عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
حين نتكلم عن المفاوضات بشكل عام يجب على الوفد المفاوض ان تكون لديه مهارات وقدرات خاصة؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر:-
1-التواصل
2-الإقناع
3-التخطيط
4-التفكير الاستراتيجي
5-العمل الجماعي والتعاون
ولكن عندما تتفاوض بشكل غير مباشر عبر وسيط صهيوني وخدم في جيش العدو لأكثر من ثلاث سنوات ويحمل الجنسية الأمريكية، فعلى الوفد المفاوض أن يتحضر جيدًا للمعركة بأفضل أنواع الأسلحة ووسائل الضغط حتى لا يخسر أي جولة أمام عدوٍ له خبرة واسعة في كسب كافة انواع المفاوضات. وسأذكر لكم تجربتين فقط لتعرفوا مدى قدرة العدو في اللعب على كل حرف من حروف البنود في أية مفاوضات مستقبلية:-
1-القرار الأممي الشهير رقم 242 تعطل تنفيذه بسبب الغموض وإلغاء حرف واحد (ال التعريف)، واصبح النص في اللغة الإنكليزية: "انسحاب القوات الإسرائيلية من أراض احتلت في النزاع الأخير".
وقد جاء هذا القرار كحل وسط بين عدة مشاريع قرارات طرحت على النقاش بعد الحرب، ومن أبرزها مشروع القرار السوفييتي والأميركي وذلك تفاديا لإقدام أي من الدولتين الكبريين على ممارسة حق النقض. واشترط واضع القرار اللورد كارادون -مندوب بريطانيا آنذاك لدى مجلس الأمن- "أن القرار لا يقبل أي تعديل أو مساومة فإما أن يقبل كما هو وإما يرفض، لأن أي تعديل ولو طفيف كان من شأنه -حسب رأيه- نسف المشروع من أساسه" .
وكان الهدف من هذا الموقف هو المحافظة على الغموض الذي أحاط بالفقرة الخاصة بالانسحاب خاصة في النص الإنجليزي، فقد ورد في المادة الأولى/ الفقرة أ: "انسحاب القوات الإسرائيلية من أراض احتلت في النزاع الأخير". أما في النصوص الفرنسية والروسية والإسبانية والصينية فقد دخلت "أل" التعريف على كلمة أراض بحيث لم يعد هناك أي لبس أو غموض. وزيادة في الوضوح فقد بادر مندوبو عدة دول مثل فرنسا والاتحاد السوفييتي ومالي والهند ونيجيريا إلى التصريح -قبل التصويت على القرار- بأن حكوماتهم تفهم هذه الفقرة بأنها تعني انسحاب القوات الإسرائيلية من جميع الأراضي التي احتلت عام 1967.
2- وأ ما في اتفاق أوسلو الثاني فقد تم تقسيم الأراضي الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام إدارية مستقلة مؤقتة في الضفة الغربية، وهي المناطق أ وب وج، حتى يتم وضع اتفاق نهائي لهذه الحالة. وهذه المناطق غير متجاورة، ولكنها مجزأة حسب المناطق السكنية المختلفة فضلاً عن المتطلبات العسكرية للعدو وهي كالتالي :-
المنطقة أ
عدل
المنطقة أ (سيطرة مدنية وأمنية كاملة من قبل السلطة الفلسطينية): حوالي 3% من الضفة الغربية، باستثناء القدس الشرقية (المرحلة الأولى، 1995). وفي عام 2011: 18%. وتشمل هذه المنطقة جميع المدن الفلسطينية والمناطق المحيطة بها، مع عدم وجود مستوطنات إسرائيلية . ويُعد الدخول إلى هذه المنطقة محظورًا على جميع المواطنين الإسرائيليين بموجب القانون الإسرائيلي . ولا يتواجد جيش الدفاع الإسرائيلي في هذه المنطقة، لكنه يشن غارات في بعض الأحيان لاعتقال نشطاء مشتبه بهم.
المنطقة ب
عدل
المنطقة ب (السيطرة المدنية الفلسطينية والسيطرة الأمنية الإسرائيلية الفلسطينية المشتركة): حوالي 25% (المرحلة الأولى، 1995). وفي عام 2011: 21%. وتشمل مناطق العديد من البلدات والقرى والمناطق الفلسطينية، مع عدم وجود مستوطنات إسرائيلية.
