كتب نارام سرجون:
فليسامحني الكورونا ان قلت انه ربما سيكون هو ربيع العالم .. واقصد اننا نعيش تحت ضغط الماكينة الاعلامية الغربية التي تفتعل معارك وجدلا لتأخذنا بالقوة الى سفر الكورونا .. كما اخذتنا الى سفر الربيع العربي بنفس الطريقة .. فمن ذا الذي يتجرأ على تحدي أخبار الكورونا وصدقيتها طالما ان العلماء والخبراء والأطباء هم المتورطون في القضية وهؤلاء هم الطبقة الاكثر نظافة وحيادية عن مشاكل السياسة وأهواء الاحزاب؟؟ انها ربما قصة اظافر اطفال درعا الملفقة وقضيب حمزة الخطيب ولكن باخراج مختلف وفيديو كليب اكثر براعة وبراءة .. انها شبيهة بالقصص السورية الثورجية المفبركة وحكايات البراميل المتفجرة وحملان جبهة النصرة الوديعة والخوذ البيضاء وبراءتها التي تحولت الى حقيقة كما تحولت قصص الهولوكوست الى مادة تدرس على انها التاريخ الوحيد للحرب العالمية الثانية .. وباقي الاحداث مشكوك بها وكأنها هباء منثور .. فالربيع العربي بكل أكاذيبه تحول الى وثائقيات وبرامج وندوات تنقل القصص المزيفة على انها حقائق مثل حقائق الفيزياء والكيمياء ..
أقول هذا وقلبي على يدي لأن مخالفة الرأي قد تضع أحدنا في تهمة التسبب في وهن الروح الجماعية في مواجهة الوباء الفتاك والترويج للاباحية الصحية في هذا الزمن الذي تنقبت فيه المجتمعات وارتدت الحجاب الصحي والشرعي .. واعتكفت كما تعتكف حاريديم اليهود يوم السبت .. وكما فرض العزل على نساء اليهود في الايام المقدسة وايام الطمث حتى خرج من ذلك الحجاب الانثوي الذي تبناه المسلمون لاحقا ..
ولكن ماذا أفعل بعقلي الذي شكك بالربيع العربي يوما منذ ايامه الاولى وبقي يفتك بالربيع حتى اقتلع القناع عن وجهه .. وجاء به الى محكمة كل بيت .. واليوم يأبى عقلي ان يسير معي كما أبى ان يسير مع الربيع العربي يوم سارت الدنيا في ركبه .. عقلي رفض ان يجاملني وتركني اسير وحدي ووقف عنيدا يرفض السير معي خطوة واحدة رغم توسلاتي ألا يحرجني .. بل كل ماقال لي هو:(اذهب انت ومن معك فقاتلوا الكورونا اني هاهنا قاعد) ..
عقلي هو الذي يحاكمني ويعاتبني ويسألني عن السبب الذي دعاني لأن أربيه على النقد والتحليل طالما انني اريده ان يسير مع القطيع .. فكيف أعلمه الرماية كل يوم ولما اشتد ساعده رميته وألقيته ارضا مثل مصارعي السومو او الجودو؟؟ عقلي يقول لي ماالفرق بين السياسة والتجارة والعلم في هذا العالم طالما ان هذا العالم تقوده النفس الانسانية الامارة بالسوء وهي الان متمثلة في روح الشيطان في اميريكا وبنوك الغرب .. وعندما جلست معه أفاوضه هدأ من روعي وغضبي .. حتى تخليت عن فكرة معاقبته او معاتبته لأنه هزمني ورماني بالسهم الذي علمته ان يرميه نحو الخصوم .. انه سهم الملاحظة والتحليل الذي تعلمته في رحلة البحث العلمي التي لاتزال ترافقني لاخضاع كل النتائج للأسئلة التي لاتعرف الانحياز على الاطلاق ولاتعذب المعطيات ولا المعلومات كي تعترف بما لاتريده .. بل بما اريده ..
في غمرة الحوار والجدل عرض عقلي عليّ خارطة للعالم المصاب بالكورونا .. وفيها يبدو اللون الأزرق الغامق دالا على شدة انتشار المرض .. ومن المفارقات التي ضحك منها عقلي هو ان اللون الازرق يسير على خطا البنوك الغربية .. وكأن الكورونا يعشق البنوك ويلاحقها ويحب ان يسير بجانب الدولار واليورو .. فحيثما كانت هناك انظمة رأسمالية وبنوك كان اللون الأزرق أشد ازرقاقا .. اي ان المرض منتشر بكثافة ويقتل الناس حيثما كانت البنوك الغربية .. بينما لاينتشر المرض في المناطق الأشد فقرا في العالم حيث لابنوك ولاانظمة رأسمالية .. ففي الخارطة المرفقة .. يتركز اللون الاورق حيث الاصابات تتجاوز الالف لكل مليون نسمة في فرنسا وبريطانيا والمانيا واميريكا .. والاقل زرقة بقليل في كندا واستراليا .. وباقي العالم أزرق خفيف حتى البياض تقريبا ..
