بقلم ؛ محمد سعدعبد اللطيف .مصر؛
في زيارة سريعة لقاهرة المعز لدين الله الفاطمي ، وأثناء مروري بالقرب من باب الفتوح بدأت أشرح لصديقي المرافق معي في السيارة حكاية وتاريخ صاحب هذا المسجد ، وماذا كان يحدث هنا يوم الجمعة ؟.وماذا يحدث الأن في كل إشراقة شمس يوم جديد !!
يبدأ توافد أعداد كبيرة من طائفة البهرة الشيعية من الهنود بملابسهم المميزة ثم تسدل الستائر عليهم ويقيمون الصلاة ويطعمون الحمام المنتشر داخل وخارج باحة المسجد ، أنة أغرب حاكم حكم مصر عبر تاريخها الطويل !! 《الحاكم بأمر الله أبي علي المنصور بن العزيز الفاطمي 》 المعروف بالمهدي المنتظر بالنسبة لطائفة البهرة وبعض المعتقدين له من قري في منطقة الدروز في الشام . وقد جاء في كتب التاريخ جاءت مجموعة من أوزبكستان ودخلوا علية وسجدوا لة وقالوا انت الإله فأستغرب لهذا الأمر وقال لهم أذهبوا الي قري في الشام وانشروا دعوتي ؛
ونظراً لقراراته العجيبة ومنها أنه قام بمنع صلاة التراويح فى مصر لمدة عشر سنوات، كما منع المصريين من (أكل الملوخية والجرجير) وقصرهما على نفسه وبلاطه ومعاونيه، أى إنها أصبحت أكلة للطبقة الأرستقراطية(ويرجع السبب منعها عن المصريين أن الكلمة ترجع إلي الملوكية) وذلك كان بلا مبرر واضح أو سبب مقنع، وكانت من الأشياء الغريبة أيضاً في حكمة " أمر بأن يؤذن لصلاة الظهر فى أول الساعة السابعة "ويؤذن لصلاة العصر فى أول الساعة التاسعة"، ومنع بيع الأحذية للسيدات حتى يجبرهن على التزام منازلهن، كما أمر بألا يباع شىء من السمك بغير قشر، وألا يصطاده أحد من الصيادين وغير ذلك من القرارات التى لا يُعرف لها سبب حتى الآن.كان أول ضحايا الحاكم بأمر الله، الذى تولى الحكم فى عمر الحادية عشرة وبعد إعلان وفاة والده كان يلعب مع الاطفال فذهب مسرعاً الوزير (برجوان)وسجد أمامة وقال له انت الخليفة وحمله الي القصر لتنصيبه خليفة بعد وفات أبية ، فأصبح الوصى عليه «برجوان» الذى قام بتربيته وكان يطلق على الحاكم (الوزغة) بمعنى «السحلية» ومن الروايات التى وردت فى (المقريزى) أن الحاكم أرسل فى بداية حكمه يطلب معلمه برجوان قائلاً «الوزغة الصغيرة قد صار تنينا عظيماً، وهو يدعوك» فجاء برجوان خائفاً وعندما حضر إليه أمر الحاكم بقطع رأسه فى عام 390هـ. وكان الخليفة يركب الدابة قبل الغروب كل يوم ويصعد علي قمة جبل المقطم في منطقة القلعة .ويعيش في خلوة من التعبد .وحيداً حتي الصباح . وقد كتب وصية اعترضت عليها أختة ، أن يتولي الحكم من بعدة ليس أحد من أبنائة . وقد ذكر انة قتل من قبل أوامر من أختة (ست الملك) .وفي رواية انة اختفي ولم يعثر علي جثتة وسوف يظهر قبل قيام الساعة ،كما يعتقد طائفة البهرة .ومات وعمرة لا يتجاوز 36عاماً ؛ ورغم أتهامة أنه كان مختل عقلياً ، وقد أشعل النار في مدينة الفسطاط مجرد كتابة شتائم له ولعائلتة علي لوحة وضعت علي حائط فأمر بقتل الجميع ونشبت معركة مع الأهالي والعبيد كاد ان يقتل فيها أهل مصر ، رغم علمة بقتل أعداد كبيرة وحرق المنازل أمر بقتل قائدة (عياد الصقلبي ) اعتراضاً علي مقولته :لو سيل ملك الروم دخل مصر لم يفعل كما فعلت."فكان دائم التردد في اتخاذ القرار والتراجع عنه . يرجع له الفضل في إفتتاح (دار الحكمة )
وعن تاريخ المسجد إن المصريين ارتبطوا قديماً وحتى الآن بمسجد الحاكم بأمر الله لما له من بصمة فى وجدان المصريين، ولهذا المسجد حكاية خاصة جداً، وهى أن مئذنته كانت تملأ بالبخور طوال الأسبوع ويظل دخان البخور يملأ المئذنة الكبيرة حتى وإن جاء يوم الجمعة وفى الصباح الباكر فُتحت المئذنة فخرج منها البخور ليعطر القاهرة بأسرها، وكأن الدولة فى ذلك الوقت وضعت من ضمن اهتماماتها وأولوياتها تعطير البلاد، أن المسجد بُنى بأمر الحاكم بأمر الله سنة 380 من الهجرة، وذلك فى عهد العزيز بالله الفاطمى الذى بدأ فى سنة 379 من الهجرة فى بناء مسجد آخر خارج باب الفتوح ولكنه توفى قبل أن ينتهى منه فأتمه ابنه الحاكم بأمر الله 403 هجرية، ولذلك فقد نسب إليه وأصبح يعرف بجامع الحاكم بأمر الله، يبلغ طول الجامع من الداخل 120.5م وعرضه 113 متراً، يتوسط الجامع صحن كبير مكشوف تحيط به أربعة أروقة ترتكز عقودها على دعائم من الآجر فى أركانها أعمدة مدمجة، والتصميم يشبه جامع ابن طولون من حيث استخدام الآجر فى البناء. كما جاء في الكتب التاريخية عن المسجد ، وقبل ثورة 25من يناير كانت الطقوس تجري بشكل عادي وبعد 2011م اعترض الجماعة السلفية عن .دخولهم المسجد والاعتراض علي الطقوس بإعتبرها منافية للتعاليم الإسلامية .وبعد تولي . الحكم الرئيس "السيسي "سمح لهم بالصلاة وأقامة شعائرهم . وهم معظمهم يعملون بالتجارة ويسكنون معظمهم في حي الدقي بالجيزة وهم يتبرعون بعمليات الترميم للمسجد والأماكن المقدسة لهم من الأثار من عصر الدولة الفاطمية !!! .
"محمد سعد عبد اللطيف "
كاتب مصري وباحث في الجغرافيا السياسية ""