من أضعف السنّة العرب؟
السُنّة أمة،
كلمة يرددها الكثيرون...
في واقع الحال لقد وهب الله هذه الطائفة ثلاثة من أهم عناصر القوة التي يمكن أن يهبها الله لقوم...
١-عنصر الكثافة البشرية...
٢-مال وثروات هي أضعاف أضعاف ما تملكه دول لها وزن، وليست جمهوريات وممالك موز...
٣- القضية الفلسطينية...
اجتمع على الميادين الاخ عريب الرنتاوي من الاردن، الاستاذ عبدالله السناوي من مصر، والاستاذ سليمان النمر من السعودية على ما اعتقد...
مع أن النقاش جرى من أجل دراسة وضع الحريرية السياسية وبحث إمكانية أفولها بعد اعتزال الرئيس سعد الحريري بضغط من محمد بن سلمان...
إلا أن السؤال الذي كان يجدر الإجابة عليه هو لماذا، ومن يقوم بإضعاف هذه الحريرية السياسية ولأية أسباب...
هناك من اعتبر أن هناك اسبابا شخصية تتعلق بكره محمد بن سلمان لآل الحريري بشكل خاص، ونوع من الكره الذي يطال معظم اللبنانيين ولبنان لأكثر من السبب ليس كره حزب الله والخوف منه سوى سبب واحد فقط منها إلى جانب الكثير من الأسباب الأخرى بينها الحقد والحسد الجاهلي تجاه التميز الثقافي والعلمي لهذا البلد وأهله...
هناك من قال علنا أن الطلب من الحريري مواجهة حزب الله في لبنان، ليس سوى تغطية لفشل التحالف طيلة سبع سنوات في مواجهة أنصار الله في اليمن...
في الحقيقة يجب عدم تحميل سعد الحريري وحده وزر هذا الافول، فالعالم العربي كله في حالة وهن شديد بسبب غياب قيادات تاريخية كان يمكن أن تتخذ قرارات تاريخية في لحظات تاريخية ما...
السُنّة في لبنان كانوا يستندون دائما إلى قوة عسكرية تسيطر على البلد... أيام المماليك، مع العثمانيين... مع منظمة التحرير الفلسطينية، ثم مع الوصاية السورية السعودية...
يمكن القول إن العصر الذهبي للسنة في لبنان كان مع انتشار المد القومي العربي وليس كما يعتقد البعض مع مجيء رفيق الحريري إلى لبنان...
محاولة المزج بين الحريرية السياسية والسنة ليست على ذلك القدر من التوفيق...
لقد حكم الحريري الأب لبنان ومعه الرئيس بري، والوزير فرنجية والوزير ميشال المر والوزير وليد جنبلاط ورهط من رجال الصف الثاني من مختلف الطوائف... حلف من زعماء الحرب مع رجال تمويل هذه الحروب...
القول إن السنة حكموا لبنان مع رفيق الحريري هو ظلم للسنة...
الذين حكموا مع الحريري الأب هم رجال من كل الطوائف، كانوا على استعداد للمضي قدما في مشروع السلام العربي الذي كانت تحمله السعودية، والذي أفشلته إسرائيل حين تم اغتيال اسحاق رابين وانتخاب أرييل شارون بدلا عن شيمون بيريز...
سقط المشروع، فسقط الذين كانوا يعولون على هذا المشروع...
رغم كل الانبطاح العربي، ردت الصهيونية العالمية بمزيد من الإذلال... إذلال سوف يؤدي في النهاية إلى الإنهيار...
السبب الأساسي لانهيار الوضع العربي (السُنّة)، يرتبط بانهيار الموقف المبدئي من القضية الفلسطينية..
فلسطين ترفع من يقف معها، وتذل من يقف ضدها...
لذلك كان جمال عبد الناصر عملاقاََ، بينما كره الناس بورقيبة مثلاً لانه وافق على قرار التقسيم...
