كتب البروفيسور الدكتور محمد كاظم المهاجر: الدولار ؟!.. الرافعة الأساسية الداعمة للاقتصاد الأمريكي . (المعركة الدولية القادمة مع نظام النقد الدولي)
مقالات
كتب البروفيسور الدكتور محمد كاظم المهاجر: الدولار ؟!.. الرافعة الأساسية الداعمة للاقتصاد الأمريكي . (المعركة الدولية القادمة مع نظام النقد الدولي)
د. محمد كاظم المهاجر
3 آذار 2022 , 20:29 م

كتب البروفيسور الدكتور محمد كاظم المهاجر


_ ما الذي يجعل الاقتصاد الأمريكي أقوى اقتصاد في العالم ، رغم أنه يعاني عجزاً في ميزان المدفوعات يبلغ 75,7 مليار دولار سنويا (2020 ) ( الصادرات 207,7 مليار ، الواردات 283,4 مليار العجز57,7 مليار )، ورغم أن ديون الولايات المتحدة، ووفقاً للاحصاءات التي استقيتها من مكتب الإحصاء الفيدرالي، قد بلغت 24,2 ترليون دولار ( الترليون =1000 مليار )، وبالرغم من ذلك وافق الكونغرس على رفع سقف الدين العام إلى 31 ترليون . أما البطالة فتبلغ 4,6% من القوى العاملة.

_ لست هنا في مجال عرض وتحليل الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا، ولا لمواردها الطبيعية، ولا لأهمية التطور التكنولوجي ، إنما الذي سأتناوله في مقالتي هذه، فهو دور الدولار كرافعة أساسية داعمة، جعلت من الاقتصاد الأمريكي يحتل المرتبة الأولى عالميا . حيث بدأ صعوده( الدراماتيكي بالنسبة لدول العالم )، بعد الحرب العالمية الثانية، أي مع بدء النظام النقدي المُقَرِّ في ( بروتون وودز ) إذْ أقرّ نظام الصرف بالذهب،بدلاً من نظام القاعدة الذهبية.

أي إنّه بعد تجمع الذهب في أمريكا، جرّاء الحرب، وبالتالي عدم المقدرة للدول في الحصول على غطاء ذهبي، لإصدار عملاتها الوطنية، ولدوران عجلتها الاقتصادية ، ومن أجل ذلك أقرّ أن يكون الدولار غطاءً، لإصدارالعملات الوطنية،وتتعهدأمريكاللبنوك المركزية باستبدال الدولار بالذهب، عندالطلب، كما أصبح الدولار نظاماً للصرف والتعامل الدولي في التبادل، وبذلك أصبح الدولار عملة العملات ، وأصبح من السهل على الولايات المتحدة، إذا أرادت الاستثمار في أي دولة، إلّا أن تحرك عجلة مطبعة الدولار ؟! وبذلك استطاعت أن تسرق العالم،كما يقول الرئيس الفرنسي ديغول.

واستمر هذا الوضع، لغاية1972، عندما أعلنت أمريكا أنها توقفت عن استبدال الدولار بالذهب،وانطلق نظام التعويم، بدلاً من ربط العملة بوزنٍ محددِ من الذهب، هكذا وبكل بساطه ؟؟!!

_ استمرارُ الهيمنة، بعد 1972، للدولار وحتى الآن ؛ أمريكا وبمساعدة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي كأدوات طيِّعةٍ للإدارة الأمريكية، حيث الأرقام تتكلم.

و من مصادر مكتب الإحصاء الفيدرالي:

_85 % من معاملات الصرف الأجنبي في العالم بالدولار

_ 65%من احتياطات البنوك المركزية في العالم بالدولار،(من سلةالعملات)، وحقوق السحب الخاصة، معاملات البنك الدولي بالدولار، منهجية عمل الصندوق والبنك صوت داعم للسياسة المالية الأمريكية في العالم.

