بقلم ناجي أمهز
عادت لعبة الأرقام من جديد، والبحث عن جنس اصوات الملائكة، وهل من نجح من الموارنة بأصوات الشيعة، يحق له أن يتكلم باسم الموارنة، وانه لولا أصوات الشيعة في جبيل وكسروان، من كان أكثرية مارونية مطلقة ومن كان أقلية.
هذا الكلام عاد بقوة إلى الصالونات السياسية، وهو عبارة عن مشهدية تبرير المبرر، على وزن الطبقية الاجتماعية، متناسين هؤلاء بأن زمن الإقطاع والطبقية قد انتهى.
لكن المشكلة ليست بلعبة الأرقام، بل بما يتجاوزها، إلى ما هو أعمق، حيث ينظر البعض أن شيعة جبيل أصبحوا عبئا في مواجهة حزب الله الشيعي، فكان هؤلاء يتغنون بنجاحهم بمنع الحزب من الحصول على نائب شيعي في جبيل، لكن اليوم بعض نجاح الحزب الذي أكد بأن له بيئة حاضنة وفاعلة استطاعت أن توصل أحد منتسبيه إلى الندوة البرلمانية، أخذ بعض الموارنة يتكلمون عن إشكالية تواجد الحزب سياسيا في قلب المعقل الماروني، وكان جبيل وكسروان خارج الجغرافيا اللبنانية.
ليس كل ما يعرف يقال، لكن ما اكتبه هو فقط للفت الانتباه، بأنه يجب على الجميع وتحديدا أهالي جبيل وكسروان وفي مقدمتهم السياسيين والنخب، تجاوز الانتخابات النيابية التي أصبحت وراءنا، وأن تنطلق الكتل السياسية، كل من موقعها وتحالفاتها، من أجل العمل على إنماء المنطقة وتحصين وحدتها، والنهوض بها اقتصاديا، فالعالم وبسبب الأزمة الروسية الأوكرانية قادم على استحقاقات صعبة للغاية، ولبنان بوضعه الراهن يحتاج اقله إلى تهدئة الوضع والبحث عن الحلول، وتعزيز نقاط التلاقي، وفي الختام يوجد متسعا من الوقت، للمناكفات السياسية والمزايدات، لكن ليس الآن.
كما أتمنى على بعض السياسيين، ان لا يذهبون بعيدا في خطابهم الطائفي أو المناطقي، في الختام الجميع سيجلسون حول طاولة مستديرة، وسيكون الخاسر الأكبر هو الأكثر تطرفا، فالسياسة تحتاج إلى التوازن والاعتدال والعقلانية.
وجميعنا نعرف الصراع على الساحة المارونية الذي ان الأوان له ان ينتهي، من اجل لبنان عامة، وخاصة رحمة بابناء جبيل وكسروان، "لان كل ما دق الكوز بالجرة" بتطلع فشة الخلق بالشيعة، فالماروني الخاسر يعاير الماروني الفائز بانه لولا اصوات الشيعة لم يفز، والماروني الفائز يحمل الشيعة مسوؤلية بانه بسبب الشيعة، الماروني الخاسر يهاجمه، والمشكلة ليست هنا، بل حتى الموارنة الذين على علاقة طيبة بالشيعة ايضا يحملون الشيعة وزر عدم التصويت لهم، مع العلم بانه لا توجد قوى بالكون قادرة على جمع الكتل او الشخصيات السياسية المارونية على راي واحد، والله يساعد الشيعي الذي لا "من جدي بخير ولا من ستي بخير".
ومن يريد اصوات الشيعة في جبيل وكسروان عليه ان يتودد اليهم، ويخدمهم، او اقله ان يسايرهم، لا ان يحاسبهم على اسمائهم وما يرتدون وماذا يشربون ويحتسون، وكيف يفكرون، ومن يحبون ويكرهون.
أما فيما يتعلق بلعبة الأرقام وإن كان الشيعة هم سبب نجاح كتلة مارونية معينة، فالميثاق الوطني وهوية لبنان التاريخية، تؤكد أن الفائز الحقيقي، هو من يقترع له كل اللبنانيين، اصلا هناك من غير الموارنة من اقترع للفريق الاخر، وهذا الامر لا ينقص من اي نائب فائز، فالنائب اولا واخيرا هو نائب الامة بكل اطيافها وطوائفها، الذي لا يقبل ان يشاركه الاخر هو غير لبناني، لان اللبناني الاصيل بطبعه حر ديمقراطي، وهكذا نص دستور لبنان.
وهكذا هي الجغرافيا والديموغرافيا، بل ان ما يميز جبيل وكسروان، ويجعلهما انموذجا ومنارة لبنان والعالم العربي، انه ليس فيهما تفرقة، ومن يتحدث فيهما عن التفرقة والطائفية هو يسيء الى لبنان، ولو كل لبنان تغير يجب الا تتغير جبيل وكسروان، لانهما قلب وروح لبنان ومنهما ومن خلالهما يعاد بناء لبنان الرسالة مرة اخرى.
دعونا وبكل ديمقراطية ومسؤولية وطنية أن نقول مبارك للذي فاز، ولنحاسبه على إخفاقاته الانمائية والتشريعية، بعيدا عن لعبة الطائفية التي سيخرج الجميع منها خاسرا، فالطائفية لن تترك وطنا، ولن يبقى هناك مقعد نيابي أو وزاري كي يختلف عليه اللبنانيون.
أما فيما يتعلق بالنائب رائد برو فإنه ابن هذه الأرض، ونهل من ثقافة تعايشها ووحدة أبنائها، وهو سيعمل ويخدم الجميع، كما أنه متواضع لدرجة كبيرة للغاية، وعندما يلتقيه الكثير من أبناء جبيل وكسروان، سيعرفون كمْ تحمل هذا الرجل من ظلم وافتراء وتجني.
أرجو من غالبية السياسيين أنه بدل رمي الأحقاد وتكريسها في النفوس لتقليب الناس على بعضها، أن يتركوا أهالي جبيل وكسروان يعيشون في سلام ووحدة ووئام، لأن هذا قدرنا.