واشنطن- محمد دلبح,,
يرى مراقبون أن قيادة الجيش الباكستاني المرتبطة تاريخيا بالولايات المتحدة بدأت التحرك ضد موقف وسياسة حكومة عمران خان الذي كان قبل أكثر من ثلاثة اسابيع قد حذر من مؤامرة واشنطن للإطاحة بحكومته بسبب رفضه الانحياز الى الولايات المتحدة في حربها المالية والاقتصادية ضد روسيا . وكانت الباكستان في أوائل آذار/مارس الماضي، امتنعت إلى جانب الصين والهند والجزائر والعراق ودول أخرى، عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة التصويت لصالح مشروع قرار الجمعية العامة للامم المتحدة الشهر الماضي يدين التدخل العسكري الروسي في اوكرانيا ودعوة روسيا إلى أن توقف عمليتها العسكرية وتنسحب من الاراضي الاوكرانية، مشيرة إلى أنها لا تزال " تشعر بقلق عميق إزاء التحول الأخير للأحداث" الذي "يعكس فشل الدبلوماسية. "
رئيس أركان الجيش الباكستاني، الجنرال قمر جاويد باجوا دعا اليوم السبت روسيا الى وقف الحرب قائلا "للأسف فان الغزو الروسي ضد اوكرانيا امر مؤسف حيث قتل الالاف من الناس واصبح الملايين لاجئين ودمر نصف اوكرانيا." ووصف الحرب بانها "مأساة كبيرة" وقال إن باكستان تريد من روسيا وأوكرانيا وقف القتال على الفور ، وهي "تبذل كل ما في وسعها" لحل الصراع بين البلدين.
وقال باجوا ان "باكستان لا تؤمن بسياسات المعسكر وتريد علاقات ممتازة مع جميع الدول وخصوصًا الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والصين وروسيا وغيرها"
وتأتي تعليقات باجوا في الوقت الذي رفض فيه عمران خان الإستجابة لضغوط أميركا وحلفائها بإدانة روسيا علنًا. ، وكان 22 دبلوماسيًا أجنبيا في إسلام أباد أصدروا في أوائل شهر آذار/مارس الماضي رسالة مشتركة تدعو الحكومة الباكستانية للانضمام إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في إدانة التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا.
وذكر الدبلوماسيون في رسالتهم ، وكثير منهم يمثلون بلدان الاتحاد الأوروبي "بصفتنا رؤساء بعثات إلى جمهورية باكستان الإسلامية، نحث باكستان على الانضمام إلينا في إدانة تصرفات روسيا".وقال خان ردا على تلك الرسالة "ما رأيكم فينا؟ هل نحن عبيد لكم .. هل سنفعل مهما قلتم؟" واضاف مخاطبا تجمعا لأنصاره "أريد أن أسأل سفراء الاتحاد الأوروبي: هل كتبتم مثل هذه الرسالة إلى الهند؟" وأضاف خان ، مشيرا إلى أن الهند امتنعت أيضا عن التصويت.
لذلك يُنظر إلى تصريحات قائد الجيش الباكستاني على أنها تتناقض مع موقف رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، الذي ظل مترددًا علنًا بشأن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. وكان عمران خان قام في أواخر شهر شباط/فبراير الماضي بزيارة دولة إلى موسكو -أي بعد أيام قليلة من التدخل العسكري الروسي-. وقد تميزت زيارته بحرارة الاستقبال.
ودعا باجوا إلى وقف فوري للحرب في أوكرانيا مشيرا إلى أن "العدوان على دولة صغيرة يجب أن لا يستمر." وقال إن باكستان بناء على طلب من سفارة أوكرانيا في إسلام آباد، أرسلت مساعدات إنسانية إلى أوكرانيا ، نقلها سلاح الجو الباكستاني.
ويذكر أن تاريخ باكستان يشير إلى سطوة الجيش ونفوذه في الحياة السياسية والاقتصادية منذ انفصالها عن الهند وإعلانها دولة إسلامية في 14 آب/أغسطس 1947، تولّي أربعة جنرالات رئاسة الدولة: المشير محمد أيوب خان، الجنرال يحيى خان، الجنرال محمد ضياء الحق والجنرال برويز مشرف.
وقد واصل الجنرالات الذين تعاقبوا على قيادة الجيش الباكستاني، ممارسة تعزيز امتيازاتهم وامتيازات موظفيهم والمتقاعدين، مع قبول الحكومات المدنية ذات الصلة، على مضض، جميع مطالب القوات المسلحة، سواء كانت عادلة أو غير عادلة.
إن تنامي نفوذ الجيش الباكستاني في سياسات بلاده الذي يتجاوز بكثير المسائل الاستراتيجية والأمنية، يعود أساساً إلى قدرات الجيش المالية المستقلة غير الخاضعة للمساءلة. فمنذ عهد أيوب خان، عمدت معظم الحكومات المدنية إلى تجنّب الصدام مع الجنرالات الأقوياء، وحتى معظم أعضاء المجتمع المدني الباكستاني وبرلمانييه تجاهلوا عمداً فساد كبار ضباط الجيش واشتغالهم بالتجارة على غرار عسكر مصر. الوحيد الذي شذ عن ذلك ــ إلى حد ما ــ كان ذو الفقار علي بوتو لفترة قصيرة، لكنه دفع حياته ثمناً لذلك على يد قائد الجيش ضياء الحق، عام 1979.