إن قلتَ شعراً فأكملْه على عَجَلِ
قبل انصرافِ يدِ الرَّاوي عن الوَتَرِ
فِردَوْسُ ملحمةٍ غَنّى الوجودُ بها
وحان أن تُسدلَ الذكرى على الخبرِ
رحلتَ فيها إلى عشقٍ فلم ترَها
إلا التفاتةَ صوفيٍّ إلى قمرِ
تسري ملامحُها في خاطرى شغفاً
غِيدُ الظنون إلى غِيدٍ من الصّوَرِ
أم المدائن أم آثارُ عابرةٍ
على الطريقِ محاها الغيم بالمطر
بغداد دارٌ على المعنى ومنزلةٌ
بين الحلول ومشي الناس في الأزرِ
بغدادُ من فَرَحِ الدنيا على زمنٍ
لولاه لم ينتقل بدو إلى حضرِ
ولا استفاقت خطىً في رَدْهةٍ عَبرَتْ
فيها من الزمن الأعمى إلى البصرِ
لو كُنتَ تُشبهني موتاَ شربتَ معي
خمر الفجيعة في كأسٍ من العِبَرِ
باب على الوحي خانته السماء إذا
مد الدعاء رماه النجم بالشرر
بغداد ما كان من ناس على شجر
بين الحقول ومن نخل على نهر
بغداد ما كان من نجوى ومن سهرٍ
على الحروفِ وسُمّارٍ على السَّمرِ
واليوم بغداد أيام على جدث
لو تستطيع سقته العين بالحَوَرِ
بغداد من وجع الدنيا ... معلقةٌ
مثل الطّريدة بين الخوف والحذرِ
لا يستقر بها موت على جسد
أو يستقر بها هدم على أثرِ
يستعجل الحزنُ عينِي عن تَلفُّتها
لا شيء مما يُرى, كُفّي عن النظرِ
اواه بغداد ما أقساك ميتةً
أعطت من الموت ما استعصى على الخبرِ
كم كنتِ داراً لشيبي بعد أن صرفوا
عني الحكاية واستولَوا على عُمُري
لم أمشِ يوما إلى بحر تعوّدني
ولا نصبتُ أراجيحاً على شجرِ
ولا تبعتُ ابتسامات الصِّبا أرَقاً
على سفوح تلاها الحُسن كالسُّورِ
ولا بكيت على حيفا وقد جعلتْ
من البكاء مواعيدي مع السَّهَرِ
والآن أبكيكِ في حيفا فكم جمعتْ
يد النزوح فراقين على قَدَرِ
ملاحظة: مهداة فقط لمن رفض سقوط بغداد ولم يتآمر على عروبة العراق