ما بعد المركزي أسئلة وتحديات.\ راسم عبيدات
فلسطين
ما بعد المركزي أسئلة وتحديات.\ راسم عبيدات
راسم عبيدات
11 شباط 2022 , 13:10 م

بقلم :- راسم عبيدات



انتهت جلسة المركزي التي عقدت في 6 و7/شباط/2022،والتي تميزت بالمقاطعة السياسية الواسعة،واعتبر طيف سياسي ومجتمعي ومؤسساتي فلسطيني واسع، هذه الجلسة لا تمتلك الشرعتين السياسية والقانونية،فهي أتت بشكل إنفرادي من قبل الرئيس ودائرة صغيرة محيطة به،وبعيداً عن التوافق الوطني،وكذلك عملية التفويض لصلاحيات المجلس الوطني كاملة الى المجلس المركزي، جعلت هناك "عوار" قانوني في التفويض بلغة امين عام حزب الشعب الرفيق بسام الصالحي،حيث لم يجر عرض موجبات التفويض على اللجنة القانونية من أجل دراستها ومن ثم التوصية بإعتماد التفويض،وهذا يضرب شرعية عقد المجلس المركزي والنظام الأساس لمنظمة التحرير، ومن هذا المنطلق اعتبرت كل من حركة حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، نتائج هذه الدورة غير شرعية، ودعت الى عدم التعاطي معها، وهذا يعني بأن هذه القوى لا تعترف بشرعية ما تمخض عن هذا المجلس من نتائج ،وهذا سيقودنا الى طرح مجموعة من الأسئلة ،فنحن ندرك بأن هذه الجلسة أراد البعض منها شرعنة السقف السياسي الهابط للسلطة التي تتساوق مع السلام الإقتصادي،وتنصيب القيادات التي تتبنى هذا النهج والخيار.

الأسئلة كثيرة وهي من طراز،هل سيجري تطبيق قرارات المجلس المركزي فيما يتعلق بالتحلل من التزامات أوسلو الأمنية والسياسية والإقتصادية،من وقف للتنسيق الأمني بكافة أشكاله،وتعليق الإعتراف المتبادل مع دولة الإحتلال ووقف العمل بإتفاقية باريس الإقتصادية...وبالتالي تتجه الساحة الفلسطينية الى التوحد بدل المزيد من الشرذمة والتمزق والإنقسام،ومن ثم شرعنة الإنفصال..؟؟،التجارب السابقة لجهة عدم تنفيذ قرارات المجلسين المركزي 5/آذار/2015 و15/ كانون ثاني /2018 والمجلس الوطني30/نيسان 2018 ومخرجات اللقاء القيادي 19/5/2020 ولقاء الأمناء العامين،3/9/2020 ،وتوصيات اللجنة التنفيذية واللجنة السياسية التي فوضتها التنفيذية لدراسة آليات تطبيق هذه القرارات،تقول بأن القرارات الجديدة للمركزي،هي مجرد " إجترار" وإنشاء متكرر،وهي أتية في إطار تجديد الشرعية للرئيس أمام أمريكا ودول الإتحاد الأوروبي،حيث أصاب شرعيته الكثير من العطب والتآكل.

وليس هذا فقط فالدلائل على صحة هذا التحليل، نشتقها من خطاب الرئيس المسجل أمام المركزي،حيث يقول بالحرف الواحد" أوسلو إتفاق مؤقت" لم نتنازل فيه عن ثوابتنا الوطنية،وهو من سمح بعودة شعبنا وبناء مؤسسات سلطتنا ودولتنا"..؟؟،وكذلك يقول"بأن علاقاتنا " السياسية" مع دولة الإحتلال،ليست بديلاً عن قرارات الشرعية الدولية".

