قصة أغنية
ثقافة
قصة أغنية "يا ظريف الطول"
اضاءات
2 حزيران 2020 , 22:28 م
قصة أغنية "يا ظريف الطول "

يعتبر تراث أي أمة من الأمم ، هو الضامن لتاريخ هذه الأمم ، وهويته الحقيقة ، وهو جواز مرور عبر التاريخ ، يحمل تفاصيل الهوية للأمة واساليب عيشها وتفاصيل ثقافتها .

و الفلكلور الفلسطيني يعتبر تراث غني بتفاصيله وشموليته ، له جذور عميقة ، وهو مرآة تعكس حياة الشعب الفلسطيني عبر التاريخ، و قدر هذه الرقعة المباركة ان تكون مَطْمِع لكل إستعماري ومحتل ،وقَدر  هذا  الشعب المقاوم ان يكون تحت حكم الاحتلال على مر التاريخ، وبالتالي فقد تأثرت ثقافته بهذه الظروف ، وأصبحت _إضافة لكونها أرشيف تاريخي تتوارثه الأجيال ينقل القصص البطوليةوالهوية التاريخية_  داعم أساسي لمقاومة الإحتلال ، حيث أصبح لمعظم الاعمال الفنية قصة مرتبطة بواقع الاحتلال والمقاومة والنضال.

ومن بين هذه الاعمال ، الاغنية الفلكلورية "يا ظريف الطول" والتي تناقلتها الأجيال في معظم المناسبات الاجتماعية والوطنية ، ولمن لا يعلم فلهذه  الأغنية الفلكلورية قصة بطولية ، حيث يُذكر ان الأجداد تناقلوا هذه الأغنية منذ أيام الانتداب البريطاني في فلسطين، ويروي الأجداد قصّة "ظريف الطول" مؤكدين أنه شاب فلسطيني كان يحمل اسماً فلسطينياً لكن طوله كان سبباً بأن يطلق عليه اسم "ظريف الطول".

أقام هذا الشاب في قرية كان غريباً عنها، وكان يعمل نجّاراً عند شخص يدعى أبو حسن، الذي كان يعطيه أجره كل أسبوع ولكن لم يكن يعلم ماذا يفعل بالمال، وأجمع أهل القرية أنه كان ذا خلق ولا يرفع عينه باتجاه امرأة، رغم أن فتيات القرية كنّ يحاولن التقرّب منه، حتى أن زوجة مختار القرية طلبت منه أن يصنع لها خزانة كي تلفت نظره لابنتها، وزوجة خطيب المسجد صنعت عنده صندوقا خشبيا للملابس وحدّثته عن ابنتها، وحتى الخطيب لمّح إلى الموضوع في خطبة الجمعة من دون فائدة، لأن "ظريف الطول" لا تعنيه هذه الأمور.
وفي يوم من الأيام هجمت إحدى العصابات الصهيونيّة على القرية واستشهد ثلاثة شبّان، وفي اليوم الثاني، غادر "ظريف الطول" القرية وعاد بعد أربعة أيام ليلاً دون أن يراه أحد، حتى عادت العصابات بعد شهر لتقتحم القرية، حينها قام "ظريف الطول" بتوزيع خمس بنادق على الشبّان كان قد اشتراها من ماله الخاص، وتم قتل ستة أشخاص من العصابات، وفي اليوم التالي، باعت النسوة ما يملكن من مجوهرات وذهب لشراء البنادق بثمنها، وعند عودة العصابات للأخذ بالثأر، اندلعت معركة كبيرة في كروم التفّاح واستشهد عدد كبير من أبناء القرية، وفي الوقت نفسه سقط عدد كبير من أفراد العصابات، وعندما قام أهل القرية بجمع جثث الشهداء، لم يجدوا "ظريف الطول" بينهم ولم يكن بين الأحياء واختفى، وأجمع أهل القرية على أنه قاتل بشراسة وقتل أكثر من 20 شخصاً من أفراد العصابات وأنقذ بعض شبان القرية، لكنه لم يظهر بعد المعركة. ومرّت الأيام وصار "ظريف الطول" أغنية القرية:

"يا ظريف الطول وين رايح تروح.. بقلب بلادنا تعبّقت الجروح، يا ظريف الطول وقف تاقولك.. رايح عالغربة فلسطين أحسنلك."


وتكملة الحكاية تقول: "بعد سنوات عدّة يقال إنه تمت مشاهدة ظريف الطول مع الثوار في يافا، والعديد من الناس حلفوا بأنهم شاهدوه مع جمال عبدالناصر في بورسعيد، وآخرون شاهدوه في غزة، ومنهم من قال إنه كان في بيروت إبان اجتياح 1982، ليتضح أن ظريف الطول هو كل مقاوم فلسطيني، وبقيت الأغنية تُردّد حتى يومنا هذا بكلمات تختلف ما بين أغنية وأخرى".


هذه عيّنة من القصص التي حوّلت الحكايات الشعبية والوقائع والأحداث الوطنية إلى أغان تراثية ارتبطت بشكل مباشر بثقافة فلسطين.

 

 


 

المصدر: وكالات+إضاءات