كتب الكاتب حسني محلي:
في 27 كانون الثاني/يناير من كلّ عام، يحيي العالم المتعاطف مع اليهود و"دولتهم" العنصرية "إسرائيل"، العنصرية وفق لجنة العفو الدولية في بيانها الذي أصدرته 2 شباط/فبراير 2022، اليوم العالمي لما يُسمى "الهولوكوست"، أي المحرقة النازية ضد اليهود.
كالعادة، وتحت الضغوط النفسية التي يتعرض لها كلّ من ينكر هذه المحرقة أو يشكّك فيها، استغلَّت الصهيونية العالمية هذه المناسبة لكسب المزيد من التأييد السياسي والتضامن العاطفي مع مقولاتها، وبالتالي مشاريعها الاستيطانية في فلسطين، كأنّ الذين "أحرقوا اليهود في غرف الغاز" هم الفلسطينيون، وليسوا الألمان، كما يقولون.
ولو تجاهلنا ما قامت به النازية الهتلرية ضد الغجر والشيوعيين وأصحاب العاهات الجسدية والنفسية، ومواطني بولندا من السلاف أيضاً، وهو ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن مليون منهم، فما علينا إلا أن نعترف للصّهيونية العالمية بنجاحها الباهر في قصة المحرقة منذ بدايتها، وهي طرف فيها أساساً، إذ حقّقت من خلال قصّة المحرقة مكاسب مادية وسياسية وأيديولوجية ساعدتها على تحقيق الحلم اليهودي لإقامة "الدولة اليهودية" في "أرض الميعاد" فلسطين، "بعد أن خيّرت يهود أوروبا" بين البقاء في أوطانهم والموت في غرف الغاز النازية أو الهجرة فوراً إلى فلسطين والعيش في نعيم بين أشقائهم اليهود من جميع أنحاء العالم قرب حائط المبكى".
قد تصدى العديد من المؤرخين والصحافيين وأساتذة الجامعات من مختلف الاختصاصات لأكاذيب الصهيونية حول المحرقة النازية، وقال عنها الكثيرون إنها سخيفة وبعيدة عن الواقع.
يُعتبر الأميركي Willis Carto من أوائل مؤسّسي حركة إنكار المحرقة في العام 1979، إذ أسَّس معهد المراجعات التاريخية "Historical Review" الذي أصدر مجلةً خاصّة باسم "Revisionist"، لتفنيد الأكاذيب التاريخية المتعلقة بالمحرقة، وأبرزها عدم وجود غرف الغاز، وعدم قدرتها على استيعاب 6 ملايين يهودي، فواجه دعوى قضائية أقامها الناجون من المعسكرات النازية، انتهت بتغريمه بمبلغ 100 ألف دولار، ثم اختفى عن الأنظار حتى وفاته في تشرين الأول/أكتوبر 2015.
أما الباحث والمؤرخ الأميركي Fred A. Leuchter، فقد وصف "طرق القتل التي تحدّث عنها اليهود بأنها من نسج الخيال"، وقال إنها "مجرد أسطورة لتعظيم هول المأساة"، واعتبر أنَّ ادعاءات المحرقة "غير جادة، بعد أن ثبت وجود غرف الحجر الصحي لمعالجة اليهود الذين كانوا يصابون بالأوبئة المختلفة"، وقال "إنَّ العدد الّذي يمكن أن نتحدّث عنه كضحايا المعتقلات النازية هو 775 ألفاً، ماتوا لأسباب مختلفة".
ويعدّ العالم الأميركي اليهوديNorman Finkelstein أوّل من تحدث عن "معجزة الصهيونية العالمية في تسويق فكرة المحرقة"، وقال: "لقد كان اليهود في ألمانيا، مثل العديد من دول أوروبا، ميسورين جداً، لأنهم يسيطرون على قطاع المصارف والصيرفة والطب، وحتى القضاء، ولم يكن هؤلاء اليهود مقتنعين بمقولات الصهيونية العالمية التي سعت لنقلهم إلى فلسطين بدءاً من أواخر القرن الثامن عشر".