كل المصائب التي نعيشها نتاج اتفاق أوسلو،فهو من قسم الشعب والأرض،ودمر وما زال ويدمر نسيجينا الوطني والمجتمعي،اوسلو الذي شكل النصر الثاني لدولة الإحتلال بعد النكبة بلغة ثعلب السياسة الإسرائيلية شمعون بيرس،لم نتنازل فيه عن ثوابتنا الوطنية ؟؟؟وسمح لنا ببناء مؤسسات دولتنا وسلطتنا ..؟؟، أليس هذا الرجل هو الذي قال بأننا " سلطة بدون سلطة" ..؟؟؟،والراحل صائب عريقات كبير المفاوضين ألم يقل بأن الحاكم الفعلي للضفة الغربية،هو مسؤول الإدارة المدنية في تلك الفترة سلمان ابو ركن..؟؟،أم أن هؤلاء يعتمدون على قصر ذاكرة شعبنا واللعب على وتر دغدغة مشاعره وعواطفه..؟؟،ألم يجر اغلاق مقرات عدد من مؤسسات المجتمع المدني في معزل" الف"،معزل رام الله مقر السلطة الرئيسي،ألم يسمعوا بأنه جرى اغلاق مقرات اتحادي لجان العمل الصحي والزراعي ونقابة العاملين في الخدمات،والتي مقرها رام الله بقرار من الحاكم العسكري الإسرائيلي لمدة ستة شهور..؟؟؟.

أما حول قوله باللقاءات السياسية مع قادة دولة الإحتلال،من وزير جيش الإحتلال غانتس الى لابيد وزير الخارجية فالرئيس الإسرائيلي هيرتسوغ،فهي لم تحمل أي بعد سياسي،وهذا أقوال من شاركوا في تلك اللقاءات من قادة دولة الإحتلال،او من اعطوا الضوء الأخضر لهذه اللقاءات من بينت الى شاكيد،حيث أكدوا ان تلك اللقاءات،جاءت في إطار مشروع السلام الإقتصادي والقضايا الخدماتية والإنسانية وتقوية السلطة في وجه قوى ا ل م ق ا و م ة،وتعزيز دورها الأمني والوظيفي،ولم تحمل أي بعد سياسي.

هذا الخطاب المتناقض مع مخرجات المركزي،ومع معرفتنا التامة بأن اللجنة التنفيذية التي جرى تعيينها أو إنتخابها بطريقة غير شرعية،لا تمتلك القدرة ولا الصلاحيات على تنفيذ مقررات المركزي،فهذه القرارات إحيلت لها من أجل وضع الأليات لتنفيذها وفق المصلحة العليا للشعب الفلسطيني،وأصحاب الرؤيا "الثاقبة"،والذين يفكرون عن الشعب الفلسطيني،لن يعملوا على وضعها موضع التنفيذ والتطبيق..فخياراتهم السياسية،هي مع التمسك بأوسلو وعدم التحلل من التزاماته.

ما العمل..؟؟

بداية لا بد من القول،بأن كل من حاولوا العمل على إيجاد بديل للمنظمة من الخارج، لم ينجحوا في مساعيهم،وكذلك هي الدول التي ساعدت في ذلك ودعمت،والخطر الجدي الذي يتهدد المنظمة ياتي من الذين يحفرون" قبرها" من الداخل.

ما حدث كارثي بكل معنى الكلمة،ولكن رب ضارة نافعة،وليس هو بنهاية المطاف،ولكن الوضع لا يحتمل إستمرار البكاء والتشكي والندب واستمرار الإنتظار، المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني،وهي بيته الجامع والمجسد لهويته الوطنية صحيح،ولكن هذا التمثيل ناقص،فهناك قوى وازنة في الساحة الفلسطينية،بالضرورة أن تكون جزء من المنظمة ،وفي المقدمة منها حركتي حماس والجهاد الإسلامي ،بالإضافة الى قطاعات وشخصيات وازنة في تمثيلها وحضورها،ولكن هناك من يضعون العصي في الدولاب،من خلال الإشتراط بالإعتراف بقرارات الشرعية الدولية،وكأن الشرعية الدولية ألزمت اسرائيل بتنفيذ القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية،ولم يتبق سوى اعتراف العديد من الفصائل الفلسطينية بها ..؟؟.

