ماذا لو بدأت معركة إدلب السورية؟
قرابةالستة أشهر مضت على وقف اطلاق النار مدينة ادلب السورية والذي تم باتفاق بين الرئيسين الروسي والتركي في الخامس من آذار الفائت، منذ ذلك التاريخ كان يفترض ووفق الاتفاق أن تنسحب الفصائل المسلحة التي يضمنها التركي من على جانبي الطريق الدولي بمساحة ٦ كيلو مترات، بالتوازي مع تسيير الدوريات المشتركة الروسية التركية بشكل آمن، سارت الدوريات فعلا ولكن لم يكن عامل الأمان مرافقا لها، أكثر من ٢٠ دورية، واحدة منها فقط استطاعت قطع كامل المسافة المحددة على طول طريق الM4 عدا عن تعرض كثير من الدوريات للاعتراض والاستهداف من قبل الفصائل المساحة التي تقول تركيا انها رافضة للاتفاق.
سريعا تطور المشهد على جبهة إدلب إلى خروقات من قبل المسلحين عبر هجمات ضد نقاط الجيش السوري وعلى أكثر من محور على طول الجبهة دون أن تفلح في احداث خرق او تغير في خارطة السيطرة التي رسمها الجيش قبيل الخامس من آذار ؛ وأمام هذه الهجمات المتكررة كانت القوات السورية في حالة من الجاهزية القصوى وكثيرا ما عززت مواقعها على مدار الأيام التي تلي كل هجوم.
الجانب الروسي الذي منح تركيا فرصا كثيرة لتنفيذ الاتفاق وضمان انسحاب المسلحين، اعتاد أن يتعامل مع ملف إدلب بكثير من الصبر ولكن ما قالته وزارة الدفاع الروسية يشي وكأن هذا الصبر الروسي قد نفذ، حيث دعت تركيا لاتخاذ إجراءات "لضمان النظام" على الأراضي التي تنتشر فيها القوات التركية بسوريا ووقف "الأنشطة الإجرامية" للجماعات المسلحة الموالية لها وهذا ما جاء حرفيا في بيان لرئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا، اللواء البحري ألكسندر شيربيتسكي.
المسؤول العسكري الروسي قال "رصدنا اشتباكات كثيرة بين مختلف الفصائل المسلحة، مما أسفر عن سقوط قتلى بين المدنيين، وتؤدي هذه الأعمال غير القانونية إلى أزمة اجتماعية واقتصادية عميقة وتهدد حياة وسلامة الآلاف من المدنيين السوريين".
وأضاف أن عناصر الجماعات المسلحة الموالية لتركيا تقوم بسرقة ممتلكات المواطنين والمعدات في المنشآت الحيوية الخاصة بتزويد السكان بالمياه والكهرباء وقال "ندعو الجانب التركي إلى اتخاذ إجراءات لضمان النظام في الأراضي التي تنتشر فيه القوات المسلحة التركية ووقف الأنشطة الإجرامية للجماعات المسلحة الخاضعة لسيطرتها".
هذه الدعوة الروسية للجانب التركي تشي وكأن ملامح عملية عسكرية شاملة تلوح في سماء إدلب ويعتقد أن يكون الجانب السوري وبدعم روسي هو المبادر بهذه العملية خاصة اذا ما أخذنا بالحسبان حجم التعزيزات العسكرية التي توجهت من جبهات سورية أخرى باتجاه إدلب حيث تشير المعلومات إلى قيام الجيش السوري بإرسال تعزيزات من الدبابات والمشاة إلى مختلف جبهات ادلب الممتدة من ريف حماة وصولا إلى ريف اللاذقية مرورا بجسر الشعور.
بالمقابل أيضا وخلال شهر مضى فقط عززت تركيا من نقاط المراقبة المنتشرة لها في منطقة ادلب وريفها وريفي حماة وحلب؛ معبر كفرلوسين الحدودي مع تركيا شهد دخول مئات المدرعات والآليات التركية الى إدلب ما يعني أن أنقرة تضع في حسبانها فعلا ساعة العمل العسكري وتشي استعداداتها بتحضرها لكافة السيناريوهات.
وإذا ما اعلنت معركة إدلب يعتقد أن تكون الجولة الحاسمة في تحديد مصير هذه البقعة الجغرافية الأسخن على الاطلاق وهي جبهة التوتر الاعنف والتي اذا ما حسمت تضع سوريا أمام استحقاق ميداني مهم.