كتب الأستاذ حليم خاتون: هل قرأ حزب الله ما حدث.
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: هل قرأ حزب الله ما حدث.
حليم خاتون
19 أيار 2022 , 13:17 م

الصدمة...

ربما هي المرة الأولى التي تمنيت فيها لو يتأخر السيد نصرالله في التعليق على ما حدث...

بالتأكيد، كان يجب على السيد أن يقول ما قال...

يجب على القائد أن لا يتأخر في الخروج لشحذ الهمم ورص الصفوف...

هذا في العلن...

أما وراء الستار، يجب نفض الغبار وتحمل المسؤولية وتحميل مسؤوليات...

على السيد أن يجمع منذ اليوم التالي لهذه الانتخابات خلية أزمة تبحث في السياسة الداخلية لحزب الله...

عندما يقول السيد أن حزب الله لم يهزم...

هو قال ما يجب أن يقال...

عندما يتحدث عن الانتصار...

هو أيضاً يقول ما يجب أن يقال...

لكن ماذا بعد...؟

حزب الله لم يهزم...؟

هذا صحيح إلى حد بعيد..

لكن حزب الله لم ينتصر.

إذا كان السيد نصرالله يقصد بالانتصار، خروج حزب الله بأقل الخسائر الممكنة... هو محق...

إذا كان السيد يقصد أن حزب الله تمكن من الصمود والثبات إلى حد ما أمام هجمة دولية إقليمية محلية قادتها اميركا والسعودية وإسرائيل على جبهة الحزب الداخلية... هو أيضا محق...

أما إذا كان السيد يقصد نظرية ٢٧ من ٢٧... وللأسف، هذا ما بدا...

هنا تكون المصيبة...

شبكة الأمان لأي مقاومة يجب أن تكون دائما على مستوى وطن وليس على مستوى طائفة حتى لو اختزنت هذه الطائفة ثورية ذات بعد وجداني وتاريخي في الاسلام وفي الإنسانية...

من حسن حظ الحركة التحررية في لبنان ان على رأس حزب الله يقود السيد حسن وليس رجل آخر...

تأثير الفرد في الثورة أو المقاومة أو المجتمع مهم جداً...

بكل اسف، ما يصح قوله في السيد، لا يصح ترداده على بيئة المقاومة وبعض قياداتها...

هناك يوجد مجتمع متجانس يعيش في الغيبيات وينتظر المهدي وقد يقع بالنتيجة ضحية قيادات من مثل الطفيلي أو سادات لبناني يقلب المعايير، وتجربة حركة أمل ماثلة للعيان...

المهم...

نظرة من فوق...

نظرة عامة على النتائج تقول إن دخول بضعة عملاء ممن رفد المحور الأميركي السعودي الصهيوني، قابله دخول أفراد آخرين يستطيعون رفد فكر المقاومة ورفد عملية بناء الدولة القوية العادلة...

هؤلاء ظل الحزب يتجاهل وجودهم إلى حد الإنكار طيلة فترة التعايش مع منظومة الفساد...

صحيح أن المقارنة بين مروان خير الدين وفارس حمدان تدعو إلى الغثيان، لأن الأمور ذهبت نحو الحد الأقصى من السوء حين أدى الفساد والسرقة والنهب إلى بروز العمالة...

لكن المقارنة بين اسعد حردان والياس جرادي تعيد الطمأنينة إلى القلب أن معسكر المجتمع المدني ليس كله بالسوء الذي تحاول إظهاره الشاشات الغربية والعربية والمحلية التي ترقص فرحا لهزيمة محور المقاومة بالهوبرة والدق على الطناجر...

بالمناسبة، الطرفان يقومان بنفس الهوبرة وادعاء النصر...

المنار مقابل ثلاثي خياط، المر والضاهر...

بالمناسبة أيضاً، تلفزيون تحسين خياط الانتهازي وصل به الأمر في دعم النهج السعودي لتنصيب سمير جعجع زعيماً مخلًصاً في أكثر من محاولة، حتى حين حاولت جوزفين ديب النيل من شربل نحاس فقط لأنه قد يشكل عقبة في المستقبل لمشروع الحرب القادمة ضد سلاح المقاومة...

حماس جوزفين ديب للاعلامي المناضل جاد غصن ليس سوى سم مغلف بالعسل...

جوزفين تمدح جاد كي تمرر الذم بشربل... وقد تنبه جاد غصن لمحاولة التفاف الأفعى عليه...

يبدو أن الثنائي رياض جوزفين داخل الجديد، صار بالكامل بإمرة ابن سلمان...

عودة إلى المهم...

نتائج الإنتخابات...

يدعو السيد نصرالله إلى الهدوء..

يجب أن يهدأ البلد...

يجب التوقف عن الحملات من الجهتين من أجل مصلحة البلد...

بهذه المعاني وبهذا الهدوء تحدث السيد نصرالله...

السيد الذي قبِل أن يستوعب منظومة الفساد من أجل مصلحة البلد حتى أدت هذه السياسة إلى ما أدت إليه من مصائب...

يريد أن يستوعب سمير جعجع وسامي الجميل... على الاقل هذا ما بدا...

من تحت الدلفة إلى تحت المزراب، يقول المثل الشعبي...

هل يمكن أن يقصد السيد نصرالله هذا فعلاً...؟

هل يعتقد السيد أن بالإمكان التعاون مع هؤلاء...؟

هل سوف نجد فعلا انعكاسا لمفاوضات طهران الرياض في حوار بين معراب وحارة حريك..؟

إذا كان هناك في حزب الله من يؤمن بهذا، فنحن مقبلون فعلا على أيام لا تبشر بالخير...

في المجلس الحديد طابور من عملاء اميركا والسعودية وإسرائيل...

لكن هناك أيضاً بين الوافدين الجدد أناس وطنيون ودعاة لبناء دولة قوية عادلة بالفعل...

التناقض بين مشروع حزب الله المقاوم ومشروع سمير جعجع لا يمكن ردمه حتى لو استعملنا كل رمال الصحراء العربية الكبرى...

كذلك الأمر بين مشروع بولا يعقوبيان وأمثالها، وبين أسامة سعد إذا كان الدكتور أسامة لا يزال مؤمنا بخط معروف ومصطفى سعد...

كذلك الأمر بين مشروع أشرف ريفي المسعود المتصهين من جهة، ومشروع عبد الرحمن البزري العربي العروبي الوسطي...

إذا كان لدى حزب الله أوهام، وعلى ما يبدو أنه بصدد إعادة تجربة مأساة التعايش مع الفساد عبر التعايش مع العملاء... فعلى حزب المقاومة أن يعرف أن مهمة سمير جعجع هي قطعا ليست التعاون في سبيل بناء الدولة القوية العادلة...

مهمة جعجع هي بناء الدولة القوية المضادة لكل ما يمكن أن تعنيه كلمة دولة قوية عادلة من معنى...

سمير جعجع الذي لن يفعل شيئا لكبح الدولار كما كذب في وعوده، لن يفعل شيئا لتحرير اقتصاد لبنان من الارتهان...

هل سوف يوافق سمير جعجع على مصافي النفط الروسية...؟

هل سوف يوافق على معامل كهرباء بشروط ميسرة إذا أتت من غير أسياده...؟

اليوم أسعار البنزين في السماء...

هل يوافق سمير جعجع على استيراد هذه المادة من روسيا بأسعار بخسة وبالليرة اللبنانية...؟

كل السوء الذي سببه الفساد والذي أدى إلى انهيار مقومات المجتمع في لبنان، لا يشكل ولا حتى نسبة ضئيلة مما يحمله مشروع سمير جعجع من مساوئ ومؤامرات على شعوب هذه المنطقة...

هذا الرجل وأتباعه يستطيعون التنقل بين الأميركي والسعودي والإسرائيلي وهدفهم النهائي يظل هو مشروع بشير الجميل:

إذا لم يكن بالإمكان السيطرة على ال ١٠٤٥٢ كلم٢، فيجب إقامة دولة كانتون العرق الماروني الصرف...

مهمة حزب الله ليست سهلة...

عدم سهولة المهمة يرجع إلى الأخطاء التي لا تحصى التي ارتكبها الحزب في سياسة التعايش مع الفساد وعملاء الغرب المستترين...

إذا أراد حزب الله الخروج بانتصار فعلا من هذه الانتخابات، عليه أن يحول نتائجها إلى مصلحة مشروع المقاومة في المنطقة...

حزب الله قادر على أن يكون نواة جبهة وطنية عريضة تضم كل اعداء مشروع سمير جعجع وأشرف ريفي وسامي الجميل...

زعران القوات ليسوا من شاكلة زعران زواريب الشياح...

أولئك كانوا من الفاسدين أو من أزلامهم...

زعران القوات هؤلاء يشبهون كتيبة آزوف الفاشية في أوكرانيا...

هؤلاء يؤمنون بأن عرقهم هو العرق الأسمى...

هؤلاء يؤمنون بأن لبنان، إما أن يكون لهم وعلى شاكلتهم وكل باقي الشرائح عبيد لهم...

أو لا يكون بالمرة...

مهمة حزب الله ليست سهلة على الإطلاق...

مهمة حزب الله لم تكن سهلة ابدا لا اليوم ولا أمس ولا قبل امس...

مهمة حزب الله هو في أمرين جوهريين:

١- أولا تثوير قاعدته الشعبية لتنتقل من الإيمان الغيبي إلى الإيمان العقلي، فتكون أكثر ثورية من قيادتها ولا تبرر الخطوات دون نقاش...

٢- البدء فورا ببناء تلك الجبهة الوطنية العريضة القادرة وحدها على تخليص الحزب من الارتهان لقوى الأمر الواقع من الفاسدين أمس، إلى العملاء اليوم...

هكذا يتم فعلا بناء الدولة...

الذي سوف يبني الدولة لا يمكن أن يكون لا أميركيا، ولا سعودياً، ولا بالتأكيد صهيونيا...

المهمة صعبة...

لكن الإستمرار في المراوحة والغشاوة في الرؤيا سوف يؤدي إلى مصائب أخرى قد يتطلب الأمر جيلا أو حتى جيلين قبل أن تستعيد حركة التحرر زخمها الحالي...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري