كتب م. زياد أبو الرجا: حين يضرب التاريخ موعدا مع الامم
مقالات
كتب م. زياد أبو الرجا: حين يضرب التاريخ موعدا مع الامم
م. زياد أبو الرجا
14 آذار 2022 , 19:38 م


التاريخ كما العاشق الولهان يضرب موعده مع  من يحب من الامم انه العاشق المتيم والحكيم  وحين ينهي موعده تكون ثمار حبه مختلفة كما ونوعا، فمنها حريات للشعوب من الاستغلال والعبودية واطاحة بامبراطوريات الشر والطغيان واخرى باطلاق العنان للطاقات الخلاقة والابداعية لبني البشر والانسان في الفنون والاداب والعلوم والفلسفة، وتطال كل ارجاء المعمورة، وحين ياكل عليها الزمان ويشرب  وتشيخ وتهرم ياتينا التاريخ مرة اخرى على صهوة جواده الابيض ليضرب موعدا اخر مع من يحب من الامم ليعيد دورته اللولبية ويجدد رقي الانسانية. لكن ما هو السر الذي يجعل التاريخ لا يختار الا روسيا لاستيلاد النظام العالمي سلما ام حربا؟

حين ضرب التاريخ موعده مع روسيا القيصرية قدمت للبشرية ارقى الاداب والفنون والفلسفات والتي بدونها ستغلق كليات الفنون والاداب ابوابها. حيث كانت المحرك لحركات التنوير في اوروبا بشكل عام وفرنسا بشكل خاص. ثم جاء المعد الثاني ومرة اخرى مع روسيا وكانت الثورة البلذفية التي هزت العالم قلبا وقالبا ورسمت خارطته الجيوسياسية والاقتصادية وكل الانشطة الادبية والفنية والابداعية.في الحرب العالمية الثانية كان لروسيا شرف دحر النازية والفاشية عندما دخل الجيش الاحمر برلين عاصمة الرايخ. هذه الثورة فتحت الباب على مصراعيه لانتفاضات الشعوب الاجتماعية على مستغليها والشرارة التي اشعلت نار الكفاح الوطني للتحرر والخلاص من نير الاستعمار.

شهدنا ثورات اجتماعية حققت اهدافها وانتصرت على الاقطاع والراسمالية ومنها من فشل مثل الثورة الاسبانية العظيمة التي سقط ضحيتها ما يقارب الاربعة ملايين انسان على يدي الفاشية الاسبانية بقيادة الجنرال فرانكو حيث هبت النازية والفاشية الى نجدته واخماد تلك الثورة العظيمة التي لم تكتمل. هذه الثورة لو كتب التاريخ لها ان تنتصر لغيرت وجه اوروبا والعالم. لقد علمنا التاريخ ان الثورات الاجتماعية قد تفشل وقد تنجح تبعا للظروف الذاتية والموضوعية.لكن التاريخ المعاصر  قدم  لنا ظاهرة في غاية الاهمية وهي ان ما من شعب ناضل وكافح من اجل الاستقلال والخلاص من نير المستعمر الاجنبي الا نال استقلاله وانتصر طال الزمان ام قصر. سواء كان من المحاولة الاولى او الثانية او الثالثة.

في فلسطين ومنذ ان وطأت اقدام المستوطنين ارضها وافتضاح اتفاقية سايكس=بيكو ووعد بلفور المشؤوم، هب الشعب الفلسطيني ضد حكومة الانتداب والمستوطنين وكانت ثورة البراق وانتفاضات العشرينيات  والتي توجت باعظم ثورةجمعت بين الكفاح المسلح(( قاطرة كل اشكال النضال)) والنضالات الجماهيرية والاضراب الذامل الذي واكبها حيث علق جواهر لال نهرو عليها قائلا: فلسطين الصغيرة زعزعتهم جميعا. يقصد بريطانيا والصهيونية.بعد ان وضعت الحرب العلمية اوزارها هب الشعب الفلسطيني مرة اخرى في ثورة مسلحة وكان قرار التقسيم  وتلاه قيام دولة الكيان الغاصب ونالت الاعتراف الدولي وأوغلت العصابات الصهيونية في ارتكاب المجازر بحق السكان الامنين وكانت التغريبة والشتات. الا ان كل ذلك لم يفتت في عضد الشعب الفلسطيني حيث برز على السطح حركات فدائية ومتفرقة في دول الطوق وتاسست منظمة التحرير الفلسطينية عام ١٩٦٤ واعتمدت الميثاق الوطني الفلسطيني.وقعت هزيمة حزيران عام ١٩٦٧ واحتل الكيان ما تبقى من ارض فلسطين بالاضافة الى سيناء والجولان. فتحت الانظمة العربية المهزومة الباب واسعا لممارسة العمل الفلسطيني المسلح كي تنجو من حساب الجماهير العربية( لكنها ركزت دعمها لاشباهها من الفلسطينيين) حيث تمكنت حركة " فتح" من الهيمنة المطلقة على منظمة التحرير الفلسطينية واصبحت " فتح" هي " المنظمة" و " المنظمة" هي " فتح" واغلق المحضر على ذلك. كان لنضال الشعب الفلسطيني في تلك المرحلة ثمرة الاعتراف الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني.بقيت باقي الفصائل الفلسطينية المتعددة على يمين ويسار حركة فتح تلعب ادوارا ثانوية.

