قام المفكر والباحث الصهيوني برنارد لويس بطرح برنامجه الاستراتيجي لضمان امن الكيان الصهيوني مرة والى الابد وهو ((تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ)) وناقش هذا المشروع بالتفصيل مع مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة ورئيسة لجنة الحكماء، وبعد وفاته تابع ربيبه الفيلسوف الفرنسي الصهيوني برنارد ليفي، وفي المحصلة النهائية تبنت الادارة الامريكية هذا المشروع الجهنمي، وهيأت له الحوامل الاقليمية التي لديها الاستعداد لدفع فاتورة الدم واستخدام الة الدين وفي مقدمتها وعلى راسها الصهيونية العربية المتمثلة بالاخوان المسلمين ومعها الوهابية التكفيرية والقاعدة وكل التنظيمات ذات الفكر الظلامي. كما سخرت الانظمة التي يقع على عاتقها دفع فاتورة المال اللازمة لحشد وتسليح وتدريب ونقل الارهابيين وتشغيل ماكنة الاعلام بكل ادواتها من محطات تلفزيونية واذاعية وصحف ومجلات وكل ادوات التواصل الحديثة على اختلاف مسمياتها.
حصيلة عشر سنوات من الحرب الكونية في وعلى منطقتنا العربية بشكل عام وسوريا بشكل خاص ادت الى اسقاط الدولة الليبية ونظامها الجمهوري ودخلها برنارد ليفي دخول الفاتحين. ليبيا الان اصبحت عدة كيانات متناحرة وتمت مصادرة اموالها ونهب خيراتها. اما تونس فقد خضعت لحكم الاخوان ممثلين بحركة النهضة واصبحت اكثر الدول العربية المصدرة للارهابيين. والعراق بدوره تحول بعد احتلاله من قبل امريكا الى كيانات طائفية وعرقية واصبح نسخة من النظام الطائفي البغيض في لبنان الممسك برقاب اللبنانيين، ثلاث كيانات عراقية تتحكم بالعراق وتنهب ثرواته. كذلك اليمن حيث انقسم الى عدة كيانات ذات ولاءات خارجية متناحرة فيما بينها، وتجري على ارضه حرب عبثية احرقت الزرع والضرع ودمرت البشر والحجر. اما ارض الكنانة مصر العزيزة فقد نجح الجيش المصري ف كنس حكم الاخوان المسلمين مدعوما بالملايين من الشعب المصري الاصيل. لم تستسلم حركة الاخوان في مصر ولم تسلم الامر فلجأت الى الاعمال الارهابية داخل مصر وزجت بعشرات الالاف من الارهابيين في شبه جزيرة سيناء للعبث بامن مصر واستقرارها. ورصدت الاموال وشحنت الاسلحة والمعدات والاف سيارات الدفع الرباعي من الوكالة الى سيناء حيث كانت عداداتها صفرا مما اضطر الجيش المصري ان يطبق مبدأ (( القوة الغاشمة)) والقضاء عليهم.
كل ما جرى من احداث لم يكن الا توطئة ومقدمة للهيمنة الصهيوامريكية على سوريا وتم التنسيق وتوزيع الادوار بين الاصيل والوكيل الذين حشدوا اكثر من ثلاثمائة وخمسين الف ارهابي مدججين باحدث الاسلحة ومن خلفهم دول اقليمية تمدهم وتدعمهم لوجستيا واستخباراتيا وقواعد دعم خلفية من معسكرات ومشافي ميدانية وفوق كل هذا غرف عمليات يديرها ضبط امريكيون وناتويون، وشاركت في هذا المشروع كل دول الجوار السوري من تركيا اردوغان مخلب الناتو في الشمال والقوى اللبنانية المتصهينة من الغرب والكيان الصهيوني والاردن من الجنوب وداعش وقسد من الشرق. كل هذا الحشد والتحشيد غايته هدف استراتيجي واحدالا وهو(( اسقاط الدولة السورية واقامة كيانات طائفية وعرقية على انقاضها)). صمدت الدولة وفشل المشروع وتراجعت قوى اقليمية مما اجبر الاصيل على التقدم لتحقيق ما عجز عن انجازه الوكيل حيث تقدمت امريكا واحتلت شرق الفرات بالتعاون مع قسد وتقدم اردوغان واحتل ادلب واجزاء من شرق شمال الفرات. يعد الفضل في صمود الدولة السورية الى جيشها العربي السوري والدعم الروسي وحزب الله الذي شكل رأس الحربة التي مزقت القوى الارهابية وهزمتها شر هزيمة وقضت على مشروعها في القلمون. لقد قدم حزب الله الغالي والنفيس والشهداء والجرحى من اجل حماية لبنان وسوريا. هذا الحزب الذي حرر جنوب لبنان من الاحتلال الصهيوني وجيبه العميل والذي اسقط مشروع الشرق الاوسط الجديد- مشروع كونداليسا رايس- عام ٢٠٠٦ واسقط معه اسطورة الميركافا. ان الصفحات لا تتسع لما انجزه حزب الله ولما قدمه في الدفاع عن الامة والوطن.
