عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين.
أعلن الحاكم بأمره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بتاريخ 18 أيار/مايو 2022 التعميم التالي : أن "المجلس المركزي وافق على تمديد مفاعيل التعميم الاساسي 161 لغاية نهاية شهر تموز 2022 قابل للتجديد".
وأكد أن "التعاطي بالاوراق النقدية بالدولار الاميركي مقابل الاوراق النقدية اللبنانية مستمر مع المصارف من دون سقف محدد على منصة صيرفة".
فسحب الدولارات بدون سقف هو باب مفتوح للإجتهاد لأصحاب النفوذ والحظوة لدى مديري المصارف في ظل ترك سعر الدولار حرًا حسب توصيات صندوق البنك الدولي؛ الأمر الذي يجعل سعر الدولار متفلتًا من أية قيود حتى مع تذبذب عمليات العرض والطلب. والمتابع لتطور سعر الدولار حسب منصة صيرفة يلاحظ مقدار البون الشاسع بين سعر منصة صيرفة وسعر السوق الموازية. ولتوضيح ذلك قد إعتمدت سعر آخر يوم عمل في المصارف حسب إحدى المنصات الخاصة بنقل سعر الدولار في السوق الموازية لدى الصرافين وأسعار الدولار في المصارف وسعر منصة صيرفة( مرفقة) . وأجريت العملية الحسابية البسيطة لتبيان الفرق بين سعري السوق الموازية ومنصة صيرفة فوجدت التالي :-
31500—23600= 7900
وبالتالي فان الفرق لكل دولار واحد هو 7900 ليرة لبنانية. اي لمن تأخر في أخذ راتبة فانه سيستفيد من فارق أدناه 790.000 ل.ل لكل 100 $. اي نسبة الربح لكل دولار على منصة صيرفة هي 33.47% بالنسبة لسعر يوم امس الجمعة. وهذه النسبة تجعل لعاب مديري المصارف تسيل لتحقيق أرباحًا خيالية في دقائق معدودة في ظل غياب أو تغييب لجنة الرقابة على المصارف.
فتمديد العمل بالتعميم رقم 161 هو بمثابة الضوء الأخضر لمديري المصارف بالتحرك سريعًا حتى نهاية شهر تموز للإستفادة من الفرق الكبير بين سعري منصة صيرفة والسعر الموازي في السوق؛ وبما أن مصرف لبنان يتحكم بسعر المنصة فسيبقي الحاكم بأمره الفرق كبيرًا لتستطيع حكومة المصارف بجمع أكبر قدر من الأرباح الخيالية باموال ما تبقى من أموال المودعين وعلى حساب الإضرار بالإقتصاد اللبناني.
ولتقريب كيف يتصرف أصحاب المصارف؛ نرجع سويًا بالذاكرة إلى تجربة الشيكات المصرفية التي كانت تحرم أصحاب الأموال بما يزيد عن 60 او 70 % من ودائعهم ليصرفها وسطاء. فبعض المصارف لا تعطي الدولار بحجة انها تدفع للرواتب فقط، والبعض الآخر يعطي كميات ضئيلة من الدولارات ولمدة لا تزيد عن ربع ساعة بحجج واهية؛ منها إقفال منصة صيرفة أو عدم توفر الورقة الخضراء. وما يحدث وراء الكواليس هو اختيار أصحاب الحظوة والمكانة وأصحاب النفوذ لإستلام الدولار "الفريش" بكميات كبيرة لصالح البنك ومن ثم صرفها في السوق الموازية وبشكل لا يؤثر على عملية العرض والطلب. وبعملية حسابية بسيطة على سبيل المثال لا الحصر فإن صرف مبلغ 10 آلف دولار في السوق من عدة أماكن يؤمن ربحًا صافيًا مقداره أكثر من 75 مليون ليرة مع العمولة. وبالتالي تتكرر العملية في اليوم التالي مع تقاسم الأرباح الخيالية بين المصارف وأصحاب النفوذ وهذه العمليات تضر بالإقتصاد اللبناني.
هذا نموذج من تصرفات الحاكم بأمره وحكومة المصارف التي تاجرت بأموال المودعين مقابل سندات خزينة وبفوائد قاربت ال 45% وتنعمت بهذه الأرباح ردحًا من الزمن على حساب أموال المودعين. ويحاول الحاكم بأمره وحكومة المصارف ان تُحمِّل المودعين نتيجة تجارة المصارف الخاسرة لتتنعم بالمزيد من جني الأرباح وضرب الإقتصاد.
فأصبح الهم الوحيد للحاكم بأمره واصحاب المصارف هو تراكم أرباحهم على حساب وجع الناس وودائعهم التي كانت بمثابة أمانات في المصارف وخانوها. فهذه الأمانات لا بد أن تعود لأصحابها مهما طال الزمن.
وإن غدَا لناظره قريب
21 أيار/مايو 2022