هذا ما أخفاه الإعلام العبري في قضية أسرى نفق الحرية
أخبار وتقارير
هذا ما أخفاه الإعلام العبري في قضية أسرى نفق الحرية
27 تشرين الثاني 2021 , 19:04 م

ما زالت وسائل الإعلام العبرية تنشر بين فينة وأخرى، ما تقول إنها معلومات جديدة أو نتائج التحقيق التي استطاعت أجهزة الأمن الإسرائيلية المختلفة الحصول عليها من الأسرى الفلسطينيين الستة الذين نفذوا عملية الهروب من “نفق الحرية” بداية شهر أيلول الماضي.


ولكن، هل المعلومات التي ينشرها الإعلام العبري كاملة أم منقوصة؟. وهل تستخدم أجهزة الأمن الإسرائيلية وسائل الإعلام العبرية لتحقيق أهدافها؟. 


 المختص بالشأن الإسرائيلي والمتابع للإعلام العبري، عصمت منصور، قال: إنه من خلال المتابعة المتواصلة للإعلام العبري فإنه كان في الساعات والأيام الأولى من تنفيذ عملية الهرب من نفق الحرية. وكأنه في صدمة وغير مصدق ما يحصل، وكانت التغطية مرتبكة بشكل واضح. خاصة بعد قرار السلطات القضائية الإسرائيلية التعتيم وعدم النشر.


واستطاعت أجهزة الأمن الإسرائيلية معرفة أن الأسرى الستة حملوا مذياعا معهم. وكانوا يدركون أن الأسرى يعرفون اللغة العبرية؛ لذلك كان مهما أن يتم بث رسائل لكي تصلهم.


لذلك نشر الإعلام العبري بداية أنهم هربوا إلى لبنان أو الأردن. وكان موجها لتضليل الأسرى الفارين، ولصالح خدمة عملية الملاحقة.


كذلك فإن المراسلين الإسرائيليين، كانوا يقوموا بدور واضح في الحفاظ على تماسك المجتمع الإسرائيلي. ولهم دور هام في خدمة الأمن القومي الإسرائيلي والحفاظ على هيبة الدولة العبرية.


يرى منصور، أن قضية الهروب لها دلالات كبيرة وكثيرة؛ منها كسر المنظومة الأمنية التي تبدو أنها لا تقهر. وكذلك التوحد الفلسطيني خلف قضية الأسرى، ورفع معنويات الفلسطينيين وكأنها أصبحت مثل “معركة القدس” أو العدوان على غزة.


ويستخدم الإعلام العبري- وفق منصور- للتسويق للمنتجات العسكرية الإسرائيلية، والحفاظ على صورة الدولة القوية عسكرياً، وإقناع الدول الأخرى بالإنتاج العسكري والاستخباراتي الإسرائيلي. لذلك تم ملاحظة أن الإعلام العبري كان يستخدم مصطلحات مثل: “تم استعمال تقنيات لأول مرة”، وأن ” تكلفة المطاردة كانت عالية جدا”، وغيرها.


وكأنه يقول للعالم إنه يمتلك منظومات عسكرية واستخباراتية متطورة لا يمكن اختراقها. وإن كان هناك خلل فإنه بسيط ويحصل في كل مكان.بحسب المختص “منصور”.


ورأى “منصور” أن الإعلام العبري في قضية الأسرى الستة استُخدم أيضاً في ضرب النسيج الوطني الفلسطيني. لأن الوحدة التي حصلت بين فلسطينيي الضفة والداخل المحتل عام 48 أثارته.


كما أنّه استُخدم في تحطيم أسطورة أن جنين ومخيمها عنوان المقاومة. من خلال التركيز على أن اعتقال الأسيرين أيهم كممجي ومناضل نفيعات تم دون مقاومة.


يقول منصور إن الإعلام العبري كان يستخدم عبارات منزوعة من سياقها، وهي لا تعكس عشرات ساعات التحقيق، واختزالها في تقرير صحفي من عدة كلمات، لأن هناك تحقيقات قام بها الشاباك لمعرفة الاختراقات الأمنية، وتحقيقات قامت بها الشرطة الإسرائيلية لمعرفة خروقات القانون.


وكان ما يُسرب من التحقيقات يظهر أن الأشخاص الهاربين أناس عاديون وليسوا اسطورة، من خلال إظهار أنهم يتعاطون مع المحققين، واستخدام مصطلحات لكسر حالة التضامن الفلسطينية معهم، والحفاظ على هيبة اسرائيل وقوتها؛ لذلك ما تم نشره هو نقطة في بحر المعلومات التي حصلت عليها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.


وينهي منصور حديثه متسائلا: لماذا يتم كشف التحقيقات بهذه السرعة؟ خاصة أن الأمن الإسرائيلي يُعرف عنه عدم الحديث عن انجازاته وعملياته مباشرة.


من جانبه يقول شداد العارضة، وهو شقيق الأسير محمود العارضة مهندس ومنفذ عملية الهروب من “نفق الحرية”، إن ما كشفه الإعلام العبري، لا يتجاوز 50% من الحقيقة؛ لأنه حاول تقزيم انجازات الأسرى. وتضخيم صورة انتصاره بإعادة اعتقالهم ونزع المعلومات منهم.


وتهدف المنظومة الأمنية الإسرائيلية من ذلك – وفق العارضة- إلى الضغط على الأسرى في السجون، من خلال منع بعض الحقوق لهم، مثل منع الملاعق عنهم، أو حتى مشروب الكولا. متذرعا بأنها تستخدم في عمليات الهروب، كما روج لها. وهي أمور غير صحيحة نفاها “محمود” جملة وتفصيلاً.


يقول شداد الذي مكث مع شقيقه محمود لمدة يومين قبل الإفراج عنه مؤخرا، إن محمود أخبره بكل شيء، وهو لم يستخدم ملعقة كما يروج الاحتلال. بل استخدم بُرغياً وبعض القطع المعدنية وحجراً للمساعدة في الحفر، ولم تستخدم الكولا في تذويب الأرضية، ورواية محمود – وفق شقيقه هي الأصدق والأدق-.

محمود العارضة كان يدرك تماما ما الذي يقوم به- حسب شقيقه شداد- ويعلم أن عملية الهروب كانت ستحرك الشارع الفلسطيني وتعيد قضية الأسرى للواجهة، وكان متيقناً أنه إما سيكتشف أمره أو يعاد اعتقاله. ولكنه كان يسعى إلى الإلتفاف الجماهيري حول الأسرى وإعادة الوهج الدولي لهم.


وأراد الإعلام العبري- وفق شداد العارضة- إيجاد شرخ بين الفلسطينيين، عندما زعم أن فلسطينيي الداخل هم من وشوا بالأسرى. وعندما زعم أن السلطة الفلسطينية رفضت مساعدة الأسرى وخاصة الأسيرين اللذان وصلا جنين (أيهم كممجي ومناضل نفيعات). وهي أخبار غير صحيحة بالمطلق، لأنه تأكد منها من الأشخاص الذين ساعدوا الأسرى الستة.


ويرى العارضة أن الرواية الفلسطينية في هذه الحالة هي الأصدق، والإعلام العبري موجه، ورسالة الأسرى الستة التي قادها محمود العارضة واضحة لا لبس فيها، وهي إعادة ملف الأسرى إلى الواجهة. وهو ما تم بالفعل رغم التشويهات التي تروج لها وسائل الإعلام العبرية.

المصدر: موقع اضاءات الإخباري