ورحل الاستاذ الفيلسوف الأديب والعالم والسياسي النقي والانسان الانسان، علي يوسف الى رضوان الله ورحمته .
عرفناه كبيراً في زمن الإقطاعيين الكبار .. ولكنه كان من الغالبين، بإباء وكرامة لا تلين.
عرفناه معلما يغدق من قلبه وروحه جداول العلم الشافية، في مسارب محبة وإيثار وبأريحية، كأنه يعطي نفسه لمن توسم فيهم شعل المستقبل المجيد ..
وفي أوطان كما في بلاد الجاهلية العمياء، لم يتذلل ويذهب إلى أعتاب الزعماء وسلطات الدين والدنيا، وهم الذين لم يتنازلوا عن عروش استكبارهم ليحتضنوا قامات الإبداع والفكر والصلاح، فكانت عتبة إيمانه أعلى من معاقل ظلامهم وظلمهم.. اكتوى بنيران جورهم واستبدادهم وهم، ويا للمفارقة لم يزالوا يتناسلون، كالبوم الذي يهدم ويؤذي ليزدهر في ممالك الخراب ..
وهو الفكر الذي عرف الحق فعرف أهله، ورغم خوضه عباب السياسة إلّا أنّه نجا من موبقاتها،وإن ولج إلى محاريب الدين، فربما وجد حشود المنافقين، فانتحى في زاوية نفس نقية صمتت ازاء ضجيج وأباطيل ممثلين، تبدو بأقنعة الرياء، فكان مع الصادقين .
إنّه العقل النقي، والمنار الذي لم تحجبه ظلمات الحقد والوان الجهل والحسد السوداء الغبراء.
رحل الكبير الكبير علي يوسف الانسان، ولكن ليظلّ حياً في نفوسٍ نقية كالمرايا الصقيلة وَفِيّةٍ للضياء ،
ولتبقى رايته في أعلى قمة مشرقة، مشرفةٍ بآمال الِارتقاء والنقاء والكرامة الانسانية، حتى بلوغ أعلى البناء.
فالله نسأل ان يكون في جوار الشهداء والصديقين، إنّ الله هو أرحم الراحمين.