المنطقة ج
عدل
المنطقة ج (سيطرة مدنية وأمنية إسرائيلية كاملة، ما عدا على المدنيين الفلسطينيين: حوالي 72% (المرحلة الأولى، 1995). وفي عام 2011: 61%. وتشمل هذه المناطق جميع المستوطنات الإسرائيلية (المدن والبلدات والقرى) والأراضي القريبة ومعظم الطرق التي تربط المستوطنات (والتي يقتصر استخدامها على الإسرائيليين فقط) وكذلك المناطق الاستراتيجية التي توصف بأنها "مناطق أمنية."
وقد كان هناك 1000 مستوطن يعيشون في المنطقة "جـ" في عام 1972، وبحلول عام 1993، ارتفع عدد السكان إلى 110000. واعتبارًا من عام 2012، أصبح عددهم أكثر من 300000 - مقابل 150000 فلسطيني، غالبيتهم من البدو والفلاحين.
آمل من الجميع أن يخصصوا عدة دقائق ويبحثوا عبر محركات البحث (غوغل)؛ ليتيقنوا بأن العدو الصهيوني قد أخذ بالتفاوض ما لم يستطيع أن يأخذه بقوة السلاح. فضاعت الأرض الفلسطينية نتيجة اللهاث وراء سراب الدولة المستقلة، والإنخراط في وَهْمِ مشروع "السلطة الوطنية في القطاع والضفة الغربية" وأحلام "حل الدولتين" .
لقد تخلى بعض قادة الفلسطينيين عن الكفاح المسلح وانخرطوا في مشاريع التسوية، وقال لهم الدكتور جورج حبش يومها : " من تعب منكم فليستريح"، وتم إنشاء جبهة الرفض التي تؤمن بأن "حل القضية الفلسطينية يخرج فقط من فوهة البندقية".
فليأخذ قادة لبنان السياسيين العبرة مما سبق حين التفاوض مع هذا العدو الذي لديه جينات وراثية في الإبتزاز والمراوغة والتسويف وعدم الإلتزام بالمواثيق والعهود والإتفاقيات ؛ وأنصحكم بقراءة الآيات الكريمة التي تختص بذبح البقرة في سورة البقرة لتتعرفوا جيدًا على صفاتهم.
لذا اقترح على المسؤولين اللبنانيين حين تشكيل الوفد اللبناني للتفاوض التالي :-
1- إقتصار الوفد المفاوض على الضباط العسكريين اللبنانيين الحاليين أو المتقاعدين الذين واكبوا ترسيم خط الإنسحاب او ما يسمى ب "الخط الأزرق" ؛ ويستثني الذين شاركوا في مفاوضات قبرص.
2- أن لا يتضمن الوفد أي شخصية سياسية لأن الموضوع تقني بحت.
3- ان يتمسك الوفد المفاوض بعنصر القوة الوحيد لديهم وهو المقاومة ولا يتخلوا عن هذا العنصر مهما كان حجم الضغوطات؛ لأن كافة الأوراق اللبنانية هي أوراق خاسرة
4- أن تكون النقطة B1 نقطة إنطلاق لتحديد وترسيم الحدود اللبنانية البحرية تجاهل كافة المواقف اللبنانية في جلسات المفاوضات السابقة.
لقد إستفاد العدو من إذعان الحكومة اللبنانية للضغوطات الخارجية ، وتحديدًا عدم المباشرة في الحفر في الآبار الواقعة ضمن الحدودو اللبنانية الخالصة، وتلزيم كافة الٱبار ومراجعة العقد مع شركة توتال التي توقفت عن الحفر في غياب تام للمسؤولين اللبنانيين لمحاسبتها أو إستبدالها بشركة أخرى ولتكون على سبيل المثال صينية أو روسية.
إن العدو يريد كعادته فرض الأمر الواقع باستقدامه سفينة الحفر إلى موقع بئر كاريش المتنازع عليه؛ وعلى الوفد المفاوض بأن يثبت في ذهنه بأن هناك موافقة امريكية مسبقة على السرعة القصوى في إستخراج الغاز للتعويض عن نقص إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا وذلك قبل حلول فصل الخريف. وبالتالي فإن إقتصار لبنان على تبني وسيط واحد مثل آموس هولكشتاين هو خيار خاطئ؛ لأن مواقفه وطروحاته السابقة تصب في مصلحة العدو.
وبناء عليه على لبنان أن يعتمد فقط على مقاومته؛ ومن باب رفع العتب ان يتشاور مع الدول دائمة العضوية حتى لا تتبخر حقوق لبنان، آخذين بعين الإعتبار بأن الحقوق الفلسطينية ضاعت في المفاوضات والإتفاقيات التي كانت برعاية أممية ودولية.
وإن غدًا لناظره قريب