاکمة فی هدوء حتی فی عهد الملك عبدالله ، ومع تولي ( الملك سلمان) حدث الانقلاب" الأبیض الثانی " ولکن بشکل آخر مع أحفاد آل سعود ،  فی الصراع علی السلطة علی منصب ولي العهد ، وبدأت إزاحة ولي العهد ووزیر الداخلیة الأمیر محمد بن نایف وبعض الأمراء وکبار الضباط فی الحرس الملکي ۔ثم الانقلاب علی أولاد العمومة وعلماء الدین والدعاة والزج بهم فی السجون ، سیاسة "العصا والجزرة " والتقارب إلی إدارة ترامب الجدیدة والعلاقات مع صهر ترامب " کوشنر" ۔لیکون البدیل عن الأمیر محمد بن نایف ، الذی ساعد الأمریکان فی محاربة تنظیم القاعده من دعم لوجستي للاستخبارات الأمریکیة  ،بعد أحداث سبتمبر 2001م وقیام محمد بن سلمان بالتقارب وفتح قنوات سریة مع الکیان الإسرائیلي ، لإرضاء الجانب الأمریکي والضغط علی الجانب الفلسطیني ، فی ما یُِعرف بمفاوضات الحل النهائي لصفقة القرن ۔ وبدآ فی تغییر الإرث التاریخي داخل المملکه بالسماح للنساء بقیادة السیارات ۔وفتح دور السینما والمهرجانات والحفلات ، وتقلیص دور جماعه" الأمر بالمعروف'  ، والقبض علی رجال الدین الوهابیین ۔ وطرح واکتتاب سندات شرکة أرامکو ب 100 ملیار ۔وتبني مشروع السعودیة 2030 الاقتصادی وصنادیق الاستثمارات السیادیة ۔لكنَّ تدخُّل العاهل السعودي، ومنعه طرح عملاق النفط بعد نحو ثلاث سنوات من إعلانه، يعدّ أول اختبار استراتيجي لخطط ابنه ،حيث فوجئت الأسواق العالمية بهذا القرار المناقض لتصريحات بن سلمان وفريقه  ، الذي يتولّى تحقيق أهداف "رؤية 2030"، الأمر الذي فتح شهية وسائل الإعلام لتناول حقيقة التناقضات ، والصراعات ، داخل العائلة الحاكمة ، في السعودية، وتسليط الضوء على اللحظة التي يُنتظر فيها عزل الملك ابنه، أو عزل الابن أباه ، والانفراد بالحكم. ، وقد استطاع الأمیر محمد بن سلمان أن یصنع له دورًا جدیدًا عن طریق الإعلام الموجه ، 

ووصفت وسائل الإعلام السعودية والقريبة منها الأميرَ الشاب (33 عاماً) على أنه الرجل المنقذ للمملكة، والحكيم وحامي البلاد والعباد في حال نفاد النفط، وتجسّد ذلك في رؤيته الإصلاحية، بيد أن الكثير من المتخصّصين والخبراء راهنوا على فشلها قبل إعلانها، واعتبروها غير منطقية ولا يمكن تحقيقها، وسط غياب واضح لأي دور للملك في هذه الخطط؛ إذ لم يصرّح أو يتحدث عنها، خلافاً لابنه محمد ، ومع ظهور فیروس کورونا وانخفاض أسعار النفط وحرب الیمن والصراعات الداخلیة داخل الأسرة الحاکمة ،  هل أحلام الفتي الطائر تحطمت  ؟وبدأ العد التنازلي لسقوط آل سعود علی ید طموح  الشاب للمُلك فی لیلة السکاکین الطویلة ، فجر یوم الجمعة الماضیة بالقبض علی الثلاثة الکبار ۔ (العم وابن العم والأخ )، هل الصراع بدأ بالفعل ؟ مع تضارب التصریحات عن انقلاب ۔کما حدث فی عام 2018 م من اختراق طائرة مجهولة المجال الجوي  فوق قصر الملك فی الریاض وإطلاق النار علیها وهروب الملك سلمان وولی العهد إلی معسکرات بمنطقه مکة بالقرب من البحر الأحمر۔، خوفا من انقلاب والهروب عن طریق البحر  ،کل تلك التقاریر لم یکشف عن صحتها القصر ۔حتی الآن رغم أن عملیة القبض علی ( الأمیر أحمد بن عبد العزیز ومحمد بن نایف وشقیق الأمیر محمد بن سلمان ) جاءت من مصادر أمریکیة وصحفیة أجنبیة  ولیست سعودیة هل جاءت الریاح بما لا تشتهي السفن  بعکس التیار ۔فقد تورط فی أکبر فضیحه قتل خارج القانون وخارج الحدود الجغرافیة ،  حتی ولو وقعت الجریمه علی سیادة الأراضی السعودیة داخل حرم البعثة الدبلوماسیة فی ترکیا ۔وتورط مساعدیه فی التخلص من الصحافي المعارض ، جمال خاشقجي۔ ثم التورط فی حرب الیمن ، التی أنهکت اقتصاد المملکه والدخول فی صراع مع خصمها اللدود" إیران " علی الأراضی الیمنیة ۔والصراع مع ترکیا ۔وفی الحرب فی سوریا ۔ وقد قیل فی روایات مختلفة عن أسباب إقصاء ولي العهد السابق أنه أُجبر  علی التنحي بعد اجتماع ثنائی استثنائی بین محمد بن نایف ولی العهد والملك سلمان ۔علی أن ولي العهد لایُصلح لهذه الفترة التاریخیة ، بسبب تعاطیه مواد مخدرة وقالت مصادر مقربة من القصر ۔أن محمد بن نايف أُعفي من منصبه لاعتبارات  المصلحة

الوطنية  ،،ولم يتعرض لأي “ضغط أو عدم احترام” ، وأضاف المسؤول أن أسباب الإعفاء“سرية” لكن مصادر مطلعة أفادت بأن الملك كان عازمًا على تصعيد ابنه لولاية العرش واستغل مشكلة محمد بن نايف مع الإدمان للإطاحة به وقال مصدر سیاسي مقرب من ولي العهد "كانت صدمة لمحمد بن نايف كان انقلابا لم يكن مستعدًا له": وذكرت المصادر أن محمد بن نايف لم يتوقع أن يفقد منصبه لمصلحة محمد بن سلمان ،الذي يرى بن نايف أنه ارتكب عددًا من الأخطاء السياسية ، مثل تعامله مع الصراع في اليمن ، وإلغائه المزايا المالية للموظفين الحكوميين، ووضع هذا التغيير الذي ينطوي على مخاطر كبيرة واستحواذة علی  سلطات واسعة في يد محمد بن سلمان ،  الذي لم يتجاوز من العمر 32 عاما ويستهدف فيما يبدو الإسراع بوصوله إلى العرش.

محمد سعد عبد اللطیف 
کاتب مصري وباحث فی الجغرافیا السیاسیة

المصدر: وكالات+إضاءات