تمكن اليمين الفلسطينيمن داخل حركة فتح من اقصاء الملتزمين بميثاق ومنطلقات الحركة تارة بالفصل وتارات بالتصفية وحين استتب له الامر تنكر للميثاق الوطني الفلسطيني ( حيث قال ابو عمار كلمته المشهورة كادوك) ولدماء عشرات الالاف من الشهداء والجرحى واقدم اليمين على فعلته وجريمته الشنيعة وتنازل عن التراب الوطني الفلسطيني واعترف بكيان الاستيطان. انها الثورة الوحيدة في التاريخ التي تلقي السلاح وتعيش في جيتو تحت الاحتلال السلطة / الجيتو.التي تقوم بادارة الجيتو بالنيابة عن الاحتلال.

ان الشعب الفلسطيني الذي ناضل اكثر من قرن لانتزاع حريته واستقلاله على كامل ترابه الوطني لم ولن يستسلم . الا انه الان ما زال يفتقر الى الاطار  التنظيمي الجبهوي الجامع لنضاله المسلح رافعة بقية اشكال النضال الجماهيري بكل اشكاله والذي يجسد تطلعاته واماله ويتفاعل مع عذاباته والامه. ان شعبنا الفلسطيني في هذه المرحلة المفصلية من التاريخ البشري حيث المجابهة العالمية على ارض اوكرانيا يقف امام قائمة طويلة من الفصائل والحركات وكل منها يتكلم باسم الشعب الفلسطيني باكمله وواقع الحال يقول ان معظمها بلا امتداد جماهيري وغالبيتها بعض مكاتب ويافطات  وحرس مسلح وتعتاش على ما تقدمه لها السلطة من فتات. انها تقف ضد السلطة في النهار وتتناول عشاءها في مطابخ السلطة وتبيت في فراشها ليلا.حال هذه الفصائل كحال شيخ المضيرة الذي ساله احد الصحابة لماذا تصلي خلف علي وتتناول طعامك على مائدة معاوية فاجابه قائلا: ( الصلاة خلف علي اقوم، والطعام على مائدة معاوية ادسم.) منذ خمسين عام ونحن نسمع هذه الفصائل وخاصة اليسار الطفولي المتطفل ممثلا ببقايا اشلاء الجبهة الديموقراطية مبررا التصاقه  بالسلطة/ الجيتو ويسوق لنا ان مشاركته باجتماعات المجلس المركزي.

سياسيا

١-صون وتعزيز الموقع التمثيلي لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني والتصدي لكل محاولات تهميشها.

٢- رفض كافة المشاريع البديلة للبرنامج الوطني كما رسمت عناوينه قرارات المجلس الوطني والمركزي( ٢٠١٥- ٢٠١٨) ووثيقة الوفاق الوطني ومخرجات اجتماع الامناء العامين( ٣/ ٩ ٢٠٢٠) بما في ذلك وقف العمل بالمرحلة الانتقالية لاتفاق اوسلو .وتعليق الاعتراف بدولة اسرائيل الى ان تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة.

٣- وقف الرهان على اية بدائل للحل الوطني والتمسك بالدعوة الى مؤتمر دولي برعاية الامم المتحدة واشراف الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن.

٤- مواصلة تنسيب الدولة الفلسطينية المعترف بالقرار الاممي ١٩/ ٦٧ الى المنظمات والوكالات الدولية كافة.وكسر الفيتو الامريكي.

