تعتبر اشكالية تكوين الحكومة العراقية التي بدأت منذ الانقلاب الداخلي الاول على ولاية نوري المالكي الثالثة ٢٠١٤ وفسح المجال للتلاعب بارادة الشعب الذي انتخب ممثليه الى ان وصلنا الانقلاب الثاني وما يعرف بحراك تشرين الذي تسلق مطالب الشعب في توفير متطلبات الحياة الطبيعية من ماء وكهرباء وتنمية وتوفير الاسوق للعمل لاستيعاب الطاقات العلمية والايدي العاملة و…الخ من حقوق
لذلك فان الرقص على اوتار الكتل الشيعية وقدرتها في تشكيل حكومة اصبح هدفا للعابثين ، لذلك نرى تميز تلك الفترة بعدم قدرتهم على لم شمل الفرقاء وبقيت عملية سياسية عرجاء لا تملك الافق لا من قريب ولا من بعيد وعدم وضوح الكيفية التي سيكون عليها مستقبل العراق ، غير الخوض في هذه الدائرة العبثية . اقول هذا ونحن نعلم ان العراق محاط بكم هائل من الاجندات ابرزها التقسيم ، الانفصال ، وخلايا داعش النائمة ، والتدخلات الاقليمية والدولية ، بالاضافة الى تواجد القواعد الامريكية والناتو في الارض العراقية ، ناهيك عن اقبال العالم على مشهد عالمي يتضمن عالم متعدد الاقطاب ، وتحالفات هذة الاقطاب في محيط العراق ، الا انه يتم منع العراق من اللحاق?
بهذه التحالفات ، لتنكفأ الساحة العراقية بثقلها الدولي وتسجن تحت ظل رئيس جمهورية كان يعمل مترجما عند قوات الاحتلال الامريكي ،ورئيس برلمان مزمن على لعب الروليت ، ورئيس وزراء مشتت الافكار لا يعرف شيئا اكثر من بقائه في المنصب لذلك فهو مع الجهة التي تبقيه في مكانه وان كان ورائها خراب العراق ،
هذه الصورة المأساوية ، يستطيع العراق تجاوزها وبارادة قوية على الرغم من ان انسحاب الصدر من العملية السياسية يحمل بعدين : -
الاول : هو اتخاذ التيار الصدري دور المتفرج على ما ستؤول اليه الامور بعد انسحابه منها ، وما هي الامكانية التي يتمتع بها الكتل على التحرك في الساحة العراقية الملغومة من دونه ، وخاصة وانه اعلن صراحة انه فشل في تشكيل حكومة اغلبية ، او ايجاد التوافق على شخص رئيس الوزراء ، هذا الافق المسدود ادى به الى الانسحاب .
ثانيا : انسحاب التيار الصدري يحمل بوادر نوايا حسنة ، وافساح المجال لباقي الكتل على ايجاد تحالفاتها المناسبة والخروج من مرحلة الجمود ، وهنا تكمن الاشكالية المرتبطة مع البعد الاول اعلاه.
استطرادا على ما سبق ، على قوى الاطار التنسيقي ان تنهض وبقوة ، وبصراحة اقولها ان العراق اليوم بحاجة الى حكومة ، و قيادات وبرلمان يتوحد حول اولوية صعود العراق كقطب شرق اوسطي ناشيء متخذا من الاطار القاري الاوراسي مجالا حيويا له ، لان هذا المجال الذي يمثل العراق وقوته.
دكتور عامر الربيعي:
"رئيس مركز الدراسات والبحوث الإستراتيجية العربية الاوربية في باريس"