تموز ٢٠٠٦؛
عز المعارك؛
يحاول العدو الصهيوني التقدم باتجاه عيتا الشعب ومارون الرأس...
يتقدم بضعة أمتار، فتخرج الأبواق الأميركية والصحف الصفراء في بيروت تتحدث عن اختراق إسرائيل للجبهة...
تهلل ١٤ آذار لنجاح الاجتياح الجديد، وقرب سقوط بنت جبيل، وتدمير مقاومة حزب الله، فيما يشبه شماتة ما حصل بعد سيطرة ١٤ آذار بشكل مطلق على السلطة في لبنان...
تموز ٢٠٠٦؛
يرسل المجاهدون من الجبهة رسالة إلى سيد المقاومة تعاهد المؤمنين بأن صمودهم يمده الله بقوة لن تقهر بعون من الله تعالى...
"أحبائي"... هو عنوان رسالة، رد فيها السيد نصرالله التحية باجمل منها...
لأيام كانت تصدح الرسالة ومعها الرد من إذاعة النور ومن على شاشة المنار...
انتصرت المقاومة دون أن تستطيع جحافل اقوى جيش في الشرق الأوسط أن تتقدم أكثر من بضعة أمتار على طول الجبهة...
انتصرت المقاومة وهربت قوات الإنزال من مشارف بنت جبيل...
حطم المجاهدون فخر الصناعة العسكرية الصهيونية حين اصطادت صواريخ المقاومة دبابات الميركافا من الجيل الرابع كما يصطاد الصيادون في القرى دجاج الأرض على تلال جبل عامل في مواسم الصيد...
قد تكون كونداليزا رايس انفجرت بالبكاء على صدر فؤاد السنيورة الذي انهمرت دموعه أنهارا من الخيبة فاقت تلك التي سادت صفوف ١٤ آذار...
اضطر وليد جنبلاط إلى الاعتراف، بما رفض جعجع ومي شدياق وفارس سعيد ونوفل ضو وامثال هؤلاء القبول به...
خرج حزب الله قوة إقليمية لن تلبث أن تغير إلى الأبد وجه الشرق الأوسط رغم تواضع السيد نصرالله...
في ظل خيبة عمت بيوت العملاء وأنصاف العملاء ممن وقف آباؤهم وأجدادهم بعيد نكسة حزيران ٦٧ يشمتون بقائد ثورة يوليو، جمال عبد الناصر...
في ظل خيبة إخوان "الشياطين" وجماعات التكفير وبقايا خلايا كارهي اهل بيت النبي الذين اعمى بصيرتهم ذلك الكره الحاقد على كل ما هو خير والحاسد من كل ما هو محلق في سماء الكرامة والعزة...
عمت الاعراس مناطق جمهور المقاومة...
تدفقت الجماهير في السيارات والكمايين وكل وسيلة نقل متاحة، ترفع رايات النصر في طريق العودة إلى الأرض الطاهرة التي زادتها دماء الشهداء الجدد طهارة وقداسة، لم تعرفها سوى اسوارة عروس قلعة بحر صور وصخرة جبل عامل...
خرج السيد نصرالله إلى مهرجان "أشرف الناس" فيما اميركا وإسرائيل والرجعية العربية ومجموعة أشباه الرجال يجرجرون أذيال الخيبة وسط صمت الهزيمة الذي احتل عواصم الخيانة والردة...
خرجت جوليا بطرس تغني انتصار لبنان...
صارت رسالة السيد اغنية نصر وفرح ووعد بالتحرير الكامل لفلسطين...
بعد عدة عقود من التراجع في خريطة الأراضي المقدسة، حتى حصرها البعض في غزة واريحا، عاد الصوت يقدح بفلسطين من البحر الى النهر...
تموز ٢٠٢٢...
رسالة من عيتا الشعب إلى السيد نصرالله وصلت إلى موقع إضاءات...
رسالة يعصر قلب كاتبها الألم...
رسالة لا ترى كيف يمكن أن تنتصر المقاومة على اقوى جيش في الشرق الأوسط، ثم تفشل أمام حفنة من الخونة حولوا بلد نصر تموز إلى بلد هزيمة كل يوم وكل ساعة وكل لحظة...
كلمات بسيطة خطها كاتب الرسالة...
طالب بابسط الأمور... حق الحياة بكرامة...
وضع العلاج في كلمات بسيطة جدا، وإجراءات غير معقدة على الإطلاق...
لم يتحدث كاتب الرسالة عن المازوت الذي لف الكرة الأرضية في رحلة من إيران إلى أرض المقاومة والنصر، لأن في سلطة لبنان من يخاف العقوبات الأميركية على أموال سرقها من فقراء البلد والكادحين، قبل أن يهربها إلى بنوك الغرب تاركا خزائن مصارف لبنان فارغة إلا من انفاس رياض سلامة والأربعين حرامي...
لم يتحدث كاتب الرسالة عن الفيول الذي يمكن أن يأتي بلا مقابل من الجمهورية الإسلامية لتزويد البيوت بكهرباء يستطيعون دفع ثمنها بعدما جعلت السلطة في لبنان، الماء والكهرباء والخبز والدواء، موادا نادرة لا تقدر بثمن في بلد انتصار تموز...
