رسالة من السيد جعفر فضل الله إلى المرابطين على ثغور الأمّة الذين يقدّمون أغلى ما لديهم بلا منّة على أحدٍ
أخبار وتقارير
رسالة من السيد جعفر فضل الله إلى المرابطين على ثغور الأمّة الذين يقدّمون أغلى ما لديهم بلا منّة على أحدٍ
22 تشرين الثاني 2024 , 10:25 ص

إلى المرابطين على ثغور الأمّة الذين يقدّمون أغلى ما لديهم بلا منّة على أحدٍ بل "فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا".

يُريدون وجه الله، 
لينالوا شرف أن يكونوا يدَ الله التي بها يقطعُ "دابِرَ الكافِرين"
كنتم عبادَ الله الذين بهم يُحِقّ الحَقّ ويُبطِلُ الباطل
وبهم يحقّقُ العدلَ وينتصرُ للمظلوم..

أنتم الذي قيل لكم: لقد جمعوا لكم خيلَهُم ورَجِلَهم وعُدّتهم ، 
وسخّروا كلّ ترسانةٍ لسحقِ إرادتِكُم..
فلم تخشوهم، وزادكم جمعُهُم إيمانًا
وقُلتم: حسبُنا الله ونعمَ الوكيل..
كُنتم المُسلمينَ حقًّا
لا تُدبِرونَ ولو تجرَّعتُمْ في إقبالِكُم القتلَ.. 
لقد اجتمعَت في أمثولتِكُم "بدرٌ" و"أُحُد" و"حُنين" و"الأحزاب"، 
لتكون بإذن الله "خيبرُ" خاتمَة كَرِّكُم حتّى يَفتَحَ اللهُ على أيديكُم
وهُوَ (خَيْرُ الفَاتِحينَ).

قيل عنكم أسوأ ما في قواميس المستكبرين
فلم يضرَّكُم ذلك "إلّا أذًى"؛
لأنّكم قرأتم قول الله تعالى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)،
ولذلك صبرتم، واتقيتم، وأعرضتم عن الجاهلين..

كنتم بحقٍّ كما قال الله تعالى: (إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ)، فرأينا الواحد منكم بعشرة..
يثبتُ ثباتَ الجبال على الأرض، ساكنَ الفؤاد، غير عابئ بالسماء وقد ملأها العدوُّ نارًا ينهالُ عليه كالمطر؛
حتى يُستشهد واقفًا عزيزًا..
أيُّ قلوبٍ تلك التي تخفقُ بين أضلعكم؟!
وأيّ أرواحٍ تلك التي نُفِخَتْ في أجسادكم؟!
والله إنّا لنخجَلُ منكم..
أنّنا نقدّم لكم الكلمات،
وأنتم تُقدّمون الأنفس!

تضحياتُكم دَيْنٌ في حياتنا الباقية والأجيالِ القادمة..
وإذا كان لوطنٍ أن يُباهيَ فبكم،
وإذا كان لأمّة أن تعتزَّ فبعزيمتكم،
وإذا كن لعالَم أن يفتخرَ فببصيرتكم،
وأنّكم تضحّون والدُّنيا عليكم مُقبلة،
وأنّكم تُجاهدون وأبوابُ الحياةِ أمامَكم مفتوحة؛

فجزاكم الله عنّا وعن أمَّتِه وسبيلِه خيرَ جزاء المُحسنين..
وثبَّتَنا بكم،
وأنزلَ علينا سكينتَهُ بكُم،
ورَزَقَنا النَّصرَ بكم،
إنّه (فَعّالٌ لِمَا يُريدُ)..
وله (الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ)..

١٩ جمادى الأول ١٤٤٦
٢١ تشرين الثاني ٢٠٢٤
المصدر: موقع إضاءات الإخباري