موجة برد غير مسبوقة تضرب الأمازون وتتسبب بتأثيرات خطيرة على الحيوانات
منوعات
موجة برد غير مسبوقة تضرب الأمازون وتتسبب بتأثيرات خطيرة على الحيوانات
4 شباط 2025 , 15:51 م

في ظاهرة نادرة، شهدت غابات الأمازون المطيرة موجة برد شديدة أدت إلى انخفاض حاد في درجات الحرارة، مما دفع الباحثين إلى دراسة تأثيراتها على الحياة البرية، وبينما تكيفت معظم الحيوانات مع الظروف القاسية، أظهرت بعض الحشرات حساسية مفرطة للبرد، مما يثير المخاوف بشأن تأثيرات تغير المناخ المستقبلية.

انخفاض غير متوقع في درجات الحرارة

عند إجراء الأبحاث في الغابات الاستوائية، لا يتوقع العلماء الحاجة إلى ملابس شتوية دافئة، ومع ذلك وجد الباحثان كيم ليا هولتسمان وبيدرو ألونسو-ألونسو، من مركز الأبحاث البيولوجية بجامعة فورتسبورغ، نفسيهما في مواجهة غير متوقعة مع طقس شديد البرودة خلال عملهما الميداني في جنوب بيرو عام 2023.

في 13 يونيو، انخفضت درجات الحرارة فجأة من متوسط 23.9 درجة مئوية إلى 10.5 درجة مئوية، واستمر الطقس البارد لما يقارب الأسبوع. وبينما اعتبر الباحثون هذا الحدث غير عادي، أكد المساعدون المحليون أن مثل هذه الموجات الباردة ليست نادرة تماما في الأمازون.

أول دراسة علمية عن تأثير موجات البرد على الحياة البرية

قرر فريق البحث استغلال الفرصة لدراسة تأثير هذه الموجة على الحيوانات، وعلى الرغم من وجود دراسات سابقة حول تأثير موجات البرد على الزراعة في الأمازون، تعد هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تركز على تأثيرها على المجتمعات الحيوانية البرية في المناطق المنخفضة من الأمازون.

تأثير موجة البرد على الحشرات والثدييات

بشكل عام، أظهرت الحشرات والثدييات التي شملتها الدراسة قدرة جيدة على التأقلم مع موجة البرد، باستثناء بعض أنواع الحشرات التي أظهرت ضعفا واضحا، وقد كشفت الدراسة أن ربع الحشرات التي تم تحليلها قد وصلت إلى الحد الأقصى لتحملها للبرد، مما يعني أن أي زيادة في شدة هذه الموجات مستقبلاً قد تؤدي إلى مشاكل بيئية خطيرة.

تركيز الدراسة على الحشرات والثدييات

اعتمد الباحثون على بيانات تم جمعها مسبقا خلال عام 2022 كجزء من دراسات التنوع البيولوجي، حيث تم تسجيل أعداد الحشرات الطائرة والزاحفة باستخدام مصائد متخصصة، بالإضافة إلى مراقبة الثدييات مثل الجاكوار والتابير والخنازير البرية عبر 12 كاميرا مراقبة.

خلال موجة البرد، انخفضت كتلة الحشرات ونشاطها بشكل حاد، إلا أن معظم الأنواع تعافت بالكامل بعد انتهاء الموجة. ومع ذلك، بقيت أعداد خنافس الروث منخفضة، مما يشير إلى حساسيتها الشديدة للبرد مقارنةً ببقية الحشرات.

قياس تحمل الحشرات للبرد

قام الباحثون بقياس تحمل الحشرات للبرد من خلال تعريضها لانخفاض تدريجي في الحرارة حتى فقدت قدرتها على الحركة. وكشفت النتائج أن معظم الحشرات يمكنها تحمل درجات حرارة أقل من 10.5 درجة مئوية، وهي الدرجة التي سُجلت أثناء موجة البرد. لكن 25% من الحشرات التي تمت دراستها دخلت في حالة خمول عند انخفاض الحرارة بمقدار 0.62 درجة مئوية فقط.

في حالة استمرار هذا الخمول لفترة طويلة، قد يؤدي ذلك إلى تقليل فرص بقاء هذه الحشرات على قيد الحياة، مما يؤثر على التوازن البيئي في المنطقة.

هدوء غير معتاد في الغابة المطيرة

لم تُسجل الثدييات نشاطا كبيرا أمام كاميرات المراقبة أثناء موجة البرد، على الرغم من قدرتها على الحفاظ على حرارة أجسامها الداخلية. ويفترض الباحثون أن هذه الحيوانات قامت بتقليل نشاطها الجسدي لتوفير الطاقة اللازمة للتدفئة.

اختفاء العناكب والخنافس الكبيرة

تمثل خنفساء الروث العملاقة Coprophanaeus lancifer والعنكبوت البرازيلي المتجول Phoneutria boliviensis بعضًا من أكثر الكائنات شيوعًا في الغابة المطيرة، إلا أنهما اختفيا تمامًا خلال موجة البرد، مما يدل على تأثرهما الكبير بانخفاض درجات الحرارة.

بعد انتهاء موجة البرد، استعادت الثدييات والحشرات أنشطتها الطبيعية، لكن الباحثين لاحظوا أن الطيور والزواحف والبرمائيات بدت أقل نشاطا خلال الفترة الباردة، مما جعل الغابة تبدو صامتة بشكل غير معتاد.

الخلفية العلمية: موجات البرد في الأمازون

تحدث موجات البرد في الأمازون عندما تنخفض درجات الحرارة بشكل مفاجئ لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام متتالية، وخلال الفترة بين عامي 1980 و2017، تم تسجيل 67 موجة برد في حوض الأمازون، استمرت بعض هذه الموجات حتى ثمانية أيام.

يرجع سبب هذه الظاهرة غالبا إلى الكتل الهوائية الباردة القادمة من القارة القطبية الجنوبية، والتي تتحرك شمالًا بمحاذاة جبال الأنديز والهضبة البرازيلية. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان لهذه الظاهرة نمط دوري محدد.

التغير المناخي ومستقبل الحياة البرية في الأمازون

تشير نتائج هذه الدراسة إلى أن بعض أنواع الحشرات قد تواجه صعوبة في التكيف مع موجات البرد الأكثر شدة في المستقبل، خاصة إذا ازدادت هذه الظواهر نتيجة تغير المناخ. وإذا استمرت درجات الحرارة في التذبذب بشكل غير متوقع، فقد يؤدي ذلك إلى تأثيرات واسعة النطاق على النظم البيئية في الغابات المطيرة.

تكشف هذه الدراسة عن مدى تأثير التغيرات المناخية المفاجئة على الحياة البرية في الأمازون، مما يبرز الحاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم كيفية تكيف الكائنات الحية مع الظروف البيئية المتقلبة، كما تسلط الضوء على أهمية مراقبة تأثيرات تغير المناخ على التنوع البيولوجي في واحدة من أغنى البيئات الطبيعية على وجه الأرض.