لم يكن نشوء الكيان السّعودي أقلّ دمويّةً وإرهابيّةً من قيام أمريكا، التي قامت على أنقاض الهنود الحمر، ولا أقلّ إجراماً من نشوء الكيان الصّهيوني الذي قام على أجساد الفلسطينيين، بل كان أكثر إرهاباً وإجراماً وقتلاًوتمثيلاً وتنكيلاً بالبشر.
وما يميّزه عن الكيانين الأميركي
«والإسرائيلي» أنّه أكثر خطورةً على الأمّة، حيث إنّ بني سعود المنحدرين من أصلٍ يهوديٍّ يعود لجدّهم مردخاي بن ابراهام بن موشي الدونمي، من يهود الدونمة وفق ما أثبته الكاتب الشّهيد ناصر السعيد في كتابه «تاريخ آل سعود».
وعليه فإنّ هؤلاء اليهود الذين أسّسوا الكيان السّعودي، بدعمٍ بريطاني تكمن خطورته في الحقائق التّاريخية الآتية:
1 ـ تبنّيهم للهوية العربيّة وهم يهود في الأصل، واتخاذهم الإسلام ستاراً للحكم،وقيام كيانهم الوظيفي الحليف للكيان الصّهيوني.
2 ـ اغتصابهم لشبه الجزيرة العربيّة، بدعم بريطانيا التي دعمت قيام الكيان الصّهيوني الذي اغتصب فلسطين.
3 ـ قيام الكيان السّعودي على الغزوات وارتكاب المذابح والمجازربحقّ القبائل العربيّة، كما حصل في فلسطين من غزواتٍ ومذابحَ، على يد عصابات الهاغاناه وشتيرن الصهيونية وغيرها.
4 ـ ضرب واستهداف كلّ عناصر القوّة في الأمّة، لا سيما تيّارات المقاومة وتشتيتها، وتحويل مسار الصّراع مع الكيان الصّهيوني إلى صراعاتٍ وحروبٍ داخل الأمة.
عبر التاريخ أثبت الكيان السعودي، بكلّ ملوكه وحكّامه الذين توالواعلى الحكم هذه الحقائق.
فالسعوديّة التي استدرجت الرئيس جمال عبدالنّاصر للحرب في اليمن، لم تكن مهمّتها سوى إشغال الرئيس المصري، عن استكمال المواجهة مع العدو الصّهيوني؛ فقد كشفت وثائق للمخابرات الأمريكيّة والبريطانيّة و«الإسرائيليّة» نُشِرَت مؤخّراً، عن حقائق هامّة تتعلّق بدورٍ خطيرٍ، قام به الملك فيصل، بالتنسيق مع أمريكا قبل حرب 1967، للتآمر على عبد النّاصر وهزيمته، وكشفت عن اتصالاتٍ سرّيةٍ أجراهابنوسعود بالإسرائيليين، بهدف دعمهم مباشرة، أو من خلال واشنطن، لضرب عبد الناصر، وتحجيم دوره القومي،وفرض الهزيمة المعنويّةعليه، بعد الهزيمة العسكريّة عام 1967 وهو ما جرى فعلياً…
كذلك الأمر ما جرى اليوم، حيث أعادت السّعودية نفس السيناريو،من خلال ما يسمّى بالرّبيع العربي،لاستنزاف سورية قلعة المقاومة وحصنها، وإشغال المقاومة، بعد انتصاري2000 و2006، ومحاولة تفتيت قدراتها، لكنّها فشلت وأسقط مشروعها، ومحاولة استعادة العراق من محور المقاومة، والسّيطرة على اليمن الذي أذلّ طواغيت بني سعود وحلفائهم.
لم تتغيّر مسلكية بني سعود، منذ نشوء كيانهم الوظيفي حتى اليوم،وهذا ليس تحليلاً ولا توقعاً، بل هو وقائع تاريخيّة موثّقة، عبّر عنها الزّعيم الراحل جمال عبد النّاصر، في محطاتٍ كثيرةٍ. فمن خطاب له في الثالث والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر عام 1962، قال «سقط لنا 136 ضابطاً وعسكريّاً، جزمة كلّ واحد منهم أشرف من تاج الملك سعود والملك حسين».
وفي الثّاني والعشرين من تموز/ يوليو من العام نفسه، كشف عبد الناصر عن التّعاون بين الاستعمار والنظام السّعودي قائلاً: «لاحظنا، في السنة الأخيرة، تعاوناً مطلقاً بين الرجعية العربيّةوقوى الاستعمار، ويوجد تعاونٌ وتضامنٌ بينهم،في العمل ضدّ القومية العربيّة وقوى الثّورة والتّحرر العربي. فصفقات السّلاح تستهدف العرب، ولا تستهدف عدو العرب».
أمّا عن قضية فلسطين وبني سعود، فكان للزعيم عبد الناصر رأي يقول: «أنا لا أتصوّر، بأيّ حال من الأحوال، أنَّ المملكة السعودية تستطيع أن تحارب في فلسطين،وفيها قاعدة أميركية وفيها قاعدة بريطانيّة.
لم تكن مواقف الرئيس جمال عبد الناصر حينها طائفيّةً ولا مذهبيةً، ولا عشائريةً أو عنصريّةً، وهو العربي الذي عمّد عروبته بالدّم، وهو المسلم الذي تقدّم لمقاومة المحتلّ الصهيوني لأرض فلسطين، وهو السني الذي ثار في وجه الظالمين والمستبدّين، وفي مقدمتهم بنو سعود.
تلك المواقف، لم تكن إلا تعبيراً عن واقعٍ وحقيقة دامغة، كشفت دور بني سعود ومؤامراتهم على الأمّة.
وما قاله الأمين العام لحزب الله،السيّد حسن نصر الله، في خطابه الأخير في ذكرى الشّهيدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس، هو نفس الحقيقة التي عبّر عنها الرئيس عبد الناصر، منذ أكثر من خمسين عاماً، ولا يزال نفس الكيان يتآمر على الأمة، ولكي لا يعطي البعض صبغةً طائفيةً أو مذهبيّة لكلام السّيد نصر الله، نقول لهم راجعوا مواقف الرّئيس عبد الناصر، التي ردّ عليها بنو سعود بتكفيره، في الثالث والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر من عام 1962، حيث نشرت صحيفة «عكاظ» السّعودية، على صفحتها الأولى، وبالخط العريض، فتوى لفقهاء البلاط الملكي تقول:(جمال عبد الناصر كافر بالإجماع).وهوعنوان يختصرعقليّة الكيان السّعودي وحكّامه المستعربين الذين، لم ولن، يتغيّروا.
فهاهم اليوم يكفّرون الشّرفاء ويتهمونهم بالإرهاب، وكلّ ذلك لن يغيّر من حقيقة تقول: إنّ الكيان السعودي الذي قام على المذابح والقتل، هو أصل الإرهاب، وليس أقلّ خطورة من إرهاب العدو الصّهيوني، وأنّ الوهابيّة التي غزت بدواعشها دمشق وبغداد، لا تقلّ عدوانية عن عصابات الهاغاناه وشتيرن، وان شيوخ الوهابيّة هم كفقهاء التلمود، وأنّ كيانكم السرطاني سيزول، كما سيزول الكيان الصّهيوني، والآتي من الأيام سيُثبتُ ذلك.