في مطلع الألفية الجديدة ارتبط العنف بالآسلام .ومنذ أحداث برجي التجارة العالمي (2001م) كانت النظرة العامة في المجتمعات الغربية إلصاق تهمة الارهاب بالعالم الاسلامي لذلك
النظام العالمي يرفض الاعتراف بالاسلام كعنصر مكون للهوية في الدول الإسلامية.وفي الحالة الافغانية ادى دعم الولايات المتحدة للعناصر الاكثر تطرفا اثناء القتال ضد الروس الى تغذية صراعات لم يكن في وسع الاطراف الافغانية تجاوزها بعد انتصارها. ومن غير المستبعد وجود استراتيجية امريكية ترغب في استمرار حراك بؤر توتر في العالم الاسلامي بما يوفر الحفاظ على المصالح الغربية وإبقاء الاسلام مرتبطا بالعنف الاعمى متعارضا مع الحضارة الليبرالية والتقدمية التي تدافع عن السلام والديموقراطية وحقوق الانسان. قد يبدو هذا التفسير تبسيطيا لكنه مؤثر.على الابتعاد عن النظرة التبسيطية الى الاسلام أن التنوع الكبير بين المجموعات الاسلامية سواء من ناحية الاهداف أو أشكال النضال التي تتبعها.وهذا ما يحدث من تناحر فصائل جهادية في سوريا مع بعضها البعض .كذلك تجد في الغرب تنوع المدارس الاسلامية في المساجد والمركز الثقافية .التي تتبني أفكار جهادية مختلفة .من الاشخاص الاسهل وقوعها في شرك التحكم من قبل القوى الاجنبية هم الأكثر اقتناعا بقضيتهم والأكثر صدقا، على ما في ذلك من تناقض. فهؤلاء يكونون عادة منخرطين في مقاومة تطغى عليها العوامل “العاطفية” ويقل بالتالي تأثير العامل السياسي فيها. وتؤمن بالعنف لذلك كانت تلك المراكز معامل تفريغ للجهاديين في الغرب .لتصديرهم للعالم الأسلامي في اوقات الفوضي الامتية والفراغ السياسي كما حدث في المناطق الرخوية في كل من العراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن . وخير مثال على ذلك تسلل قوى اجنبية وتحكمها في تنظيمات تبدو مناقضة لها، مما ساعد علي ظهور (داعش) اليس الفراغ الامني في العراق بسبب الامريكان . هو كان سبب زعزعة المنطقة الجيوساسية في الشرق الاوسط . ففي ثمانينيات القرن المنصرم . كان هناك دليل قاطع علي تورط الغرب والامريكان في مساعدة الجماعات الرداكالية. أن نموذج الشيخ (عمر عبد الرحمن) دليل قاطع مع رجل ضرير ان يسافر وهو الذي أصدر الفتوى باغتيال الرئيس انور السادات، وكانت تعرض المحاكمات أمام شاشات التلفزة العالمية اين أجهزة المخابرات الامريكية .ألم ترصد تحركات مفتي الجماعة . وبعدما أدين وحكم عليه بالسجن في مصر ظهر في ما بعد بصورة غامضة في الولايات المتحدة. من الذي ساعدة علي السفر الي السودان أولا : تقول سفارة الولايات المتحدة في السودان انها منحته تأشيرة الدخول لأنها لم تتعرف إليه. هل هذا يصدق . جرى هذا بعد اشهر قليلة من اغتيال السادات. تثير هذه الاحداث الدهشة وتضع علامات استفهام حول الطريقة التي تتحكم بها القوى الغربية بجماعات المعارضة من التيارات الاسلامية المختلفة .ومن الذي حكم علي الشيخ بالمؤبد اليست هي القوي التي صنعتهم .في أفغانستان .لكن المسألة المطروحة اليوم ابعد من ذلك. فالنظرة الشائعة في الغرب تقوم على تبسيط الاسلام وحصره في مفاهيم معينة كالجهاد وعلاقته بالعنف ومعاداته للديموقراطية وحقوق الانسان. ويوضح الكاتب ( الآن غريش) في كتابة ( أسئلة في الاسلام ) أن الاسلام مرَّ عبر القرون بالعديد من حركات الاصلاح، وان الاصلاح اليوم ضروري أكثر من أي وقت مضى لكن الأهم هو أن يكون من صنع المسلمين. ومن الغباء والخطر وضع المسلمين امام الخيار: إما أن تتخلوا عن الاسلام او نشن الحرب عليكم. وخطر الحرب بين الحضارات قائم وفعلي ليس لأن هناك من أراد وقوعها، بل لأن المنطق السائد في العالم هو أن صورة “الآخر” تصبح شاملة: لقد وضع الغرب في مواجهة الاسلام كما لو انه يشكل “كلا” متجانسا. فبرز المأزق وعلى الجميع الاختيار: إما نحن أو هم. هم الاشرار بطبيعة الحال ونحن الاخيار.