_ وزارة الخزانة الأمريكية لديها 30 نظام للعقوبات تصب جميعها في حماية ودعم الدولار.

_ الحالة الإجراءية للنقد الأمريكي تستند على بعد فكري للمدرسة الِاقتصادية( واشنطن كروب،و شيكاغو غروب )، ( الليبرالية الجديدة: هايك وفريدمان ) في مدرستهما النقدية التي خرّبت علم الِاقتصاد، عندما أعلنت انتصارالليبرالية،وأنّ على بلدان العالم، من أجل نمائها، أنْ تطبِّق المنهج الليبرالي، وبذلك أسقطت الفكر الِاقتصادي في العالم، واستبدلت كُلِّيّات الِاقتصاد، بمعاهد الإدارة التي تدرس وفقاً للمدرسة النقديةالليبرالية الجديدة، و أزمة عام 2008 الِاقتصادية الماليةكانت نِتاج هذا النهج ؛ برنامج التصحيح والتكييف الهيكلي لصندوق النقد والبنك الدولي الذي فرض على الدول النامية، جعل منها، أي الدول النامية، ضحايا تبعية لِاقتصادات الغرب.

_ من خلال هذا العرض الموجز جداً جدا، نرى أنّ الدولار هو ركن أساسي في نظام النقد الدولي، كما هو كذلك في الاقتصاد الامريكي.

_ وفي سياق الحرب الآن في أوكرانيا، أود أن أسجل الملاحظات التالية:

1. أمريكا، وبأي شكل من الأشكال، لا يمكن أن تدخل في حرب نووية مع روسيا، وحتى عقوباتها انتقاءيةً، يجب أن تصب في مصلحتها ، فمجموعة ال ( wesp ) المتحالفة مع الصهيونية تقوم استراتيجياتها على ( قانون التفوُّق ) ( قانون المنفعة ) ( قانون الهيمنة )، وهي مستعدة للتخلي عن حلفائها حتى في المجال الِاقتصادي، وأبلغ مثال على ذلك( صفقة أوكوس ) مع أوستراليا، لبناء الغواصات النووية، التي انتزعتها من فرنسا وأغضبتها وهي الحليف التابع، كحال أوروبا التابعة.

2.أوروبا العجوز وكياناتها غير المتحدة أعجز من أن تُجابِهَ روسيا بحرب، ومصالحها الاقتصادية هي نفسها مهددة، فروسيا ليست مجرد دولة، والغاز والنفط عصب أوروبا، والحديد والصلب الروسي أساسيان لصناعات أوروبا، عدا عن موارد أخرى تحتاجها أوروبا من روسيا.

_ الصين، واضح من تلميحات تسربت عنها،وقوفهاإلى جانب روسيا.

استعداد روسيا، لتموضعها كقطب دولي ماضٍ إلى النهاية ، ويبدو أنها حسبت إجراءاتها الوقائية،(كتبنا مقالة سابقة على الفيسبوك وموقع اضاءات حول علاقتها بمنظمة سويفت )، هذا بالإضافة إلى مواقف دولية أخرى تتضامن، وتتعامل مع روسيا ، مما يجعلنا نستبعد الحرب العالمية.

_ السؤال الآن، على ضوءعرضنا لهيمنة الدولار، و من تلميح ضمنيٍّ سابقٍ للصين بإنشاء نظامٍ نقديٍّ يستبعد الدولار ؛ ماذا لو أقدمت روسيا والصين ومعهما دولتا الهند و إيران ،وعدد من الدول المتحالفة معهم، على فرض نظام نقدي جديد خال من الدولار ، هذا يعني هدم نظام النقد الدولي القائم ، وضرب الاقتصاد الأمريكي ضربة قاتلة ، عندها فقط يمكن للمنظور التحليلي أن يتكلم عن حرب عالمية ثالثة .

المصدر: موقع إضاءات الإخباري