ليس الاعتذار عيباََ...
ليس النقد والنقد الذاتي عيباََ...
ربما قد آن الأوان للإعتذار من كل من طلب من حزب الله يوما بالخروج من تلك السلطة العفنة...
قد يقول البعض أن هذا ما يريده الاميركيون...
ربما...!!؟؟
لقد حاول الاميركيون جر حزب الله إلى السلطة بهدفين لا ثالث لهما على ما يبدو:
إما تدجين الحزب كما حصل مع الكثير من القوى الثورية التي ما أن دخلت "جنة" السلطة حتى باتت تحسب الف حساب لهؤلاء الأميركيين... وبات بعضها تابع للأميركيين وحتى للاحتلال كما السلطة الفلسطينية...
وإما، تلويث حزب الله بفساد "جنة" هذه السلطة، أيضاً كما جرى مع الكثير من القوى الثورية التي ما أن ذاقت طعم الحرام حتى وقعت في الأكثر حراماََ... والأمثلة على ذلك ساطعة في المنطقة، وفي لبنان مع أكثر من نظام، ومع أكثر من قوة...
القول إن الأميركيين فشلوا مئة في المئة في ما أرادوا، هو قول سابق لأوانه وإن غابت البراهين...
يبدو أن الأميركيين وصلوا إلى نقطة حققوا فيها شيئا ما، ولم يعد باستطاعتهم تحقيق اشياء أخرى، فغيروا في مرادهم...
لذلك وصل الاميركيون إلى استنتاج أنه يجب إخراج حزب الله من السلطة، بعد أن كان ادخال الحزب إلى هذه السلطة مطلبهم منذ رفيق الحريري...
ما هو هذا الشيء الذي استطاع الاميركيون تحقيقه، وفي ماذا فشلوا؟
المؤكد أن الأميركيين فشلوا فشلاََ ذريعاً في اخراج حزب الله من المقاومة، أو إخراج المقاومة من حزب الله... حتى صارت قوة الحزب تظلل لبنان بمظلتها وتمنع هذه السلطة من العودة إلى تسليم كل الاوراق لاميركا والخضوع التلقائي للأوامر الأميركية...
ممكن القول إن وجود حزب الله داخل السلطة في لبنان، أخرج هذا البلد مما يسمى زوراً معسكر الاعتدال العربي... وهو في الحقيقة معسكر الخضوع العربي لاميركا والتسليم بما تريده اميركا التي تتبنى المشروع الصهيوني كعامل سيطرة وكبح لأية إمكانية تطور وتقدم قد يريد اي نظام عربي السير به...
يكفيهم المأزق الإيراني...
لولا إسرائيل، لكانت التجربة الناصرية وصلت إلى تقدم مشابه ولكان الغرب يفاوض مصر في فيينا لمنع المشروع النووي العربي من التقدم...
لبنان لم يصبح دولة ذات سيادة..
هذا صحيح...
لبنان لم يصبح دولة مواجهة...
هذا أيضاً، صحيح...
لكن لبنان صار يطالب على الأقل ببعض حقوقه التي كان يهملها، ويسمح للأميركي والسعودي العبث بها...
لهذا تريد اميركا إخراج حزب الله من السلطة، علها تستطيع استعادة لبنان الضعيف الذي يعطيها كل شيء كما يفعل عرب التطبيع والردة...
لهذا أرادت اميركا ادخال الحزب إلى السلطة... ولهذا تريد إخراجه الآن...
عندما أرادت اميركا إخراج نفس هذا الحزب من السلطة بعد أن يئست من تدمير الفكر المقاوم عنده، تشبث الوطنيون بهذا الوجود خوفاً من الطعن في الظهر... ليس فقط من "الشركاء" المزعومين في الوطن، بل حتى من الحلفاء الذين لا يستطيع أي كان منهم نفي ادوار لعبوها في أزمان ما، وكانت تهدف إلى ضرب الحزب، ومنع دور المقاومة عنده من التعاظم والتقدم...
من لا يذكر جسر المطار...؟
من لا يذكر ثكنة الشيخ عبدالله..؟
من لا يذكر مؤامرة ارسال الجيش إلى الجنوب في مهمة منع السلاح "غير الشرعي"..؟
من لا يذكر مؤامرات صبيان كونداليزا رايس في السفارة سنة ٢٠٠٦...؟
من لا يذكر مؤامرة الخامس من أيار سنة ٢٠٠٨؟
هل زال هذا خوف الطعن في الظهر، حتى تتم مطالبة الحزب بالخروج من السلطة...؟
لا، لم يزل هذا الخوف موجودا وسوف يظل موجودا... لكن أمران حصلا ويجب أخذهما في الاعتبار:
اولا، لقد صار حزب الله قوة إقليمية لا خوف عليها...