ومع وصول هتلر إلى السلطة، تبنّت الصهيونية العالمية مقولات النازية المعادية لليهود، ودعمتها بشكل مباشر وغير مباشر، عبر تخويف اليهود بها، ومنها "ضرورة طرد اليهود"، على لسان هتلر. وقال الصحافي اليهودي الصهيوني Emil Ludewig: "سيأتي اليوم الذي سيجد فيه بنو إسرائيل، وباسم الصهيونية العالمية، أنهم مضطرون إلى إقامة نصب تذكاري لهتلر، لدوره في الهجرة إلى فلسطين".
وبفضل حملات التخويف والترهيب، هاجر 50 ألف يهودي ألماني إلى فلسطين في الفترة الممتدة بين 1933 و1939، ومعهم 60 مليون إسترليني، اشتروا بها الأراضي، وأقاموا المزارع والمعامل، بدعم من قوات الانتداب البريطاني. والأهم من كلّ ذلك، أنّ هؤلاء اليهود أسّسوا منظمات "Haganah" و"Stern" و"Irgun" الإرهابية، وقام ضباط نازيون بتدريبهم على السلاح الذي نقلوه من ألمانيا وبولندا إلى فلسطين.
ونجحت الصهيونية العالمية بإقناع الرئيس الأميركي بإصدار قانون يمنع استقبال المهاجرين اليهود من ألمانيا، لإجبارهم على الهجرة إلى فلسطين فقط، بعد تخويفهم بالمعتقلات وغرف الغاز والمحرقة بغاز "Zyklon-B" و"Cyanide Gas". وقد تبين لاحقاً أنَّ هذا الغاز كان يُستخدم لمواجهة القمل المتفشي في المعتقلات.
كما تبيَّن أنَّ البعض ماتوا نتيجة مرض التيفوئيد والملاريا، وأُحرقت جثثهم لمنع انتشار المرض في المعسكرات، إذ كان الألمان بحاجة إلى الأشخاص الموجودين فيها، لأنهم كانوا يعملون في المصانع والمزارع الألمانية، في الوقت الذي كان الرجال الألمان يقاتلون في الجبهات.
أما "Fred A.Leucher"، وبعد أن تفقد كل المعسكرات اليهودية في ألمانيا وبولندا، تساءل: "لماذا الحديث عن معتقل Auschwiz في بولندا بالذات، وكأنّ غرف الغاز موجودة فيها فقط، في الوقت الذي لم نرَ فيه مثل هذه الغرف في المعسكرات الأخرى".
والأهم في كلّ هذه القصة هو كره هتلر لليهود، وهو ما اعترف به في كتابه الذي كتبه خلال الأعوام 1924-1926، بعنوان "كفاحي"، إذ حمّلهم "مسؤولية الهزيمة في الحرب العالمية الأولى، بعد أن دمّروا اقتصاد ألمانيا، لأنهم كانوا يملكون مصانع الأسلحة، ومعظم عمالها كانوا من اليهود"، ولم يمنع ذلك العائلات اليهودية المعروفة من أمثال Rothchilds من دعم هتلر، بعد أن اقتنعت بأنَّ مقولاته المعادية للسامية، أي اليهود، سوف تخدم مخططات الصهيونية العالمية في فلسطين ومشاريعها.
وكان رجل المال الألماني اليهودي Max Warburg من أهم ممولي الحزب النازي، في ما استنفرت شركات عالمية يهودية، ومنها "General Motors Du Pond, Ford, Standard Oil"، كلّ إمكانياتها لدعم هتلر مالياً.
وأدى Paul Warburg شقيق Max Warburg، وهو من مؤسّسي البنك المركزي الأميركي (FED)، دوراً أساسياً في دعم يهود أميركا لهتلر، وخصوصاً في مجالات الدعاية والإعلام والحرب النفسية (شركات يهودية كانت تسيطر عليها)، وساعد هتلر على الانتصار واستلام السلطة بمفرده في انتخابات 1937.
أما دعم رجال الأعمال والشركات التي يملكها اليهود، فهو الموضوع الأكثر إثارة. على سبيل المثال، إنَّ المدافع التي استخدمها الألمان خلال الحرب العالمية الثانية كانت من صنع شركة "SKF" التي يملكها اليهوديJacob Wallenberg ، في الوقت الذي كانت شركة "Standard Oil" الأميركية تغطي جميع احتياجات الجيش الألماني من البنزين والمازوت.
أما الغاز الذي قيل إنّه استخدم في غرف الغاز الشهيرة، فقد كان من صنع شركة "Farben"، وصاحبها يهودي. وقامت شركة "Brown Bros Harriman" اليهودية بدورها بتغطية احتياجات ألمانيا من الرصاص، وهي حوالى 500 طن.
على الصعيد المالي، قامJohn Foster Dulles ، الَّذي أصبح لاحقاً وزيراً للخارجية، وشقيقه Allen Dulles ، الذي أصبح رئيساً للمخابرات المركزية، بزيارة ألمانيا ولقاء هتلر لمساعدته على تسديد أقساط الديون الخارجية المستحقة، وتبرعت عائلة Samuel Brothers اليهودية التي تملك شركة "Royal Dutch Shell" بمبلغ 30 مليون دولار.
وقد كشفت وثائق "Berlin Wilhelmstrasse" الكثير من تفاصيل العلاقة بين اليهود وهتلر، وأهمها التعاون والتنسيق بين الصهاينة والنازيين لإقناع اليهود أو إجبارهم على الهجرة فقط إلى فلسطين. وقد أدى Adolf Eichmann ، رئيس لجنة التهجير، دوراً أساسياً في عملية التنسيق هذه، إذ افتتح العديد من مكاتب الهجرة في كل من المجر وتشيكوسلوفاكيا والنمسا، والتي قامت بتهجير حوالى 250 ألف يهودي إلى فلسطين حتى نهاية 1941.
والأغرب في هذه القصّة أنَّ عملاء الموساد قاموا في 11 أيار/مايو 1960 باختطاف إيخمان من الأرجنتين ونقله في تابوت إلى "إسرائيل" وإحراقه بعد اتهامه بالمسؤولية عن غرف الغاز، في محاولة من الصهيونية العالمية لدعم ادعاءاتها الخاصة بـ"الهولوكوست"، وهي كلمة يصرّ اليهود على استعمالها، لأنها كلمة يونانية الأصل، وتعني مجازاً "التدمير إحراقاً"، وهو ما فعله هتلر مع 200 ألف من الغجر وعدد مماثل من ذوي العاهات وأكثر من ذلك من الشيوعيين.
أما المؤرخ البريطانيDavid John Erving ، الَّذي حوكم في النمسا ووُضع في السجن، لأنه اعترض على ادعاءات الصهيونية في ما يتعلّق بالمحرقة، فقد "رفض فكرة غرف الغاز تماماً"، متهماً "أثرياء اليهود من الألمان بتسليم المسنين اليهود للنازيين مقابل أن يغضوا النظر على هجرة الشباب منهم إلى فلسطين، وبرشاوى مالية كبيرة"، مضيفاً "أن البولنديين هم الذين بنوا غرف الغاز بعد انتهاء الحرب فوراً، لتوثيق الادِّعاءات اليهودية بوجودها".
وقال الباحث الفرنسي Paul Rasinieمستهزئاً: "من المستحيل أن يقوم النازيون بإحراق الملايين من اليهود، كما تدعي الصهيونية العالمية". أما البروفسور الأميركيProf. Arthur Butz ، فقد "أثبت هندسياً كذب الصهيونية العالمية في ما يتعلق بإحراق اليهود في غرف الغاز، وبالأعداد التي يتحدثون عنها"، وهو ما فعله أستاذ الكيمياء الألمانيGermar Rodolf الذي "رفض ادعاءات الصهاينة في ما يتعلق بالمحرقة"، وهو ما كان كافياً لوضعه في السجن في أميركا.
كما كذّب أستاذ الفيزياء Robert Forison "ادعاءات الصهاينة جملةً وتفصيلاً، بعد أن أثبت حسابياً استحالة إحراق 6 مليون يهودي في غرف الغاز خلال عامين"، وهو ما قاله أيضاً المؤرخان البريطانيان Richard Hard وDavid Erving، إذ أثبتا بالوثائق الرسمية أنّ "عدد اليهود في ألمانيا لم يتجاوز 3 ملايين، هاجر جزء منهم إلى فلسطين، والجزء الأكبر إلى أميركا". وكان كلامهما هذا كافياً لملاحقتهما قضائياً بعد سلسلة من التهديدات بالقتل.
أما الصحافي الأميركي Douglas Reed المعروف بتغطيته أحداث الحرب العالمية الثانية، فقد أثبت بالأرقام والأدلة "أن عدد اليهود قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها لم يتغير كثيراً، وهو حوالى 11 مليون"، وأضاف: "إن إحراق أي جثة في غرف الغاز يحتاج إلى ساعتين تقريباً، وهو ما يعني أن إحراق 6 ملايين يهودي يحتاج إلى عشرات السنين".
وقد حُكم الرسام الكندي من أصل ألماني Arnedt Zandel بالسجن، لأنه كذب ادعاءات الصهاينة، وقال في العام 1088: "لم يمت 6 مليون يهودي"، ورافق أعضاء لجنة تقصّي الحقائق التي عينتها المحكمة في جولة شملت معتقلات النازية، ومنها Auschwitz، وأثبت لهم كذب الادعاءات اليهودية في ما يتعلق بغرف الغاز وإحراق اليهود فيها".
يأتي هذا في الوقت الّذي أشار مؤرخون آخرون إلى عقدة اليهود تجاه الرقم 6، إذ يقولون إن عدد اليهود الذي لقوا مصرعهم في روسيا ورومانيا وبولندا خلال مراحل مختلفة من التاريخ هو 6 ملايين أيضاً، كما أنهم يتحدثون عن 6 ملايين يهودي تم تهجيرهم من إسبانيا والبرتغال بعد سقوط دولة الأندلس العربية هناك في 1490-1493.
والحديث عن 6 مليون ضحية في المعتقلات النازية يعني حصول "إسرائيل" لاحقاً على مبالغ ضخمة كتعويضات من ألمانيا والنمسا، تم احتسابها على أساس الملايين الستة من الضحايا، فقد وقَّعت "إسرائيل" في 10 أيلول/سبتمبر 1952 على اتفاقية ثنائية مع ألمانيا الغربية عُرفت باتفاقية "Wiedergutmachung"، اعترفت بموجبها ألمانيا "بالمسؤولية الكاملة عن الإبادة الجماعية التي ارتكبها النازيون في الحرب العالمية الثانية بحق اليهود"، ووافقت على "تعويض الناجين من المحرقة مادياً عن ممتلكاتهم والأضرار الأخرى التي لحقت بهم"، فضلاً عن "دفع مبالغ مالية لإسرائيل، باعتبارها وريث ضحايا الهولوكوست".
كما اعترفت ألمانيا لـ"إسرائيل" بسلسلة من الامتيازات التجارية والصناعية، فأصبحت ثاني أكبر مصدر للسلاح إلى "إسرائيل" للفترة 1960-1970، وبلغت مجمل التعويضات التي قدمتها ألمانيا لليهود 83 مليار مارك ألماني. والأغرب في ذلك أنَّ ألمانيا الشرقية كانت قد رفضت الاتفاقية التي وقعت عليها ألمانيا الغربية، لتعود ألمانيا المتحدة وتدفع حصة ألمانيا الشرقية بعد توحيد الألمانيتين، بموجب اتفاق جديد مع "إسرائيل" في العام 1992.
أما المفكّر الفرنسيRoger Garaudy ، فقد تناول الموضوع من زاوية أخرى، إذ قال: "إنَّ ضحايا الحرب العالمية الثانية زادوا على 50 مليون إنسان، 9 ملايين منهم في ألمانيا، و17 مليوناً في الاتحاد السوفياتي، ولكن لم يتحدث عنهم أحد، كما لم يتحدث أحد عن عدد النساء الألمانيات اللواتي تعرضن للاغتصاب لدى دخول القوات الأميركية والأميركية والسوفياتية إلى ألمانيا، ونسي أو تناسى العالم كيف قتل الأوروبيون، ومن بعدهم الأميركيون، ما لا يقل عن 100 مليون من سكان القارة الأميركية خلال اكتشافها وبعدها، وهو حال الملايين من الأفارقة الذين تم نقلهم من أفريقيا إلى أوروبا أو أميركا".
أما الكذبة الأكثر إثارة في مسلسل أكاذيب الصهيونية العالمية هي أن الألمان صنعوا من جثث اليهود صابوناً سمي "صابون اليهود". بدأت القصة عندما قام الألمان بتوزيع صابون يحمل إشارة "RJF"، وهي اختصار لـ3 كلمات، وفق الدعاية الصهيونية "Rein Jüdisches Fett"، تعني زيتاً يهودياً صافياً، وهي الكذبة التي انتشرت بسرعة، بعد أن تبناها Stephen Wise ، رئيس منظمة المؤتمر اليهودي الأميركي "AJC"، وزعيم الحركة الصهيونية الأميركية، إذ نظم العديد من التظاهرات في العديد من الولايات الأميركية (1941-1943)، مدّعياً أن النازيين حوّلوا جثث اليهود التي أحرقوها في غرف الغاز إلى صابون وأسمدة وصمغ.
وعرض اليهودي الروسيSolomon Mikhoels نماذج من هذا الصابون على المتظاهرين، فضمِنَ تضامنهم مع المقولات الصهيونية، بعد أن تبرعوا بالملايين من الدولارات. وجمعت الصهيونية العالمية كميات من هذا الصابون، وقدمته كأدلة خلال محاكمة النازيين فيNuremberg .
واستمرّت الصهيونية العالمية لاحقاً بمسرحية الصابون، إذ تم "دفن كميات من الصابون" في احتفالات خاصّة في حيفا و"تل أبيب" بعد قيام "إسرائيل"، كما وُضعت كميات من هذا الصابون في متحف "الهولوكوست" في القدس. ونشرت الصهيونية العالمية لاحقاً في العديد من الدول المئات من الكتب والمقالات حول أسطورة الصابون التي فندها المؤرخ الأميركي Mark Weber، الذي كتب مقالاً مهماً في مجلة "Journal of Historical Review" في عددها الصيفي للعام 1991، تحت عنوان "Jewish Soap"، وقال: "إن الأحرف الثلاثة RIF التي قال اليهود إنها اختصار لثلاث كلمات، هي Rein Jüdisches Fett، إنما هي في الحقيقة اختصار لـ"Reichsstelle für Industrielle Fettver- sorgung"، أي المركز الألماني لصناعة الزيوت الصناعية، ومهمته صناعة الصابون وكل مساحيق الغسيل والتنظيف، وتوزيعها في عموم ألمانيا، بما فيها المعتقلات النازية".
وجاءت اعترافات المؤرخ اليهودي الشهير Walter Laqueur بمثابة الصدمة للمدافعين عن فكرة الصابون، إذ قال في كتابه بعنوان "The Terrible Secret"، الذي نشره في العام 1980، "إن الحديث عن الصابون اليهودي إنما هو أكذوبة كبرى، وهو من ضرب الخيال"، وهو ما أكدته المؤرخة اليهوديةDeborah Lipstadt ، إذ قالت "إن الحقيقة المطلقة هي أن النازيين لم يصنعوا الصابون من جثث اليهود".
وجاءت اعترافات المؤرخ اليهودي Prof. Yahuda Bauer، المختصّ بتاريخ "الهولوكوست" في الجامعة "العبرية" في "إسرائيل"، لتزعج المنظّمات اليهودية، بعد أن وصف الحديث عن الصابون اليهودي بأنه "ادعاء سخيف". أما Mark Weber ، فقد كان أكثر صرامة في هذا الموضوع، إذ قال "إن كذبة الصابون اليهودي ليست أقل سخافة من كذبة غرف الغاز والمحرقة اليهودية، وهي تفتقر معاً إلى أبسط الإثباتات الحقيقية"، وهو ما أكّده المؤرخShamul Krakowski من مركز دراسات متحف الهولوكوست، والبروفيسورArno Meyer من جامعة Princeton، وHoward Stein من جامعة Oklahoma، إذ كتبوا العديد من المقالات في الصحافة الإسرائيلية والأميركية، "وكذّبوا فيها نهائياً قصة الصابون، وشككوا بأرقام الهولوكوست، وقالوا إنها مبالغ بها كثيراً".
