في ذكراها الـ٦٣, لماذا بقيت الثورة الكوبية عصية على اليانكي؟!
مقالات
في ذكراها الـ٦٣, لماذا بقيت الثورة الكوبية عصية على اليانكي؟!
محمد النوباني
1 كانون الثاني 2022 , 11:47 ص


كتب الأستاذ محمد النوباني:

تحل اليوم الذكرى ال ٦٣ لانتصار الثورة الكوبية المظفرة التي قادها الرئيس الراحل فيدل كاسترو ومجموعة من الثوريين الحالمين العظام،الذين كان في مقدمهم الثائر الاممي صاحب الذكر المؤبد أرنستو تشي جيفارا.

إننا عندما نتحدث عن الثورة الكوبية،فإننا نتحدث عن ثورة عظيمة تمكنت ورغم عدم تكافؤ الامكانات واختلال موازين القوى لصالح الاعداء، من ألإطاحة بنظام ديكتاتوري متخلف مدعوم من قبل راعية الإرهاب الدولي الولايات المتحدة الامريكية وإقامة اول نظام إشتراكي في نصف الكرة الغربي،على بعد ٨٠ ميلاً فقط من الشواطئ الامريكية.

لقد كانت كوبا قبل إنتصار ثورتها الاشتراكية المظفرة اي في عهد الطاغية باتيستا المدعوم من قبل امريكا مزرعة خلفية للطغمة المالية الامريكية التي كانت تسيطر بواسطة حفنة من عملائها الكوبيين على مزارع قصب السكر وعلى صناعة السيجار الكوبي الفاخر. بل واكثر من ذلك فقد كانت عبارة عن بيت دعارة وكازينو كبير يرتاده الامريكيون لممارسة البغاء ولعب القمار فجاءت ثورتها الإشتراكية لتحرر إقتصاد وعمال وفلاحي ونساء كوبا من كل آفات وشرور الراسمالية المتوحشة.

كما استطاع ثوار كوبا بناء مجتمع جديدة خال من الإستغلال والقهر الطبقي وتحرير الإرادة الكوبية من الإرتهان للأجنبي.

لقد حققت الثورة الكوبية إنجازات اقتصادية وإجتماعية وصحية هائلة للشعب الكوبي واقامت بقيادة حزبها الشيوعي دولة مؤسسات لا تعتمد على الزعيم الاوحد ولا تنتهي برحيله ولذلك فقد استعصت على الهزيمة سواء من خلال التدخل العسكري من الخارج(عملية خليج الخنازير الفاشلة عام 1961)ومن ثم من خلال الحصار الاقتصادي المستمر الذي فرضته واشنطن عليها منذ اليوم الاول لانتصار ثورتها.

كما يسجل لكوبا ان السلطة فيها إنتقلت وبشكل سلس بعد مرض قائدها التاريخي فيدال كاسترو إلى من خلفه في قيادة الحزب والدولة الكوبية.

لقد ظن امبريالية اليانكي ان الثورة الكوبية سوف تنهار وتسقط من الداخل بعد انهيار وتفكك الاتحاد السوفياتي السابق وبلدان ما كان يسمى بالمنظومة الاشتراكية، ولكنهم فوجئوا بأن ذلك السقوط ورغم نتائجه السلبية على الإقتصاد والمجتمع الكوبي زادها عنفوانا وقوة وإعتماداً على الذات.

وسبب ذلك ان زعيمها التاريخي الراحل فيديل كاسترو لم يعتمد في رسم استراتيجيات بقاء الحزب الشيوعي و الدولة الكوبية على وجود او زوال الاتحاد السوفياتي السابق، اي على العامل الموضوعي الخارجي، بل على العامل الذاتي،الداخلي ممثلا بحركة الجماهير المنظمة والواعية والجاهزة دوما للدفاع عن انجازات الثورة وهذا سر بقاء الثورة الكوبية رغم غياب الظهير الأممي.

وبإختصار فإن اعتماد كوبا على نفسها اولا وعلى اقتصادها المقاوم ثانيا ووقوف روسيا مجددا إلى جانبها في عهد بوتين ثالثا وتطور علاقاتها مع الصين رابعا مكنها من تجاوز كل الصعوبات التي إعترضت طريقها بعد العام ١٩٩٢ من القرن الماضي.

إن عظمة كوبا كانت ولا زالت تكمن في انجازات الثورة الكوبية حيث يعترف الامريكيون انفسهم بأن مستوى الخدمات الطبية في كوبا متقدم اكثر من مستواه في الولايات المتحدة الامريكية وكلفة العلاج فيها اقل بكثير ولذلك فان المواطنين الامريكيين كانوا ولا زالوا يتسللون بحرا الى كوبا طلبا للعلاج.

كما ان موقفها الاممي المساند لنضال الشعوب المظلومة ضد الامبريالية والصهيونية ومن اجل بناء عالم متعدد الاقطاب على انقاض عالم القطب الامريكي الواحد ومن اجل بناء نظام اقتصادي عالمي جديد متحرر من الراسمالية المتوحشة والعولمة المجرمة ومن العبودية الاقتصادية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي جعلها محط احترام وتقدير كل احرار العالم..

اما بالنسبة لنا نحن الشعب الفلسطيني فان وقوفنا الى جانب كوبا وتضامننا غير المحدود معها هو واجب علينا لانها لم تبخل علينا يوماً رغم مصاعبها الإقتصادية لا بالدعم السياسي ولا الدعم الدبلوماسي وكانت ولا زالت تمنح الكثير من الطلبة الفلسطينيين الفرصة لمواصلة تحصيلهم العلمي في جامعاتها ومعاهدها العليا.

وفي الختام فإن الثورة الكوبية بقيت صامدة ايضاً لأنها لم تغلب مصلحة الدولة على مصلحة الثورة ولم تقم بينهما سوراً صينياً عظبماً فبقيت ثورتها متجددة،صامدة ومنتصرة.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري