في كل مرة تُطرح تساؤلات... يخرج السيد حسن نصرالله في مناسبة تكون على الأجندة غالباً؛ وحين لا تكون، يفتش حزب الله عنها، كي يسمح للسيد بالخروج على ناسه والإجابة...
رغم وجود ملاحظات جدية في مسألة سياسة حزب الله تجاه الوضع الداخلي اللبناني ووجود مساحة فراغ بين هذه السياسة وبين آمال الناس، حيث يبدو الحزب أكثر تردداََ من ناسه، وأبعد قليلا من الحالة الجماهيرية الثورية...
إلا أن الاعتراف واجب، بأنه عندما يتعلق الأمر بفلسطين فإن حزب الله، والسيد حسن تحديداً، يكون متقدماً جداً، كما يجب أن تكون القيادة الثورية التاريخية...
عندما أعلن الإمام الخميني يوم القدس العالمي وحدد هذا اليوم في آخر يوم جمعة من شهر الصوم عند المسلمين، وضع هذا الإمام العظيم محركاََ أزليا كما حركة الكون، لا يتوقف، ولا يمكن إيقافه...
كل سنة، يحسب الأعداء ألف حساب لهذا اليوم...
وكل سنة، يتحول هذا اليوم من مجرد يوم جمعة، إلى أيام نضال جماهيري تمتد حتى تحتل شهر الصوم بأكمله...
هكذا، تُعرف عجينة القادة التاريخيين...
مع السيد نصرالله، عرفنا لحظات، ومواقف تاريخية كانت تنقل دائماً الصراع الأبدي بين أهل المنطقة والكيان الدخيل عليها، من مستوى إلى مستوى أعلى...
كلمات السيد التي دخلت التاريخ، لم تكن مجرد كلمات اعتادت الأمة سماعها من أفواه أخرى دون أن تحمل نفس المعانى ونفس التصميم...
"أنظروا إليها تحترق..."
"ولى زمن الهزائم، وحل زمن الانتصارات..."
"إذا قصفتم عاصمتنا، سوف نقصف عاصمة كيانكم الغاصب..."
"إذا قصفتم مطار رفيق الحريري الدولي، سوف نقصف مطار بن غوريون..."
"تدمرون بناءً في (لبنان)، ندمر أبنية في الكيان الغاصب...
"أنا من الذين يأملون بالصلاة في المسجد الأقصى..."
كلمات وجمل شكلت وتشكل تاريخاً جديدا في وعي الأمة...
بل كلمات تسجل اهم ما يقدمه فصل الخطاب ليس فقط على المنار، بل في الوعي الجماهيري الثوري...
في واقع الأمر، قاموس السيد لا ينضب...
في كل أمة أبطال تاريخيون...
غيفارا... هوشي منه... كاسترو...
قاسم سليماني...
عندنا أيضاً... خرج أبطال قادة...
بتواضع، السيد حسن نصرالله هو آخر طبعة معاصرة من هؤلاء الأبطال...
كل يوم، ومع كل خطبة، يضيف السيد كلمة ما ترفع مستوى الصراع وتجعلنا اقرب من فلسطين إلى درجة أنه، بعكس الوضع الداخلي اللبناني، يبدو السيد وكأنه هو الذي يجر الأمة خلفه، وهو الذي يقود الجماهير إلى الأمام بحماسة، بدل أن ينقاد هو بحماس الجماهير...
لم يكن يوم أمس، مجرد يوم آخر عند السيد نصرالله...
سمح السيد لنفسه كشف مواقف إيرانية متقدمة جداً في ما خص الصراع الوجودي مع الكيان...
هل سوف يرتفع مستوى الردع الإيراني في سوريا...؟
محتوى كلام السيد نصرالله يشي بذلك...
هل سوف يرتفع مستوي التصدي لخيانات دول التطبيع...
محتوى كلام السيد يشي بذلك...
هل إيران مصممة على رفع مستوى الصراع...؟
عندما تتقاطع نفس المعاني في كلام السيد نصرالله المعروف بالصدق المطلق في مسألة الصراع من أجل فلسطين، مع محتوى كلام الامام الخامنئي بمناسبة يوم القدس... هذا يعني أن المحور قد تقدم فعلا خطوة جبارة إلى الأمام...
هذا يعني أننا لن نسمع بعد اليوم مقولة "في المكان والزمان المناسبين..."
هذا يعني أن الشهيد الذي سوف يسقط، سوف يسقط مبتسما لانه واثق أن هناك من بعده من سوف (يحمل السلاح، يواصل الكفاح ويقود الثورة للنصر..)...
أمس ارتفع مستوى الصراع...
ارتفع مستوى التحدي في وجه الكيان ومن خلف الكيان...
أمس خرجت معادلة ذهبية جديدة كرس فيها السيد نصرالله نضالات المرابطين الفلسطينيين في الاقصى حين ربط أي مسّ بالمقامات الاسلامية والمسيحية مع حياة هذا الكيان...
السيد نصر الله الذي يؤمن بحتمية زوال الكيان لصالح انبعاث الوطن الفلسطيني، ضيّق أمس الحلقة حول عنق هذا الكيان حين ربط وجوده بأي شيء ممكن أن يحصل للاماكن الدينية المقدسة عند المسلمين وعند المسيحيين على حد سواء...
بقي ربما أن نقول لبعض الموتورين الذين يظهرون في مهرجانات هزيلة بمناسبة الانتخابات اللبنانية أو الضيوف المدفوعي الثمن خليجيا على شاشات جماعة "بدنا نعيش"...
مهما بلغ مستوى التهريج عندكم، قرار السلم والحرب سوف يظل في الأيدي التي لا تزال أصابعها على الزناد..