حوار مع الخبير العسكري والمحلل السياسي العميد
" هيثم حسون "
حول تطورات الحرب الروسية الاوكرانية
أجرى الحوار : حسين المير
إشراف : الأستاذة ربى يوسف شاهين
موقع إضاءات ..
كان الاتحاد السوفيتي سابقا محط أنظار الإستخبارات الغربية وتم العمل على تفكيكه منذ العام 1991لحسابات تنفذ لصالح الحركة الصهيونية على المدى البعيد وخاصة السيطرة على منطقة الشرق المتوسط
والآن وبعد 30عام على الحرب الباردة ما بين حلف وارسو وحلف الشمال الأطلسي رغم تفكك حلف وارسو إلا أن النهوض الذي حققته روسيا على مدى هذه السنوات بالنسبة للتقارب من دول المياه الدافئة شكل تحديا كبيراً لواشنطن لأن السياسية الأمريكية تقوم على مبدأ امريكا اولا واخيراً
وما يحدث الآن في اوكرانيا والتي هي إحدى أهم جمهوريات السلاف وما يحدث من تحريض على إشعال فتيل الحرب الكبرى ليمتد إلى الدول الأخرى وخاصة روسيا وحلفاؤها .
سيادة العميد سؤالي الأول ..
برأيكم ما السبب الحقيقي الذي تخفيه واشنطن وعداؤها لروسيا الاتحادية .؟؟.
أجاب سيادة العميد ..
حقيقة موقف الولايات المتحدة العدواني من روسيا يعود لأسباب عديدة .
فروسيا هي وريثة الإتحاد السوفيتي وهي الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك قدرات عسكرية مقاتلة ،وعسكرية تقنيه قادرة على تحدي وتهديد تفوق وهيمنة الولايات المتحدة بشكل حقيقي.
...وهي تدرك أن روسيا لديها من الدوافع والأسباب والمبررات كي تعتبر الولايات المتحدة عدو اًو ليست منافساً.
... الولايات المتحدة تشعر بقلقٍ جدي من التقارب بين روسيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وأسبانيا وغيرها من الدول الأوربية القائم على المصالح المشتركة بعيداًعن العقائد مايهدد الإرتباط وتبعية تلك الدول وحاجتها الأمنية لها وبالتالي تهدد مصالحها الإستراتيجية على المدى المتوسط والبعيد ..
... الولايات المتحدة تعتبر روسيا أحد أهم عوامل الإنبعاث العسكري الصيني والذي يساهم في تمردها على النفوذ الأمريكي ويساند توسعها الإقتصادي في أكثر من قارة ، ويهدد قيادتها للعالم .
... إن ماشهده العالم خلال العقد الأخير وحالات التمرد على النفوذ والهيمنه الأمريكية وإفشال مخططاتهالقلب أنظمة الحكم في مواقع عديدة كإيران وسوريا وأسيا الوسطى وفنزويلا مرده الدعم الروسي الكبير لهذه الدول .
. وهذا في منظورهم يشكل خطراً يجب إزاحته ..
...المحاولات الروسية الحثيثة خلال السنوات الأخيرة لإضعاف قدرة الولايات المتحدة على إدارة المنظمات الدولية وتحديداً مجلس الأمن الدولي وهذا ماجعلها غير قادرة على تغطية أعمالها العدوانية قانونيا. .
...الطموح الواضح والصريح والعلني لدى الرئيس بوتين لإعادة النفوذ الروسي إلى حدود نفوذ الإتحاد السوفيتي السابق . .
... الشعور الإمبراطوري والتفوق الأمريكي مايجعلها لاتقبل بالشراكة وتريد الحفاظ على حالة التفرد في إدارة العالم .
سيادة العميد سؤالي التالي ..
لاحظنا خلال التصريحات المتبادلة وقبل إقرار العملية العسكرية من قبل فلاديمير بوتين تأكيد واشنطن والغرب على " الهجوم الوشيك لروسيا " رغم نفي المسؤولين الروس للدعاية الغربية .