لذلك علينا جميعا أن الخروج من هذا المأزق، تنبغي اعادة النظر في المقاربات وفي الاجابة عن اسئلة من نوع: هل التضامن ضروري فقط بين اولئك الذين ينتمون الى ثقافة واحدة ودين واحد وأمة واحدة او البشر الذين يحملون قيماً مشتركة ومستقلة عن معتقداتهم.ويري الباحث والداعية الاسلامي التي يثير حولة الجدل بعد أتهامة بالتحرش الجنسي لسيدتين في سويسرا وفرنسا ( الدكتور طارق رمضان ) في نظريتة عن أسباب ظاهرة العنف في الاسلام : يري أن القمع الرهيب الذي واجهت به الدول العربية للإسلاميين في مرحلة ما بعد الاستقلال، ما ادى الى زيادة تشدد عدد من القيادات الاسلامية التي مرَّت في سجون الانظمة. وبرغم احتلال الحركات الاسلامية العنيفة مقدمة المشهد الا انها تبقى أقلية ضئيلة. وقد ادركت الحكومات أن في وسعها استخدام هذه الحركات بصورة غير مباشرة، كما حدث بعد تولي السادات الحكم لضرب الناصريين اذ انها تبرر بقاء النظم التي تقوم بتشبيه جميع خصومها بها. وبمرور الاعوام، اصبحت هذه الحركات هي الحليف الموضوعي والاكيد للديكتاتوريات، التي تقول انها تعمل للإطاحة بها بالقوة، على ما في ذلك من تناقض. من ناحية آخري. لم تنجح الحركات الاسلامية منذ عقود في اقامة ما يشبه الاممية التي انشأتها الاحزاب الشيوعية. اما تنظيم “القاعدة” فمع طابعه الدولي الا انه يفتقر بشدة الى المشروع السياسي، باستثناء قلب الانظمة العربية والاسلامية وضرب المصالح الغربية، ما يجعله في عزلة عن الحياة السياسية للبلدان التي يعمل فيها.
وهنا يطرح سؤال ؟ هل الدين يشكل عاملا في تفجير الصراعات ؟ من وجهة نظر الدكتور طارق رمضان . أن السبب العميق للصراعات مرتبط بالعوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية، الى جانب التحدي الذي تشكله العولمة لثوابت الهوية. ويصبح الدين هنا عنصرا او بعدا في الصراعات. وهنا اختلف مع رآي الدكتور طارق .هناك ظاهرتان مختلفتان في هذا السياق. الاولى طغيان التفسير الديني لبعض الصراعات في ظل سوء فهم المعطيات السياسية والاقتصادية وهي حالة الصراعات في آسيا وأفريقيا وأوروبا. الظاهرة الثانية هي استغلال المعطيات الدينية. فالبعد الديني للصراع في الشيشان ثانوي، لكن الروس ركزوا عليه بسبب إدراكهم للفوائد التي يمكن أن يجنوها من تصويرهم للحرب هناك على انها صراع ضد الاسلاميين والارهاب. وفي بعض الحالات تغذي الحكومات الصراعات ذات الاسباب الاقتصادية والسياسية، وتـُصورها على انها صراعات دينية وتستغلها لتقدم نفسها كحكم بين المتصارعين. أسامة بن لادن لم يكن فقيرا ولا أولاد الغامدي ولا الدكتور ايمن الظواهري .ولا كل مرتكبي حادث برجي التجارة العالمي كانوا في اكبر جامعات من التصنيف الأول عالميا .ومنهم أبناء اغني أغنياء العالم .لذلك يبقي السؤال لماذا تنمو ظاهرة العنف وترتبط بالاسلام ؟
محمد سعد عبد اللطيف
كاتب مصري وباحث في الجغرافيا السياسية