محمد النوباني
من الغريب أن جميع دول وقوى محور المقاومة في المنطقة تدرك بأن محور الاعداء مكون من ثلاثة اطراف هي إسرائيل والقوى الامبريالية بزعامة أمريكا والرجعية العربية بزعامة السعودية ومع ذلك فإن بعض قوى ذلك المحور لا تبقى منسجمة مع هذا الفهم ومتطلباته عندما يتعلق الأمر بمواجهة الرجعية العربية، على المستويين الداخلي والاقليمي حيث تقف حائرة ومترددة مما يوقعها في أخطاء استراتيجية ويضعف موقفها في مواجهة العدوين الأساسي والرئيسي.
ولكي ننتقل من المجرد إلى الملموس فإن حزب الله اللبناني الذي يعاني شعبه من الجوع بسبب الحصار الامريكي و سياسة النهب والإفقار التي تمارسها البرجوازية اللبنانية بحقه يتواجد في برلمان وحكومة واحدة مع نفس تلك القوى التي تحرم فقراء لبنان من لقمة العيش لأنه يخشى بأن تؤدي مواجهتهم للإنجرار إلى حرب اهلية رغم إقرار أمينه العام في آخر إطلالة له أن لبنان مقبل على ثورة جياع هي أكثر خطورة من الحرب الاهلية. وما ينسحب على حزب الله. اللبناني ينسحب على حركة حماس الفلسطينية التي يدعوا بعض قادتها المقيمون في قطر إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية رغم ان تلك الدول تتآمر على القضية الفلسطينية وتتطبع مع اسرائيل.
وإذا ما إنتقلنا من لبنان وفلسطين الى سوريا فإن هذه الدولة العربية التي عانت الأمرين من تآمر الرجعية العربية عليها اجرت إتصالات على أعلى المستويات مع السعودية واستقبلت مبعوثيها في دمشق.
كما استأنفت علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع الإمارات واعادت فتح سفارة البحرين في دمشق رغم ان هذه الدول التي لعبت دورا كبيرا في تدمير سوريا سوف تنخرط ايضاً في الناتو العربي- الإسرائيلي- الامريكي "ميساء" المزمع الإعلان عن انشائه اثناء زيارة بايدن القادمة للمنطقة والذي سيكون في مقدمة اهدافه محاربة سوريا وايران وبقية دول واطراف محور المقاومة.
ولكي تكتمل معالم الصورة فها هي ايران توافق على قبول الوساطة التي يقوم بها رئيس الوزراء العراقي مصطفى ألكاظمي لتطبيع العلاقات مع السعودية علماً بأن الرياض سوف تستضيف قمة بايدن مع الزعماء العرب الذين سينخرطون في ذلك الحلف الامني العسكري والذي سيكون في مقدمة اهدافه محاربة ايران.
والانكى من هذا وذاك ان الرجل الذي تقبل ايران وساطته وهو الكاظمي متهم من قبل طهران بالضلوع في اغتيال قاسم سليماني القائد السابق لقوة القدس في حرس الثورة الايراني عندما كان مديراً للمخابرات العراقية.
على ضوء ما تقدم فإن المطلوب في مواجهة إستحقاقات المرحلة القادمة ليس المزيد من المواقف البراغماتية التي عفى عليها الزمن بل المزيد من المواقف المبدئية التي تعيد تصويب الأمور.