لقد صار حزب الله اقوى من أية دولة عربية من معسكر الردة، وحتى اقوى من هذه الدول مجتمعة، ليس عسكرياً بل جماهيرياً رغم كل الأبواق التي تقول العكس...
قوة الحزب العسكرية تداخلت مع القوة الجماهيرية فظهرت عورات أنظمة الردة والتطبيع والخيانة...
إذاََ، لماذا قد يريد الوطنيون خروج الحزب من السلطة...؟
ببساطة، لأن الأميركيين نجحوا في تلويث حزب الله بشيء من المذهبية...
الحزب نفسه ليس مذهبياََ، لكن وجوده داخل منظومة السلطة في لبنان يدفعه دفعاََ إلى هذا الموقع النتن...
منذ اندلاع الأزمة في لبنان ظهر بشكل لا لبس فيه أن حزب الله صار جزءا من المحاصصة رغم عدم دخوله فيها...
تماما كما لم يدخل حزب الله في منظومة الفساد لكن الخصوم استطاعوا تلويث سمعته بهذا الفساد بسبب الحلفاء والعجز والسكوت...
كذلك الامر بالنسبة للمحاصصة المذهبية...
مهما حاول حزب الله، لا يستطيع الإفلات منها لانها تمسك به جيدا ولأن الخصوم يريدون أن يربطوا بينه وبينها دوما...
هذا هو سلاحهم الفتاك هذه الأيام...
منذ اندلاع الأزمة والحزب يحمل صليب الدفاع عن هذا النظام خوفا من الفتنة وخوفا من الحرب الأهلية...
منذ اندلاع الأزمة وخصوم الفكر المقاوم ومعهم اميركا والرجعية العربية، يركزون على دور الحزب داخل الثنائي الذي يسمى وطنيا، وقد يكون عنده شيء ما من هذا البعد... لكن البعد المذهبي يطغى بشكل مريع...
في القضاء ومع القاضي بيطار...
في ما حصل في الطيونة...
في الاصطدام مع الرجعية عند العشائر...
في السكوت عن إسقاط حكومة الدكتور حسان دياب...
في الالعاب البهلوانية التي حصلت في مقاربة الحلول للازمة، سواء مع الكابيتال كونترول أو مع برنامج حكومة الدكتور دياب لمعالجة الأزمة...
في كل ذلك، تلطخ الحزب بأوساخ غيره...
اليوم... نقف أمام مهزلة ما حصل في مجلس الوزراء...
مهزلة الموازنة...
ومن خلفها مهزلة برنامج التعافي الذي يقدمه وزير المالية الشيعي... المحسوب على الثنائي مذهبياََ رغما عن حزب الله...
وزير المالية هو النسخة الشيعية لرياض سلامة...
يستطيع الحزب قول ما يريد...
لكنه يبقى مسؤولا عن هذا التعيين...
تتم أسوأ معالجة للأزمة...
يتم تحميل الفقراء وصغار الكسبة كل أعباء التقشف...
تتم سرقة المودعين غير المحظيين، وصغار المودعين...
كل الآثام تقوم بها السلطة ولا ينفع كل نفي حزب الله عن دور وسخ له في ذلك لأن سلطة المحاصصة مسؤولة عن ذلك...
شاء أم أبى، ح ب الله موجود داخل سلطة المحاصصة تلك...
غدا سوف يرفض حزب الله في البرلمان التصويت لهذه الموازنة ولبرنامج التقشف الظالم هذا...
ثم يقول إنه حاول من ضمن النظام ولم يستطع شيئاََ...
تماما كما حصل في محاربة الفساد عبر القضاء الفاسد الذي للثنائي حصة فيه حتى لو نفى ذلك...
ألم يحن الوقت للخروج...
من يسمع المنار... يسمع ما يقوله الفقراء والشعب المسكين الذي لا حول له ولا قوة...
يحق البسطاء الناس أن يصرخوا ويقول ما يريدون...
لا يحق لاهل السلطة ذلك...
سوف يحق لحزب الله، وسوف يحق للمنار الكلام فقط، وفقط حين يكون حزب الله خارج هذه السلطة، وخارج منظومة المحاصصة هذه...
طالما انتم في السلطة، لا تستطيعون نفي العفن المذهبي عنكم...
طالما انتم في السلطة المذهبية لن تكونوا سوى الوسخ المذهبي الذي يرتكبه الآخرون، كي يغطوا على الفساد...
اخرجوا اليوم وعودوا إلى صفوف الفقراء من كل الطوائف والمذاهب...
كونوا كما كان السيد المسيح، وكما كان الإمام علي..
صوت الذين لا صوت لهم...
طالما انتم في السلطة لن تكونوا سوى ثوبا ملطخاََ لا تزول عنه بقع المذهبية التي برعت الامبريالية في غرسها في مجتمعاتنا الجاهلية...