ويسأل العقل هنا وهو يحدق في عيني متحديا .. اذا كان المرض شديد العدوى بسبب الكثافة والازدحام والالتصاق الى درجة منع التجمعات .. فكيف لم ينتشر في الهند وباكستان وأفريقيا وجنوب اميريكا حيث الكثافة والاختلاط هو المكان الذي ينجب الفيروسات؟؟ هل رأيت القطارات في الهند وباكستان وبنغلادش كيف يحشر فيها الناس حتى تحتلط امعاؤهم ويكاد الانسان يصبح توأما سياميا مع الناس من شدة الالتصاق بهم حتى لايفرق بين الناس الا بالمشرط عند النزول .. بل ان الفيروس لايحتاج للانتقال بين الناس بل سيتجول مشيا على الاقدام من فم الى فم ومن انف الى انف وينزرع بين الانفاس والعيون ويلتصق الفيروس بالفيروس .. فكيف لم ينتشر المرض في كل هذه الاصقاع المكتظة؟؟ .. ولماذا اصيبت مدينة واحدة في الصين ثم صمت المرض في كل الصين؟؟ .. هل يكفي ان نقول ان اغلاق ووهان أنهى المشكلة فيما لم تنفع كل اجراءات الاغلاق في اي بلد غربي من تفشيه؟؟
نظر عقلي في عيني متحديا وقال لي: أرجوك انا لست من منظمي نظرية المؤامرة .. ولكن قدم لي تفسيرك ياهذا الذي يريد ان يرغمني على ان أكون حبيس جمجمته لأنه يملكني؟؟ لماذا في بلاد البنوك الكبرى وبلاد الرفاه ووفرة الغذاء والبيوت الواسعة ينتشر المرض؟؟ ثم ضحك كثيرا وقال لي اياك ان تأخذني الى آراء المتدينين الذين سيقولون لك ان الله يمهل ولايهمل وانه لشديد العقاب وان أحقر مخلوقات الله هو الفيروس الذي يتحدى اعظم امبراطوريات البشر .. واياك ان تستورد لي تفسيرات الاسلاميين السذج الذين سيقولون ان الله اليوم ينتقم من الاثرياء وبلاد الكفار وينجي المؤمنين والمسلمين والمستضعفين .. كما كانوا يفسرون ظواهر الطبيعة التي تصيب عدوهم ويحلمون ان يرسل الله رياح الصرصر على جيوش الغرب فيما هم يسيرون مع جيوش الغرب .. ولا جيش للغرب اليوم الا هم انفسهم الذين يقتلون بعضهم من أجل الغرب ..
لاادري كيف أجيب عقلي ولاكيف أرد حجته وسهمه .. ووقفت وسيفي متدليا مذهولا .. وتأملت الخارطة وهمست للبعض أسال منهم العون كما في طريقة مسابقة المليون .. فقال لي البعض ان هناك تلاعبا ربما في ارقام وفيات الكورونا في بلاد الغرب .. لأن كل وفيات هذه الايام تدرج في خانة الكورونا من اي التهاب تنفسي .. بل ان احد الاصدقاء من الأطباء الغربيين لفت نظري الى ان نسبة الوفيات بالانفلونزا تكاد تتلاشي من السجلات وبيانات الوفيات وكأنها هذا العام قررت افساح المجال للموت بالكورونا ..
وعند هذه اللحظة أطلقت سراح عقلي وأعطيته الحرية المطلقة في ان يسير معي او ان يفارقني ليس لأنه على صواب بل لأنه حر ويفكر دون قيود .. فليس عندي جواب على هذا الغموض الا ان أصحاب البنوك يريدون شيئا لانعرفه .. فربما بالفعل هناك رغبة في اعادة تشكيل اقتصاداتهم الغربية او فرض نظام ضريبي جديد يجمع المزيد من الاموال بحجة افلاس البنوك كما نوهت باقتضاب بعض النشرات المتشائمة الغربية لتركيز كتلة هائلة من الأموال بيد الفئة التي ستتولى ادارة الصراع مع قوى اخرى في العالم .. وربما هي طريقة لشحن الناس بانفاس الحرب للدخول في حروب خارجية بحجة ان اللجوء لخيارات العقلاء تسبب في تراجع الاقتصادات .. وربما يتم التحضير لاطلاق قناعات ان الصين هي التي أطلقت الفيروس كما صار يسمى زورا (الفيروس الصيني) ولذلك فان عليها ان تدفع تعويضات هائلة للعالم كما يردد علنا ساسة امريكيون وبكل وقاحة .. في محاولة لابتزازها وافقارها .. والتهمة صارت جاهزة ولاتحتاج الا ان يحس الناس بالأزمة الخانقة فيبحثون عن السبب والعلاج ولايجدون امامهم الا تفسيرا واحدا وحلا واحدا تتقدم به البنوك وأصحابها وهو ان الصين هي مصدر البلاء والافلاس وانها أثرت في أزمة الكورونا .. فيوافقون على اعلان الحرب التجارية المطلقة التي طالما ارادها ترامب ومعسكره .. لخنق اقتصاد الصين عبر منع التجارة معها وفق مزاج شعبي داعم بشدة طالما انه مأزوم اقتصاديا ..
في هذه اللحظة لم أدر ماذا أجيب .. ولااريد النظر في عيني عقلي .. ولافي عيون أحد لأنني لاأعرف شيئا في الحقيقة .. ولكنني سأتأمل هذه الخارطة المريبة .. واتأمل .. وأحدق مليا .. وأحدق .. فلا بد ان هناك شيئا تحت اللون الازرق .. ربما هو سفر الكورونا .. أحد الأسفار المقدسة في اعلام الغرب ..
نارام سرجون