لقد تابعت كما العادة باهتمام بالغ ما قاله سيد المقاومة في اطلالته الاخيرة، والتي اقام الحجة فيها على كل القوى والاطراف المناهضة له والمشككة فيه، وقد اثبت بالبرهان والدليل القاطع مظلوميته وهو القوي العنيد، وعن مبادئه لا يحيد، والذي اذا قال فعل، الجديد الذي قدمه السيد هو مطالبته للحلفاء والخصوم بان يستوعبوا التجربة الاوكرانية. هنا مربط الفرس.نعم الكل مدعو كي يستنبط الدروس والعبر من هذه التجربة التي القت بظلالها على اتساع العالم كله. ان الدرس الاول والعبرة الاولى هي ان اهل منطقتي دونتسك ولوغانسك الذين تعرضوا للظلم والقتل والتمييز العنصري قد اعلنوا بعد ان اعيتهم الحيلة اقامة حكمهم الذاتي ومن ثم الاستقلال من طرف واحد، وانسلخوا عن اوكرانيا واعلنوا قيام جمهوريتي دونتسك ولوغانسك واعترفت بهما روسيا الاتحادية. ان اعلان قيام هاتين الجمهوريتين كان النتيجة المنطقية ونهاية المظلومية.
نعود الى تاريخنا الذي لا زال يفعل فعله فينا ويجري في اوردتنا مجرى الدم، ونطرح السؤال التالي ونقول: هل مظلومية ابا عبد الله الحسين سيد الشهداء وحفيد النبوة وحججه الدامغة القوية التي اقامها على ظالميه هل حركت ضمائرهم او هزت لهم قصبة؟. ماذا كانت حصيلة الملحمة الاستشهادية التي لا مثيل لها في التاريخ الانساني؟ لم تقم دولة العدل والمثال القرأني، حيث سيطر الاستبداد على المنطقة لقرون.
يا سيد المقاومة منذ ثلاثين عاما واكثر وانت تقيم الحجة على ظالميك، ورماحك وحرابك تفتك باعداء لبنان والامة حيث دحرت المارينز وقوات الاحتلال من بيروت وصيدا، وحررت الجنوب من الكيان وعملائه واهديت هذا النصر المبين لفلسطين، .
عندنا في فلسطين مثل شعبي يقول: (( اذا ما انعكرت ما بتصفا)) لم يبق امامك بعد كل الحجج والبراهين الا هذا(( اعكرها وتوكل)) ضع حدا للمظلومية واعلن بالقوة جمهورية لبنان العربي المقاوم في الجنوب والبقاع واطلب الاعتراف السوري بها او اعلن وحدتها مع سوريا. فالجنوب جنوبك والبحر بحرك وذو الفقار سيفك، وليكن هذا الدرس الاول والعبرة الاولى من التجربة الاوكرانية والظروف الموضوعية مناسبة واذا هبت رياحك فاغتنمها.
ان الذين تعايشوا لسنين مع كيان لحد في الجنوب من لبنانيين وعرب اعجز في هذه المرحلة التاريخية من ان يحركوا ساكنا. اعكرها كي تصفو واقم الحجة والدليل برفض سايكس- بيكو وستجد ان جمهوريتك اصلب واقوى من جمهوريتي دونتسك ولوغانسك. داوها بالتي هي الداء، فليكن الدواء من صنفه اي الفك والتركيب العلاجي. خمسون عاما مضت والفصائل الفلسطينية ومعها كل ارار فلسطين والعرب وهم يطالبون باصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، والنتيجة اوسلو وملحقاتها. فما الذي ترجوه يا سيد المقاومة من حراس النظام الطائفي الذي تحركه السفارة الامريكية والكارهون لكل ما هو وطني وجميل في لبنان.
اعكرها خليها تصفا يا سيد الحكمة، وحرك بيت العقرب تخرج مكرهة، والحق راس الافعى بالذنب
وابعث الحياة فيما قاله الشاعر: السيف اصدق انباءا من الكتب.
ارفع سبابتك في وجه العملاء ومستمرئي الذل والهوان وقل قولتك: انا للبنان حراس اذا احتدمت يا باعة المجد بالدولار والذهب
تبت يدا ابي لهب وتب
تبت يدا ابي لهب وتب
تبت يدا ابي لهب وتب
م/ زياد ابو الرجا