لا تزال ذكراه حيّة في قلوب الأحياء الذين عرفوه والذي لطالما قال رحمه الله ..
يا من تبحث عن مرقدنا بعد شد الرحال قبرنا يا هذا في صدور العارفين من الرجال
ألف تحية وسلام لروحك ، فلطالما قلت وردّدت:
بالمحبة تصبح المرارة حلوة
وبالمحبة يصبح النحاس ذهبا
وبالمحبة تصبح الآلام شافية
فلكم من شمعة أضأت في ظلام ههذا العالم الدامس، ولكم من روح أغرقها اليأس أعدت لها ضياءها وأنرت بنور الله جوانبها، وأنت تقول:
َ انت في القيمة أسمى من العالمين كليهما فماذا يمكن أن أفعلَ إذا كنتَ لا تعرفُ قدرك؟
لا تبعْ نفسك رخيصاً،وأنتَ نفيسٌ جدا في عيني الحقّ
كلماتك تنبض حياة وتلتهب نورا وضياء، فقد صغتها بدم القلب ومهجة الروح
وأنت قد اخترت من بين كل الطرق الى الله طريق العشق.. وقد قلت:
من بين كلّ الطرق الى الله اخترتُ طريق العشق..
ولتعلم ان العشق صامت تماما ..
وانه ﻻ يوجد كلمات يمكنها وصفه
وكانت وصيّتك لنا السير المستقيم في هذا الطريق، والسّير الى الله وقلت :
وضع الله أمامنا سلّمًا علينا أن نتسلقه درجةً إثر درجة لديك قدمان فلم التظاهر بالعرج ؟!
اليكم نبذة عنه"
ولد في منطقة بلخ في خراسان وما يعرف حالياً بأفغانستان في 6 ربيع الأول 604 هـ الموافق لـ 30 سبتمبر 1207م. ويَعتقد بعض أتباعه أنه ولد في مدينة صغيرة تسمى واخش في طاجيكستان الحالية. وحينها كانت بلخ تابعة لإمبراطورية الخوارزم الخرسانية. وكانت عائلته تحظى بمصاهرة البيت الحاكم في "خوارزم". كانت أمه مؤمنة خاتون ابنة خوارزم شاه علاء الدين محمد. وكان والده بهاءالدين ولد يلقب بسلطان العارفين لما له من سعة في المعرفة والعلم بالدين والقانون والتصوف.
عند قدوم المغول، هاجرت عائلته هرباً إلى نيسابور، إذ التقى الرومي هناك الشاعر الصوفي فريد الدين العطار، الذي أهداه ديوانه أسرار نامه والذي أثر على الشاب وكان الدافع لغوصه في عالم الشعر والروحانيات والصوفية، ومن نيسابور سافر مع عائلته وهناك لقب بجلال الدين، ثم تابعوا الترحال إلى الشام ومنها إلى مكة المكرمة رغبة في الحج. وبعدها، واصلوا المسير إلى الأناضول واستقروا في كارامان لمدة سبع سنوات حيث توفيت والدته. وتزوج الرومي بجوهر خاتون وأنجب منها ولديه: سلطان ولد وعلاء الدين شلبي. وعند وفاة زوجته تزوج مرة أخرى وأنجب ابنه أمير العلم شلبي وابنته ملكة خاتون.
في عام 1228م توجه والده إلى قونية عاصمة السلاجقة بدعوة من علاء الدين كيقباد حاكم الأناضول واستقروا بها حيث عمل الوالد على إدارة مدرستها، تلقى جلال الدين العلم على يدي والده، ويدي الشيخ سيد برهان الدين محقق من بعد وفاة والده[23] لمدة 9 سنوات ينتهل علوم الدين والتصوف منه، وفي عام 1240م توفي برهان الدين فانتقل الرومي إلى مزاولة العمل العام في الموعظة والتدريس في المدرسة، وخلال هذه الفترة توجه الرومي إلى دمشق، وألتقى فيها الشيخ محي الدين بن عربي صاحب كتاب الفتوحات المكية وأهداه بعض أعماله العربية[24][25][26][27][28]، وقضى فيها أربع سنوات حيث درس مع نخبة من أعظم العقول الدينية في ذلك الوقت، بمرور السنين تطور جلال الدين في كلا الجانبين: جانب المعرفة وجانب العرفان.
في عام 1244م وصل إلى مدينة قونية الشاعر الصوفي شمس الدين تبريزي، باحثاً عن شخص يجد فيه خير الصحبة وقد وجد في الرومي ضالته، ولم يفترق الصاحبان منذ لقائهما حتى إن تقاربهما ظل دافعاً لحسد الكثيرين على جلال الدين لاستئثاره بمحبة القطب الصوفي التبريزي، وفي عام 1248م اغتيل التبريزي ولم يعرف قاتله ويقال أن شمس الدين التبريزي سمع طرقاً على الباب وخرج ولم يعد منذ ذلك الحين.
حزن الرومي على موت التبريزي وأحبه حباً عميقاً خلف وراءه أشعاراً وموسيقى ورقصاتٍ تحولت إلى ديوان سماه ديوان شمس الدين التبريزى أو الديوان الكبير.
وحتى مماته كان الرومي يقدم المواعظ والمحاضرات إلى مريديه ومعارفه وللمجتمع، ووضع معظم أفكاره في كتب بطلب من مريديه وتوفي في 17 ديسمبر 1273م وحمل نعشه أشخاص من ملل خمسة إلى قبر بجانب قبر والده وسمى أتباعه هذه الليلة بالعرس وما زالوا يحتفلون بهذه الليلة إلى الآن.