برأيكم : هل نجح الغرب الأمريكي والأوروبي في تسريع العملية العسكرية الروسية على أوكرانية .؟؟.
قال سيادة العميد ..
أنا أعتقد أن العكس هو الأقرب لمجريات الأحداث .
وأن ما أعلنته الولايات المتحدة عن تاريخ بدء العمليه العسكرية الروسية كان معلومات إستخبارية دقيقة .
وأن روسيا كانت فعلاً تريد تحقيق مفاجأة إستراتيجية .
ولكنها أضطرت للتأجيل وقامت بعمليات تضليل ناجحة نسبياً سياسية ودبلوماسية وإعلامية ومنها زيارة وزير الدفاع الروسي لسوريا ..
وتمويه عسكري في المستويات التكتيكية والعملياتية ناجحة كتحريك بعض الأرتال بعيداًعن خط الحدود بحيث أقنعت الطرف الأوكراني أن الهجوم لن يحصل .
وبالتالي فشلت المفاجأة الإستراتيجية ونجحت على المستوى العملياتي .
سيادة العميد ..
ماهو الخطأ الذي إرتكبه الرئيس الأوكراني زيلينكسي في سياسته الخارجية مع روسيا لتكون الحرب هي النتيجة .؟؟.
أجاب سيادة العميد ..
الرئيس الأوكراني إرتكب مجموعة كبيرة من الأخطاء التي تشبه الكوارث بحق بلده وشعبه .
.. فهو أولاً أراد تحطيم التاريخ والجغرافيا والتاريخ المشترك بين بلده معلناً عداءً لروسيا وتحدياًجعل الرئيس بوتين مجبراًعلى الإطاحة به أو بدولته .
.. ثانياً أراد تحويل أوكرانيا إلى مطية للناتو للوصول إلى جدران روسيا .
.. إعتقد مخطئاً أنه حليف للولايات المتحدة والناتو في الوقت الذي كان هؤلاء لايرون فيه سوى قاعدة لتطويق روسيا .
...صدق الوعود الأمريكية والغربية بأنهم لن يسمحوا لروسيا بتنفيذ أي عملية عسكرية ضد أوكرانيا .
... كان مقتنعاً أن الناتو سيدخل الحرب ضد روسيا للدفاع عن أوكرانيا . .
.. منح روسيا الشرعية في شن الحرب من خلال تهديدات جوفاء ،
،وتصريحات فارغة ،حول إتفاقية مينيسك التي لاتعجبه ،
والسلاح النووي الذي يريد الحصول عليه.
ودخول الناتو . والمجاهره بالعداء لروسيا ..
.. الخطأ الأكبر أنه كان قادراً على إيقاف الحرب بعد كل التصريحات التي سمعها من القادة الأوربيين والأمريكيين وقادة الناتو بأنهم لن يحاربو روسيا وبعد أن ورطوه في مواجهة ستدمر بلده وبعد أن بدا واضحاً أن روسيا جادة في إجتياح أوكرانيا .
كان قادراً برأيي على ان يوقف الحرب بإعطاء الضمانات لروسيا و أن يسحب كل تصريحاته السابقة. .
ولكنه لم يفعل والآن أوكرانيا من يدفع ثمن الحماقة .
سيادة العميد سؤالي لحضرتكم ..
نشاهد بعض المحطات الإعلامية الغربية والعربية محاوله لتصوير مشاهد مخالفة لما يحدث على الأرض
بالنسبة للعملية الروسية وأنها تستهدف مدنيين أبرياء
سيادة العميد : كيف تقرؤون المشاهد الإعلامية المضللة
والتي ستستخدم لاحقاً لإتهام الجيش والقيادة الروسية .؟؟.
أجاب سيادة العميد ..
طبعاًالولايات المتحدة والدول الأوروبية لديها قدرات هائلة وتجارب ناجحة وكبيرة في الحرب الإعلامية في الثورات الملونة في أوربا الشرقية وما سمي الربيع العربي وتعتمد على مؤسسات إعلامية عملاقة وإمكانات بشرية وتقنيه ومادية بلاحدود .