٥- مواصلة العمل على عزل دولة الاحتلال في المجتمع الدولي بما في ذلك مساءلتها في مجلس حقوق الانسان والمحكمة الجنائية الدوليةومحكمة العدل الدولية في لاهاي.

٦- مد الولاية القانونية لدولة فلسطين على كافة الاراضي المحتلة عام ١٩٦٧ واسترداد سجل السكان والاراضي من الادارة المدنية للاحتلال.

٧- رفض كافة المشاريع البديلة لحق اللاجئين في العودة الى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام ١٩٤٨ والضغط على الهيئات المانحة لتوفير التمويل لوكالة الغوث ( اونروا) ورفض تقييدها باية شروط من شأنها ان تمس الحقوق الاجتماعية والسياسية للاجئين من ابناء شعبنا ودعم صمودهم في مخيمات الصمود والشتات.

كل هذه المهمات ستنجزها الجبهة الديموقراطة في مشاركتها باجتماعات المجلس المركزي!!!!!

يعني لو ان ابو مازن يدعو الى اجتماع اخر للمجلس المركزي سوف تنجز الديموقراطية تحرير ما احتل في عام ١٩٦٧ اهم ما في هذا الهراء السياسي هو البند الثاني الذي يرفض مشروع التحرير واجتثاث الكيان وتعليق الاعتراف بدولة اسرائيل. طبعا يتم البناء على هذا الرفض شجب كل عمل مقاوم لحركة حماس والجهاد الاسلامي ولجان المقاومة.بالمختصر ضد ممارسة الكفاح المسلح الذي اختفى من ادبيات الجبهة الديموقراطية.

ان الحفاظ على (( منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني )) لا يختلف عليه اثنان ولا ينتطح فيه عنزان. واعترفت معظم دول العالم بها وفتحت السفارات والممثليات. هذا ليس جوهر الخلاف ولا هو لب المشكلة لان جوهر الموضوع هو ان الممسك باجهزة المنظمة كافة هو اليمين الفلسطيني الذي وقع اوسلو وملحقاتها واختزل القضية الفلسطينية في السلطة/ الجيتو.اعود واقول ان هذه المرحلة التاريخبة حيث المواجهة المصيرية بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الامريكية في وعلى اوكرانيا ظاهريا ولكنها على مساحة العالم كله واقعيا .حيث يضرب التاريخ موعده الثالث هذه المرة مع روسيا والصين وخلافا لمواعيده السابقة تخلى عن كاثوليكيته وقرر الزواج باثنتين وعقد قرانه وحفلة عرسه في ليلة واحدة وبمهر ( صداق) نفيس لا يقدر بثمن انه راس النيوليبرارية المتوحشة على شعوبها وعلى العالم ممثلة بامبراطورية الشر والشيطان الاكبر امريكا. هذا الموعدالتاريخي مع روسيا والصين سوف يرسم خارطة العالم الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية والانسانية الجديدة والمديدة وستكرس نظاما عالميا جديدا يقوم على التشابك الاقتصادي والمصلحي بين الدول وفي قلب هذا النظام منطقة الاوراسيا قلب الحراك الاقتصادي المنتج للاصول والمستهلك لما ينتج. سنكون امام عالم متعدد القطبية وعلاقات دولية اساسها سيادة الدول والغلاقات القائمة على الاحترام المتبادل.

ان النتيجة الحتمية لهذا الصراع الكوني ستفضي الى انهيار كيانات وبروز كيانات اخرى. واول الكيانات المرشحة للانهيار والزوال الكيان الصهيوني الاستيطاني في فلسطين وبناءا على ما تقدم المطلوب في المرحلة الحالية اولا الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني وثانيا استعداد كل القوى المؤمنة بالكفاح المسلح(( حركة حماس والجهاد الاسلامي ولجان المقاومة)) ان تنسق منذ الان وبلا ابطاء مع محور المقاومة  دولا واحزابا استعدادا للمعركة الفاصلة،

البشرية والعالم اجمع لها موعد مع روسيا والصين بقيادة شي جينبنج وفلاديمير بوتين

وفلسطين لها موعد مع المقاومين

وحاويات المهملات جاهزة لاستيعاب المطبعين والسفن ستملأ البحر بانتظار الهاربين.

م/ زياد ابو الرجا

المصدر: موقع إضاءات الإخباري