سنتان وأربعة أشهر بالضبط والتمام مرت منذ خرجت إلى الشوارع جموع ظنت لوهلة، أنها تعيش في وطن، وأن هناك من يحسب لحياة عامة الناس في هذا الوطن، حساب...
كانت ضريبة الواتس آپ هي القشة التي قصمت ظهر البعير...
بدل ستة دولارات على الواتس آپ شهرياً، خسر اللبنانيون كل مدخراتهم.. هكذا يقول بسطاء الناس...
لكن الحقيقة هي أنه لو لم تنفجر يومها الإنتفاضة، لكانت انفجرت في أي يوم آخر... ولسبب آخر...
لو لم تكن انتفاضة ١٨-١٩ اكتوبر ٢٠١٩، لكانت سوف تنفجر انتفاضة أخرى ببساطة لأن أهل السلطة عندنا، ما كانوا في وارد التوقف عن السلب والنهب وتحميل الفقراء اولا، وبسطاء القوم في الاخير تبعات هذا النهب وتلك السرقات التي لا تعد ولا تحصى...
يبدو أن الطبقة السياسية في لبنان مرتاحة إلى وضعها لدرجة أنها قررت ليس امس، بل ومنذ زمن بعيد جداً، تحريم المس بكل من ينهب وكل من يسرق، بالثلاثة... حرام بالثلاثة، كما الطلاق بالثلاثة... يعني لا تراجع عن هذا التحريم عند الطبقة الحاكمة...
لم تبدأ مسألة النهب وعدم المس بالجناة منذ سنتين وأربعة أشهر...
النهب والسرقة والاحتكار والرشوة والحماية من فوق هرم السلطة، كانت سمة دولة لبنان الكبير حتى قبل إعلان دولة لبنان الكبير...
لبنان الكبير الذي يذكرنا بدولة بريطانيا العظمى التي لم تعد عظمى بقدر ما صارت كلبا صغيرا، يُصرع الناس بنباحه حتى ينتبهوا إلى وجوده...
وحده ربما، الرئيس فؤاد شهاب، حاول أن يجعل من هذا الكيان الهجين الذي ولد على يد الداية الفرنسية، كيانا نهائيا كما يحب بعض السياسيين في لبنان الغناء بين الحين والحين...
لبنان وطن نهائي لكل أبنائه دون التطرق إلى حالة هؤلاء الأبناء... بل حتى دون تبيان ما هو هذا الكيان، وعلى أي أسس يقوم...
بعد المفتي الذي زرع خطاََ احمراََ لحماية فؤاد السنيورة، خرج البطرك الراعي يرسم خطاََ أكثر احمراراََ لحماية رياض سلامة...
المفتي دريان لم يذهب إلى "حي اللجا" مثلاً، لسؤال فقراء السُنّة عن معاناتهم...
الكاردينال الراعي، لم يدفع اقساط مدارس فقراء المسيحيين بدل تهريب الدولارات عن طريق رياض سلامة إلى الخارج مع علمه اليقين أن قدرة المسيحيين الشرائية انهارت كما عند كل اللبنانيين...
الرئيس نبيه بري الذي حذرنا مرارا وتكرارا من "الدق" برياض سلامة كي لا تنهار الليرة، لم يجبر لا رياض سلامة ولا أمراء المال والسلطان ومنهم القريبين جدا إليه، بالتوقف عن تهريب الدولارات بكل شرعية، تحت أعين القانون وتحت حمايته لأنه ببساطة، لم يرد أن يفرض الكابيتال كونترول منذ اليوم الأول لبداية تهريب الأموال...
ليست المشكلة فقط في الطبقة السياسية الحاكمة، المشكلة في كل هياكل هذا النظام، وفي كل فروعه...
امس الأول، رأينا الامن الداخلي يتحرك لحماية رياض سلامة من أمر توقيف صادر عن القاضية غادة عون...
إذا كانت القاضية عون غير محقة، الأجدر تحرك السلطة القضائية لوضع حدّ لما تقوم به من "إزعاج" لدولة "المصارف"...
أما إذا كانت القاضية عون على حق، فالواجب إقالة العماد عثمان من قيادة الامن الداخلي...
طبعا، ليس الوقت عند هذه الطبقة هي للمنطق المذكور أعلاه...
إقالة القاضية عون أو العماد عثمان تعني إقالة كل من يقف خلفهما...