ولكن الظروف مختلفة في هذه الحرب فهي لاتستطيع توظيف عمليات التضليل بالخبر والصورة كما حصل في الشواهد السابقة . .
بسبب الإختلاف في إمكانيات الخصم السياسية والعسكرية وحتى الإعلامية.
سيادة العميد ..
لكل حرب نتائج وتداعيات
ماهي إنعكاسات هذه العملية العسكرية أو لنقل في حال تطورت وأصبحت حرباً عالمية ثالثة غير مسؤولة على موسكو وعلى العالم بشكل عام .؟؟.
قال سيادة العميد ..
بالتأكيد سيكون لهذه الحرب إنعكاسات كبيرة على بنية النظام العالمي وعلى تغير الأحجام والمكانة للدول . فالولايات المتحدة خسرت مصداقيتها وبدت عاجزة عن الوفاء بتعهداتها وحماية حلفاءها عندما يكون العدو بحجم روسيا . .
وسوف يبرز الدور الروسي بشكل فاعل ويحسب له ولمصالحه كل الحساب . وسيكون في العالم ساحة واسعة لظهور أقطاب متعددة كالصين التي ستكون أكبر الرابحين والهند وإيران وربما غيرهم .
ولكن لا أعتقد أن حرباًعالمية ستبدأ ولا يبدو أن العالم سيذهب للجنون بحيث يستخدم أي طرف السلاح النووي لأن ذلك سيعني نهاية العالم .
سيادة العميد سؤالي لحضرتكم ..
قبل بداية الحرب الروسية الأوكرانية بعدة أيام
شاهدنا وزير الدفاع الروسي في دمشق يجتمع مع الرئيس الأسد .
هل سيكون للحرب الروسية الاوكرانية إنعكاسات على الوضع السوري والتعاون الروسي السوري خصوصاً في محاربة الإرهاب .؟؟.
أجاب سيادة العميد ..
ربما سيكون لهذه الحرب إنعكاس مباشر إيجابي على الوضع السوري في حال تمكن الروسي من الإنتصار الساحق وفرض شروطه على الدول الأوربية والولايات المتحدة .
عندها ستكون روسيا قادره على فرض قبول تركيا بالخروج من الأراضي السورية سلماًأو حرباً.
ولكن في حال تعثرت العملية العسكرية فأعتقد أن الوضع بالنسبة لسوريا سيزداد تأزماً نتيجة تعنت الأمريكي وتفاهمه مع التركي على ضرورة معاقبة سوريا بسبب موقفها الصريح جداً والداعم للعملية الروسية . ..
سيادة العميد سؤالي الأخير لحضرتكم ..
قراءتكم للموقف التركي من الحرب الروسية الاوكرانية
والرئيس التركي أردوغان خاصةً .؟؟.
أجاب سيادة العميد ..
رغم عضوية تركيا ومكانتها في الناتو،
ورغم إرتباطها بعلاقات قوية سياسية وإقتصادية وعسكرية مع أوكرانيا،
ورغم الموقف المعارض للعملية الروسية علناً.
ولكنها نجحت بأن تنأى بنفسها عن المواجهة المباشرة مع روسيا وتحافظ على تمايز واضح عن موقف الدول الأوربية .
من خلال عدم إغلاق الأجواء التركية أمام الطيران الروسي
والتخفيف من التقيد بشروط
إتفاقية مونترو /١٩٣٦/ الخاصة بالمضائق .
وبالتالي أعتقد أن تركيا تحاول التصرف بأكبر قدر من البراكماتية وتبقي على أبواب مفتوحة لخط العودة .
والرئيس التركي يحاول كالعادة اللعب على الحبال جميعها..
والحفاظ على خطوط التواصل مع الجميع .
في نهاية هذا الحوار المميز والإجابات الرائعة
جزيل الشكر والتقدير لسيادة العميد هيثم حسون
والشكر موصول للأستاذ شاكر زلوم
مدير موقع إضاءات الأردن الشقيق .