ومع التذكير بوجود الكثير من المؤرخين وأساتذة الجامعات من مختلف الاختصاصات، والذين كذبوا ادعاءات الصهيونية العالمية في ما يتعلق بـ"الهولوكوست" وأكذوبة الصابون اليهودي، لا بد من الإشارة هنا إلى النجاحات التي حققتها المنظمات اليهودية إبان الحرب العالمية الثانية وخلالها وبعدها من خلال هذه الأكاذيب.
1- نجحت بكسب التضامن العاطفي من الدول الغربية وشعوبها.
2- نجحت بتسريع عملية تهجير اليهود إلى فلسطين.
3- أقنعت الأثرياء اليهود وأجبرتهم على أن يتبرعوا للمنظمات الصهيونية.
4- حصلت على المليارات من الدولارات كتعويضات من ألمانيا والنمسا وبولندا.
5- بهذه الأكاذيب، جعلت الرأي العام الدولي يتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني، باعتبار أن المحرقة مأساة إنسانية كبيرة لا تُقاس بما يعانيه الفلسطينيون.
6- قالت لليهود: "ما لم تدافعوا عن إسرائيل بكل ما تملكونه، فسوف تتعرضون لمحرقة جديدة".
ولا بد من التذكير أيضاً بالمئات، وربما الآلاف، من الكتب والعديد من الأفلام عن المحرقة، التي تهدف إلى ضمان استمرارية التعاطف الدولي مع اليهود، ومنع الشعوب من التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لمجازر اليهود الَّذين صدقوا وآمنوا بالمقولات الصهيونية، وهاجروا إلى فلسطين إبان الحرب العالمية الثانية وخلالها وبعدها، وفي السنوات التي تلت قيام "إسرائيل".
يفسّر ذلك أنَّ الغالبية السّاحقة من الرؤساء ورؤساء الوزراء، وحتى وزراء "إسرائيل"، بعد قيامها، لم يولدوا في فلسطين، بل جاؤوا أو جاء آباؤهم وأجدادهم إليها من دول أخرى، ليصل عدد هذه الدول التي جاؤوا منها إلى 102 دولة، إيماناً منهم بالمقولات الصهيونية التي تدّعي "أن الله أعطاهم فلسطين دون غيرها من الأراضي"، ناسين أنَّ القدس وفلسطين أرض مقدسة لـ1.5 مليار مسلم و2.6 مليار مسيحي، وما عليهم إلا أن يهاجروا إلى فلسطين، ويعيشوا جنباً إلى جنب مع 7 مليون يهودي على مساحة لا تزيد على 27 ألف كم مربع، أو على اليهود أن يعودوا إلى حيث جاؤوا وجاء آباؤهم وأجدادهم، ويطالبوا بحقوقهم منها، بعد أن يقنعونا بسبب مغادرتهم أو الهرب منها عبر مراحل التاريخ، شرط أن يتساءلوا: "لماذا طردتنا كل هذه الدول بحكومتها، وأحيانا شعوبها"، وعددها 79 دولة؟!
هذا الأمر يعود بنا إلى قضية المحرقة من جديد، فقد كتب الكثير من المؤرخين عن العلاقات السلبية بين اليهود والألمان، منذ أن هاجروا إليها من روسيا ومناطق شرق أوروبا وغربها في القرن الثامن والتاسع عشر، وقبل ذلك من إسبانيا. وأشار هؤلاء المؤرخون إلى اهتمام اليهود بالمهن المربحة، كالصيرفة والصيدلة والطب والكيمياء والمجوهرات، لأنهم يؤمنون بأن الدين أباح وحلّل لهم كلّ الوسائل من أجل الربح السريع والكثير.
وكان سلوكهم هذا كافياً لرد فعل الألمان الذين وقع 300 ألف منهم طلباً تقدموا به إلى المستشار الألماني بسماركOtto von Bismarck ، وطلبوا فيه "اتخاذ التدابير العاجلة ضد اليهود، ووضع حد نهائي لجشعهم واستغلالهم للوضع الاقتصادي في البلاد".