ثلاثة من القوى الوازنة والتي لها حضور فاعل ووزن شعبي وجماهيري في الساحة الفلسطينية، حماس والجهاد والشعبية، أصدروا بياناً مشتركاً عقب انتهاء حلسة المركزي،دعوا فيه الى " البدء بحوار وطني فلسطيني جاد على مستوى الأمناء العامين للاتفاق على تشكيل مجلس وطني انتقالي جديد يضم الجميع، ويمهد لإجراء الانتخابات الشاملة، ما يساهم سريعاً في إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، وتفعيل مؤسساتها باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج". وكذلك أكدوا على رفضهم لمخرجات المركزي،بالقول " "لا اعتراف ولا شرعية لكل التعيينات التي أعلن عنها المجلس المركزي في اجتماعه اللاشرعي الأخير يومي الأحد والإثنين السادس والسابع من فبراير (شباط)، سواء على صعيد رئيس المجلس الوطني ونوابه وبقية المناصب الأخرى".

في حين يرى مدير مؤسسة "مسارات" الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري في مقالته " أين كانت منظمة التحرير وأين أصبحت وهل يمكن إنقاذها" ،بأن الحل يجب ان يكون من خلال " • الشروع في حوار وطني تمثيلي يشارك فيه ممثلون عن جميع تجمعات الشعب الفلسطيني وقطاعاته، خصوصًا الشباب والمرأة، وإنهاء واقع أن المنظمة تغرق بممثلين من الضفة، وبعدد قليل من القطاع والشتات؛ بهدف الاتفاق على رزمة شاملة تطبق بالتوازي والتزامن.

• تشكيل قيادة انتقالية مؤقتة تضم ممثلين عن القيادة المتنفذة، وممثلين عن القطاعات المختلفة، تمارس عملها لمدة عام فقط، إلى حين إجراء الانتخابات وتشكيل المجلس الوطني وتغيير السلطة.

لا خلاف عن ما اكد عليه بيان القوى الثلاثة وما يقوله الكاتب هاني المصري،ولكن ألم نخوض في السابق جلسات حوار،وهي لم تخرج عن إطار ما نسميه بحوار " الطرشان" ومحاول كل طرف أن يلقي باللوم على الطرف الآخر،بأنه من يقف ضد إنهاء الإنقسام وتوحيد الساحة الفلسطينية والنتائج المزيد من الشرذمة والإنقسام وصولاً الى شرعنة الإنفصال،وهل متوقع أن يستجيب الطرف المتنفذ في القيادة الفلسطينية،والذي من خلاله تحكمه في القرار والسلطة والمنظمة،والتي تواجه " التغول" على صلاحياتها ومسؤولياتها من قبل السلطة،والتي يفترض ان تكون أداة من ادواتها وبرنامجها الوطني..،بعد إعادة تعريفها وتغيير وظائفها،موازناتها والتزاماتها.

ما المطلوب ...؟؟؟؟

واضح بأن إنقاذ القضية الوطنية،التي تواجه مخاطر وتحديات جسيمة،وأداة تجسيدها منظمة التحرير ،في ظل ما نشهد ونعيشه من أوضاع،نحتاج الى اعادة تعريف واحياء المشروع الوطني،تحديد الهدف الوطني المركزي في هذه المرحلة والشراكة الحقيقية. وأنا لا أعتقد بأنه يمكن تحقيق ذلك بسهولة أو عبر ندوات ومحاضرات ومسيرات ومهرجانات ووقفات على ساحات المنارة في رام الله وغيرها،فهذا الوضع يتطلب من كل الطيف السياسي والمجتمعي والمؤسساتي الفلسطيني المعارض،أن ينخرطوا في جبهه إنقاذ وطني،يمثل فيها كل أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج ،تأخذ على عاتقها اعادة احياء وبناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية فعلاً لا قولاً.

فلسطين – القدس المحتلة

11/2/2022

[email protected]

المصدر: موقع إضاءات الإخباري