الواقف خلف هذين الرمزين هم كل الطبقة الحاكمة الفاسدة نفسها التي انقسمت على نفسها بعد أن أوقعها الانهيار في تقاذف الاتهامات بين بعضهم البعض هروبا من تحمل مسؤولية هذا الانهيار الذي هم جميعا يحملون مسؤوليته...
من السخرية، أن تجتمع السلطة التنفيذية برؤوسها الثلاثة، عون، بري، ميقاتي، لتتوافق على رأس من يجب الإطاحة به في القضاء لمجرد التخلص من غادة عون...
ثم يخرج من يتحدث عن فصل السلطات في بلد كل السلطات فيه تخضع لسلطة دولة "المصارف"...
الغريب كما يقول الكاتب ابراهيم الأمين، أن فصل السلطات ومنع الحكومة من التدخل في القضاء يجري فقط عندما يتعلق الأمر بالقاضي بيطار الذي يخدم أجندة الغرب التي رأينا نسختها مع محكمة الحريري "الدولية"...
محكمة كلفت المودعين اللبنانيين نصف مليار دولار طارت هباء خدمة لاميركا وعملاء أميركا في الخارج وفي الداخل...
هل يمكن تنظيم البلد قبل تنظيفه...؟
مستحيل...!!!
من يقوم بهذا التنظيف إذن...؟
كل الأطراف الداخلية في لبنان، مصابة بالحساسية من كل انواع الصابون وأدوات التنظيف...
لذلك لن يقوم أحد من جماعات الداخل بمهمة إعادة بناء دولة القانون والعدالة في لبنان...
حزب الله أعلن بدل المرة، ألف... قائلا إن هذه مهمة مستحيلة لا تقوى عليها حتى هوليوود وتوم كروز... رغم عبقريته في أفلام Mission Impossible...
حزب الله ينتظر عودة ابو ملحم، عله يقنع الفاسدين بحرمة الفساد، أو يقنع السارقين بأن كل الأديان نهت عن السرقة...
والله، بكسر الهاء كما يردد الناس، إن الله لا يحب الفاسدين ولا السارقين...
منذ الأزل والإنسان يعرف هذا...
منذ الأزل، والنصائح تتكرر دون نفع ولا جدوى... لم يعد ينفع إلا الكي...
إذا ما العمل...؟
لم يبق أمامنا إلا الدعاء للرفيق فلاديمير بوتين ان ينصره الله، فيأتي إلى لبنان ليخلص هذا البلد من الزبالة الأميركية التي تتحكم برقابنا منذ تأسيس الكيان....
أما بالنسبة لنفي السيد نصرالله وجود أي مقاتل أو خبير المقاومة في اوكرانيا...
فهذا مؤكد... نحن نصدق السيد...
ثم هناك في أوكرانيا من يتكفل بكلاب النازية الغربية بكل تأكيد..
صحيح أن غالبية من يعرف أن محور الشر يقع دوما حيث تكون أميركا، إلا أننا الآن علينا محاربة هذا الشيطان الأميركي على طريقتنا... وفي بلادنا تحديداً...
هكذا تكون مساعدة الإخوة الروس لكسر هيمنة الشيطان الأكبر...
لن نرتكب تلك الخطيئة التي ارتكبها الرفاق الشيوعيين أثناء الحرب الأهلية في اسبانيا...
يومها هرع الكثيرون بتحريض من الأحزاب الشيوعية العربية والرفيق ستالين للقتال إلى جانب الجمهورية ضد الفاشية...
صحيح أن الحرب ضد الفاشية واحدة ولا يمكن تجزئتها؛ لكن الصحيح أيضا أن هؤلاء المناضلين ذهبوا ليسقطوا في اسبانيا تاركين الفاشية البريطانية والصهيونية العالمية تفترس فلسطين... وأهل فلسطين...
هذه المرة علينا مساعدة روسيا بضرب أميركا الموجودة في كل زاوية من زوايا الوطن العربي الكبير...
أما الذي لا يعرف اين هي أميركا في وطننا العربي، فهو ببساطة لا يريد أن يعرف أو أنه... ببساطة، من أزلام أميركا...
فلنبدا بازلام أميركا، عندها سوف ينظف البلد.. وسوف يكون عندنا وطن بحق وحقيق...
الطبقة الحاكمة في لبنان، بكل فئاتها وكل عناصرها، بالإضافة إلى دولة المصارف... هؤلاء هم ازلام اميركا... البداية تكون بالتخلص منهم...