وشنّت الصحف آنذاك حملة عنيفة ضد اليهود، وكان الألمان يقولون عنهم إنهم لا يعبدون إلا المال، وإن "البورصة معبدهم الحقيقي". وجاءت أقوال Karl Marks و Friedrich Engelsعن اليهود وسلوكياتهم الفردية والاجتماعية لتزيد سخط الألمان وغضبهم عليهم، وخصوصاً بعد تعليمات هرتزل Theodor Herzl لليهود، داعياً إياهم "إلى عدم شراء الأراضي والاهتمام بالزراعة، لأن ذلك سيمنعهم من الهجرة إلى فلسطين".
وجاء قول هرتزل: "لولا العداء للسامية في أوروبا، لكان اليهود على وشك أن ينسوا هُوياتهم"، ليثبت مدى نجاح الصهيونية العالمية في استفزاز الشعور الألماني والأوروبي المعادي لليهود واستغلاله، وتشجيع هتلر على مزيد من هذا العداء ضدّهم، وهو ما كان كافياً لإقناع حوالى 500 ألف يهودي أو إجبارهم على الهجرة إلى فلسطين للفترة 1920، أي بعد الحرب العالمية الأولى، و1947 قبل إعلان "الدولة العبرية"، إذ كان عدد اليهود فيها حوالى 650 ألفاً، بعد أن كان هذا الرقم 89 ألفاً بعد انسحاب العثمانيين من فلسطين.
لا يعني ذلك أنَّ "إسرائيل" ومنظماتها الصهيونية تخلت عن نهجها الاستفزازي، فهي تستغل كلّ الأحداث للضغط على اليهود في جميع أنحاء العالم، وعددهم لا يتجاوز 10 ملايين، لترك البلدان الذين يعيشون فيها، والهجرة إلى "أرض الميعاد، وانتظار القيامة التي سيحكم بعدها اليهود العالم".
ونحن نتذكر كيف دعا رئيس الوزراء السابق نتنياهو يهود فرنسا (600 ألف) إلى مغادرتها بعد التفجيرات الإرهابية التي نفّذها عناصر "داعش" في باريس في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، وهو ما فعله نتنياهو مع يهود كندا (200 ألف)، بعد أن اتهم البولنديين بالتعاطف مع هتلر، وناشد اليهود هناك للهجرة إلى "إسرائيل"، وهذا هو الحال مع يهود الاتحاد السوفياتي، إذ شنت الصهيونية العالمية حملة عنيفة ضد موسكو لإجبارها على السماح لليهود الروس بالهجرة إلى "إسرائيل"، وفيها الآن مليون يهودي روسي، وهو ما لم يطلبه حكام "إسرائيل" من يهود أميركا، وعددهم حوالى 6 مليون، لأنهم يريدون لهم أن يمسكوا بزمام الأمور في هذا البلد المهم سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ومالياً.
ويفسر ذلك قوة منظمات اللوبي اليهودي هناك بغياب اللوبيات الأخرى، وفي مقدمتها العربية، على الرغم من الإمكانيات المالية العظيمة التي تملكها دول الخليج، ولكن المشكلة في أنظمتها التي تأتمر بأوامر واشنطن التي خلقتها، كما خلقت "إسرائيل" في 1947، بواسطة الضغوط والتهديدات والرشاوى لعدد من دول أميركا اللاتينية، فقد صوتت 13 دولة أميركية لاتينية في 29 كانون الأول/ديسمبر 1947 لمصلحة القرار الذي تقدمت به أميركا، والذي يقضي بتقسيم فلسطين وقيام "الدولة العبرية".
كما امتنعت 6 دول أميركية لاتينية عن التصويت على القرار، وتم تمريره بأغلبية 33، أي بزيادة دولة واحدة فقط عن النصاب القانوني المطلوب، وهو الثلثان. ويفسر ذلك مدى اهتمام المنظمات الصهيونية و"إسرائيل" بعد قيامها بدول أميركا اللاتينية (فيها حوالى 20 مليوناً من أصول عربية)، والتي ترى فيها "تل أبيب"، ومعها واشنطن، حديقتها الخلفية التي تستفيد منها في جميع المجالات.