حتى الملوك والرؤساء الآخرين، لم يجرؤ أحد منهم على فعل ما تفعله دول التطبيع هذه الأيام...
بالابتعاد عن القضية الفلسطينية شق الملوك والرؤساء العرب العنصر البشري إلى عدة عناصر...
لم تعد الكتلة السنية كتلة واحدة تؤمن بفلسطين وتؤمن بالوحدة العربية وتقود بقية عناصر الأمة من شيعة وعلويين ودروز ومسيحيين وغيرهم...
مشى بعض السنة في طريق بيع الأوطان والسير في ركب الأميركيين والصهاينة فخسروا الآخرة بكل تأكيد، لكنهم خسروا الدنيا أيضاً، حيث باتوا مكروهين من الأغلبية العظمى من شعوبهم...
بقي قسم كبير من هؤلاء السنة في موقع الدفاع عن فلسطين والمقدسات، وكادوا يلقون الهزيمة لو لم تهرع إيران لدعمهم والتحالف معهم ضد وجود الكيان المصطنع ذلك...
قسم ليس قليل من السنة أصيب بالإحباط، وبات يعيش على هامش الحياة...
وهكذا دواليك مع العناصر الأخرى...
ومما زاد الطين بلة، هو رؤية الشعوب العربية لكيفية خضوع الملوك والرؤساء العرب السنة بمعظمهم لاميركا والغرب، والذل الذي ذاقوه على لسان دونالد ترامب...
لقد رأت هذه الشعوب الدولار في يد إيران يتحول الى برنامج صواريخ وعلم نووي، بينما يغدق ابن سلمان أكثر من خمسمائة مليار دولار لشراء أسلحة أميركية يحارب بها اليمن دون جدوى...
كما رأت هذه الشعوب إيران تصبح قوة إقليمية رغم الحصار بينما يبذر أمراء الخليج الأموال على شراء أندية رياضية ويخوت وقصور ولوحات فنية وكأن شراء الثقافة يجعل من الجاهل مثقفاََ...
لقد حار الضيوف وكرر الاستاذ عريب والاستاذ النمر مرتين كلمة "لا اعرف" لماذا هذا الإنهيار رغم أن السبب الفلسطيني ساطع أمام الأعين...
لعنة فلسطين لم تطل فقط أنظمة مشيخات الموز في الخليج، بل وصلت إلى مصر التي خسرت نفسها في اليوم التالي للتخلي عن فلسطين...
حتى تركيا...
صعدت وصعدت أرصدتها عقب تأنيب أردوغان لشيمون بيريز في دافوس...
زاد وزن تركيا وزاد تأثيرها لفترة من الزمن بسبب اعتقاد الناس أن هذا البلد سوف يكون سنداً لفلسطين...
لكن ما أن ظهرت الحقائق وتبين أن أردوغان رجل كاذب، وان العلاقات التركية الإسرائيلية والحلف السري الذي يربط البلدين هو اقوى بكثير من الكلام المعسول تجاه الفلسطينيين بدأ أفق تركيا بالافول هو أيضاً...
أليس هذا دليلاً أن مقياس ريختر عند السنة مرتبط بشكل وثيق بالقضية الفلسطينية...
ليس فقط الحريرية السياسية، وليس فقط الأنظمة العربية هي ما سوف ينهار ويضمحل..
كل من يقف ضد فلسطين سوف ينقرض...
وحدهم من يدعم فلسطين سوف يفوزون...
في المستقبل ليس هناك من وجود مضمون لغير من يريد تحرير فلسطين...
المسألة غير مربوطة بالهوية الطائفية بقدر ارتباطها بالقضية الوطنية والقضية القومية...
حتى الآن، لا يوجد في الساحة أي منظمات أو رجالات سنية يملكون رؤى ثورية أو وطنية...
يبدو أنه وإلى أجل لا نهاية له سوف تظل إيران تتصدر دول المنطقة وربما حتى العالم الإسلامي بانتظار ظهور رجال من وزن جمال عبد الناصر....