واشنطن وجماعة الخوذ البيضاء من سورية إلى أوكرانيا..استنساخ للنشاط واستمرار للسياسات القذرة\ الدكتورة حسناء نصر الحسين
مقالات
واشنطن وجماعة الخوذ البيضاء من سورية إلى أوكرانيا..استنساخ للنشاط واستمرار للسياسات القذرة\ الدكتورة حسناء نصر الحسين
د. حسناء نصر الحسين
7 نيسان 2022 , 17:55 م


تعاود دول حلف الأطلسي لاستخدام ادواتها التي استخدمتها لشرعنة حربها على سورية في الحرب على روسيا الاتحادية على أثر العملية العسكرية الخاصة في اوكرانيا ، فمنذ اعلان الرئيس بوتين عن بدء هذه العملية سارعت المكنات الاعلامية الغربية الضخمة على شيطنة هذه العملية والترويج على ان روسيا هزمت في اوكرانيا وهي الآن واقعة في مستنقعها ولن تخرج منه الا مهزومة .

مع اعلان موسكو انتهاءها من المرحلة الأولى للعملية العسكرية الخاصة في اوكرانيا وانتقالها لإنجاز المرحلة الثانية انتقلت واشنطن ايضا بحربها ضد موسكو الى الخطة باء المتمثلة بشيطنة الجيش الروسي واتهامه بارتكاب جرائم ابادة في بوتشا الاوكرانية بعد انسحاب القوات الروسية منها لتعود الى اذهان الرأي العام الذي تابع العدوان على سورية صورة الفبركة لمشاهد مسرحية قامت بها جماعة الخوذ البيضاء الارهابية بهدف شيطنة الجيش السوري عبر اتهامه باستخدام السلاح الكيماوي وقتل مدنيين ، والجدير ذكره أن هذه المنظمة الارهابية اسستها بريطانيا ودعمتها معظم دول الناتو في عام ٢٠١٤ التي اشرف على تدريبها في تركيا جيمس لي ميزوريه الموظف السابق في استخبارات الجيش البريطاني ، وهذا يأخذنا الى ان المشاهد التي تبنتها دول الناتو في بوتشا هي ايضا مشاهد ملفقة وفصلا جديدا من فصول المسرحيات الامريكية التي تعتمدها واشنطن واتباعها بعد ان يكونوا قد فشلوا في اخضاع خصومهم لارادتهم ولعل جماعة الخوذ البيضاء التي انشئت لمساعدة هذه القوى الاستعمارية باحتلال سورية قامت باستنساخها عبر القوميون الجدد في اوكرانيا او قامت بنقل مجموعات منها الى اوكرانيا للمشاركة في هذه الحرب على روسيا وخصوصا ان جماعة الخوذ البيضاء التي عملت في المناطق الخاضعة لسيطرة الارهاب الدولي في سورية مدربة وجاهزة لأن تقوم بمهمات الناتو في جبهات أخرى ولا بد للإشارة الى نقل مجموعة منهم تقدر ب ٨٠٠ شخص عبر اسرائيل الى الأردن اثناء عملية تحرير درعا من قبل الجيش العربي السوري عام ٢٠١٨ ، وقد تكون الآن تعمل في المسرح العملياتي الجديد للأطلسي في اوكرانيا لشيطنة الجيش الروسي واتهامه بارتكاب جرائم ابادة بحق المدنيين الأوكرانيين وتشويه سمعته .

هذه الحرب الدعائية التي تندرج تحت عنوان الحرب النفسية التي تخوضها واشنطن وعملائها الغربيون ضد روسيا للتأثير على المواطن الروسي وحلفاء روسيا الذين ينظرون لنتائج هذه المعركة الروسية الاطلسية على انها معركة مصيرية يتحدد بموجبها شكل النظام العالمي الجديد وهذا بدى واضحا في سلوكيات عدد من حلفاء امريكا الذين تمردوا على املاءات واشنطن ورفضوا ان يركبوا قطارها المعادي لموسكو.

امريكا ذات التاريخ الحافل بالقتل والتعذيب والتهجير وارتكاب المجازر بحق عدد كبير من شعوب العالم تحاول اليوم اعتلاء منصة حماية المدنيين في اوكرانيا وتجريم الروس بجرائم ضد الانسانية وهي التي مارست ابشع وأقذر الجرائم التي حرمها القانون الدولي الإنساني ولم تسمح لروسيا ان تقدم ادلتها التي تبرئها من هذه الجرائم من خلال عقد اجتماع في مجلس الامن الذي قوبل برفض احادي من بريطانيا التي تترأس المجلس لهذا الشهر وهذا يعني ان هناك تنسيق مسبق بين واشنطن والغرب وجماعة زيلينسكي لناحية التوقيت في استخدام هذه المسرحية بما يقطع الطريق امام روسيا بتقديم ادلتها التي تثبت عدم تورطها في ذلك .

تسعى واشنطن لتوسيع دائرة الاشتباك على كل الجبهات وان كانت الجبهة الاقتصادية تأخذ مكان الصدارة في هذه الحرب الا ان المساعي الامريكية للدفع ببولندا ودول البلطيق للحديث عن امكانية فرض حصارا على بلغراد الروسية وهذا يعني لو حدث توسيع دائرة النار في هذه الازمة الدولية التي وصلت تداعياتها للبيت الاوروبي والامريكي كما الروسي .

ترى واشنطن في نتائج الحرب الروسية الاوكرانية خطرا وجوديا على هيمنتها العالمية وتدفع بكل ما لديها من اوراق قوة لجعل روسيا خاسرة في هذه المعركة لتنتزع منها حضورها القوي على الساحة الاقليمية والدولية وفي سبيل تحقيق هذا الهدف تستخدم واشنطن الكذب والتضليل وصناعة الصور الكاذبة التي كتبت سطورها في مطبخ السي آي إيه بهدف تبرير سلوكها بفرض المزيد من العقوبات على روسيا وما طرد المانيا ل١٩ دبلوماسي روسي والذي ستقابله روسيا بالمثل سوى سياسة امريكية ليست بالجديدة لوضع الاقفال الدولية على ابواب الحلول الدبلوماسية .

نجحت واشنطن مع أتباعها وادواتها للتسويق لصور بوتشا وتحويل هذه الصورة الى قضية سجلت في اروقة مجلس الامن والانظمة الغربية الا أنها ستفشل في تحقيق هدفها بالإطاحة بكرسي روسيا في مجلس الأمن وابعادها عن المشاركة بالقضايا الدولية للحفاظ على هيمنة واشنطن عليه .

روسيا خبيرة بكيفية هندسة امريكا والغرب للذرائع التي تمثل نقطة انطلاق لتنفيذ مخططاتهم الاستعمارية ولم يكن العدوان الامريكي الغربي بكل مخططاته في منطقة الشرق الاوسط وحضورها الميداني في سورية يشكل تجربة حية خاضتها روسيا في المحافل الدولية و الميدان السوري وهذا يجعلها الأكثر دراية بكيفية الرد والردع لهذه السياسات وسبل إفشالها.

الدكتورة حسناء نصر الحسين

باحثة في العلاقات الدولية - دمشق 

المصدر: موقع