وما علينا إلا أن نعترف بنجاح اليهود من أتباع العقلية الصهيونية في السيطرة على قطاع الإعلام، كالصحف والإذاعات والتلفزيونات، إضافةً إلى السينما والمسارح والفعاليات الثقافية الأخرى في عدد كبير من دول العالم، ليساعدها ذلك على بسط السيطرة النفسية على عقول الشعوب، لضمان استمرارية تعاطفها مع ضحايا المحرقة، وخصوصاً بعد أن مرروا أكاذيبهم على بعض زعماء العالمين العربي والإسلامي، الذين باتوا يتعاطفون معهم، خوفاً من أميركا و"إسرائيل"، وفي مقدمة هذه الدول تركيا والإمارات والمغرب والأردن.
وقد زار الأمين العام لما يسمى رابطة العالم الاسلامي محمد عبد الكريم العيسى، وهو سعودي، معتقل Auschwitz في بولندا في الذكرى الـ75 لـ"الهولوكوست"، التي كتب من أجلها وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد كلمات عاطفية في حسابه في "تويتر"، من دون أن يتذكّر وأمثاله ما قامت به "إسرائيل"، وقبلها العصابات الإرهابية، من أمثال "Haganah" و"Irgun" و"Stern"، التي أسسها اليهود القادمون من ألمانيا وأوروبا قبل الحرب العالمية الثانية، إذ قتلت الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني من المسلمين والمسيحيين ونكلت بهم، وهو ما حاولت أن تذكر به مراسلة "بي بي سي"Orla Guerin ، عندما كانت تغطي احتفالات "الهولوكوست" في القدس في 22 كانون الثاني/يناير 2020، فتم طردها من عملها. كما اضطرّت إدارة قناة الجزيرة في أيار/مايو 2019 إلى طرد 2 من العاملين في القناة، تحت ضغوط اللوبيات اليهودية الأميركية، بعد أن شكّكا في المحرقة شكلًا ومضموناً.
ولو تجاهلنا ما قامت به أميركا بكلّ أجهزتها ومؤسساتها من أجل "إسرائيل" التي خلقتها (ومن قبلها بريطانيا)، فلا بد من التذكير بما فعله الرئيس ترامب من أجلها، إذ اعترف في 7 كانون الأول/ديسمبر 2017 بالقدس عاصمة أبدية وتاريخية ليهود العالم و"دولتهم إسرائيل"، وقرر نقل سفارة بلاده إليها بدلاً من "تل أبيب"، وهو ما تجاهلته كل دول العالم، سواء كانت شعوبها مسلمة أو مسيحية، ولا سيما تلك التي تؤمن بقدسية القدس، ربما خوفاً من غضب أو بطش أميركا التي ترى في "إسرائيل" عصاها الوحيدة، ليس في المنطقة العربية فحسب، بل في العالم أجمع أيضاً، ما دام اليهود المؤمنون بالأيديولوجية الصهيونية في خدمة أميركا، ليس في سياساتهم المالية والعسكرية والاستخباراتية فحسب، بل أيضاً بنجاحهم في البروباغاندا التي تعلّموها من وزير البروباغاندا الألمانيJoseph Goebbels ، الذي كان يقول: "يجب أن تكون أكاذيبك صادمة، على أن تكررها باستمرار من دون ملل، حتى تصدقها الجماهير دون اعتراض"، وهو ما أكّدهProfesör Zeev Sternhell في مقالة كتبها في 31 كانون الثاني/يناير 2020 في صحيفة "Haartetz"، إذ قال: "لقد استغلّت إسرائيل، وقبلها الصهيونية العالمية، العداء لليهود في العالم، وسخرت مقولات الهولوكوست، خدمة لأهدافها، وتاجرت بها بنجاح".
ويبقى السؤال الوحيد الذي يجب أن يطرحه كل إنسان: لماذا تمنع الدول الغربية بقوانينها، وبضغوط من أميركا وإسرائيل ولوبياتها اليهودية، أي إنسان من الاعتراض على أكاذيب "الهولوكوست" والتشكيك فيها علمياً، في الوقت الذي تتجاهل هذه الدول وأجهزتها التشكيك في الأديان والرسل والأنبياء، وكأنَّ اليهود المؤمنين بمقولات الصهاينة أعلى مرتبة منهم، وهم الذي قتلوا عيسى، وحاولوا أن يقتلوا محمداً (سلام الله عليهما)؟