كتب فضيلة السيّد جعفر فضل الله:
أمس، أُخرج #الطفل_ريان من بئره بعد 5 أيّام من الحفر والتنقيب،عكست تضامنًا إنسانيًا عارمًا، مغموسًا بالدّعاء والابتهال بنهايةٍ سعيدةٍ، من منظورنا نحن البشر، ولكن، لم يكتب الله إلّا ما شاء، وكلُّه رحمة!
صار الحدث تاريخًا، ومسؤوليّتنا تجاهه –بعدالتسليم–التفكّر بعمق لأخذِ العبر، وأطرحُ هنا نِقاطًا عدّة:
#أوّلًا: أظهر الحدث أنّ الخير في هذه الأمّة لا يزال نابضًا في شعوبها، وأنّ تعقيدات السياسة والإعلام هي التي تقوم بتقسيم أفكار الناس وتشتيت مشاعرهم، حتى لا تكون على قلبٍ واحدٍ!
#ثانيًا: الذي فرض انتشار الحدث هو إعلامٌ هاوٍ، وإرادة إنسانيّة بسيطة في نقل حدث إنسانيٍّ بامتياز، وربّما كانت الوسائل البدائية في إرادة الحياة هي التي عملت على الموقع، وأيّ دخولٍ لكبريات وسائل الإعلام أو التفاعل السياسي أتى لاحقًا، بعدما أخذ الحدث مأخذه من مشاعر الناس وتعبيرهم على وسائل التواصل الاجتماعي.. وهذه نقطة يجب البناء عليها جدًّا.
#ثالثًا: كثيرٌ من المآسي تُذْبَح فيها الطفولة، في كثير من بلادنا العربية حقيقيّة، والآلة الاستكباريةوالمؤامرات التي دفعت المليارات، لنشر الفتن في بلادنا وما تزال، يجري التعتيم عليها سياسيًا وإعلاميًّا، تحت لعبة المصالح.
إنساننا العربي، وطفولتنا تُباد من فلسطين إلى العراق، إلى سوريا، إلى ليبيا، إلى اليمن، ولا مِنْ صوت!
لكنّ ما جرى خلال الأيام الخمس الماضية، أثبت أنّ التضامن الشعبيّ الذي يصيبُ في تظهير الحدث، قادرٌ على فرض توجّهات على السياسة والإعلام؛ وهنا مكمنُ الكثير من التأمّل.
#رابعًا: واحدة من مشاكل التعبير التي نقع فيها، أنّنا نتحدث عن أرقام في قتلانا، ونتحدّث مع المجرمين.
حدث الأمس يفرض علينا مُدخلًا آخر: لأطفالنا، كما لشبابنا ونسائنا ورجالنا وشيوخنا، الذين تذبحهم الطائرات والتفجيرات وغيرها، أسماءٌ وقصصٌ وطموحاتٌ وآمال. هذه يجبُ التوجّه بها إلى الإنسان العادي، إلى المواطن العربي، والعالَمي.. ستصلُ عندئذٍ فظاعة ما صنعه المجرمون إلى نفوسٍ صادقة، وربما نُحرِجُ بذلك السياسة والإعلام أكثر.
#خامسًا: في لحظة الحدث، الحسُّ المدعومُ بكل وسائل الإعلام، مشحونٌ باللحظة، ولن يتحمّل أيّ حديثٍ عن أيّ شيءٍ آخر يتطلّب استدعاء الذاكرة المشوّشة، مهما كان ذلك محقًّا، وربّما أكثر فظاعةً، ولذلك قد لا يحسُنُ ربطُهُ بمآسٍ أخرى إلّا تلميحًا، ومن المفيد وعيُ أنّ ارتفاع منسوب العاطفة الإنسانيّة، حول ذلك #الطفل_ريان، هو إعادة برمجة للوعي والوجدان، ويمكن أن يُبنى عليه، لكن لاحقًا، لتوجيهه إلى أحداث مشابهة، وإلى إخوةٍ لريّان في العروبة والإسلام والمعاناة، يعانون من وحشيّة بشرٍ يتعاطفون مع ريان بالتغريدات والبيانات، ويسكتون عن آلافٍ من إخوته تُسَدُّ عليهم منافذُالآبار والأنفاق التي يخرجون منها!
يبقى أنّ المرحلة تتطلّب #اختراقالوعيبالحكمة؛ والله من وراء القصد.
بيروت:6-2-2022