كاتب رسالة عيتا الشعب مواطن بسيط يعرف أن ما يطلبه أبسط بكثير من كل التعقيدات التي تفرضها طبقة من اللصوص من جميع الطوائف، ومن جميع الاحزاب، بما في ذلك من يحمل رايات التغيير والإصلاح أو رايات التغيير الجديد آخر نسخة، أو حتى رايات الأمل وريات مقاومة مزيفة تم تجريدها من كل المعاني السامية التي وفرتها دماء الشهداء على مدى عقود من النضال ضد إسرائيل وأميركا والرجعية العربية نفسها التي حاربت عبد الناصر، وتجهد اليوم في محاربة السيد حسن...
لم يطلب كاتب الرسالة طالبا المستحيل...
لم ير كاتب الرسالة وجوه من يحكم لبنان فعلا من اتباع السفارة الأميركية...
كان يظن أن المقاومة اقوى من كل هؤلاء، وإن بيدها الحل والربط قبل أن يكتشف أن السيد الذي أهدى نصر تموز إلى الكل، بما في ذلك عملاء اميركا واسرائيل، نسي أن يضع حداً للعمالة قبل ذلك...
اكتشف أن السيد خائف من الفتنة التي يمكن أن يفجرها من يحمل المصاحف على الرماح مرة اخرى...
اكتشف أن بين الجموع من هو أكثر خبثا من عمرو ابن العاص، واكثر احتيالا من معاوية وأكثر زندقة من يزيد...
بعد أقل من أسبوعين، سوف يخرج السيد نصرالله للاحتفال بعيد نصر تموز...
يحتار أهل الأرض كيف يحتفل السيد بنصر ضاع بين أروقة دولة السفارة الأميركية...
يحتار الناس حين ينظرون إلى منصة نصر تموز، فيرون عليها سيدا يمد يده مرة أخرى إلى جحر الأفاعي والعقارب، طالبا الوحدة من أجل الوطن وناسيا أن الأفاعي والعقارب لا تعرف سوى اللدغ؛ لذلك انتشر المثل القائل إن الافعى إذا لم تجد من تلدغ، فهي تلدغ بطنها...
هكذا هم أهل السلطة في لبنان...
هم يبرعون في لدغ أهل البلد...
ماذا تراه يقول سيد المقاومة، وهو من جعل من البعير جيادا، ومن الضباع اسودا حين شاركهم نصر عملوا على تحويله إلى هزيمة...
ماذا تراه يقول، وهو مصر على السماح لنفس تلك الطبقة العابرة لكل الطوائف بالاستمرار في سلب الناس حق العيش بكرامة...
ماذا تراه يقول، وهو الذي وحده، يملك مفتاح القوة القادرة على فرض إقامة دولة العدل والمساواة، لكنه يتهيب خوفا من ابن العاص يعصى أمر الله مرة أخرى...
اليوم، وللمرة الثانية يقتحم الصدريون في العراق مبنى البرلمان...
اليوم قرر الصدريون اعلان العصيان المدني الذي كان جديرا أن يعلن في لبنان ويترافق مع نصب المشانق لكل الطبقة الحاكمة بلا أي استثناء...
سألني ابني إن كان مقتدى الصدر على حق...
رغم كل المآخذ على الرجل، لم استطع الدفاع عن خصومه الذين يعومون في برك الفساد العراقية، ويحملون دون أي خجل رايات القرآن، ويقولون أنهم اعداء الشيطان وقد فاقوه فساداً وعهرا...
حلفاء إيران في العراق فاسدون حتى النخاع الشوكي وإلا لماذا توقفوا عن مقاومة المحتل الذي انتقل من الاحتلال المباشر إلى الاحتلال المقنع، تماما كما بعض حلفاء إيران في لبنان الذين يخافون حتى أن يجاهروا بقبول منحة فيول لإضاءة ظلام البلد الذي لا ينتهي...
لا يزال جمهور المقاومة يحترم حزب الله، ويستمع لقائد المقاومة...
لا يزال جمهور المقاومة يعتقد أن السيد سوف ينتفض يوماً ويقتلع كل تلك الرؤوس التي أينعت وحان وقت قطافها...
لكن ماذا عن العيد القادم...
مع بداية الأزمة في لبنان، رفضنا الخضوع لصندوق النقد الدولي...
اليوم اكتشفنا أن هذا الصندوق ارحم ألف مرة من السلطة وكل الأحزاب الموالية والمعارضة في هذه السلطة على حد سواء...
اليوم صارت المطالبة بتقشف صندوق النقد مطلب يساري تقدمي بعدما اكتشفنا أن في لبنان سلالة من فايروس النهب المنظم لم يعرفه اي مجتمع آخر...
يا سيد...
رحمة بنا وبكل امواتنا...
إجلالاً لكل الشهداء...
بين حزب المقاومة وحزب الثورة شعرة فاصلة صار يجب قطعها...
يا سيد...
إن كنت مستطيعا ولا تفعل، فافعل...
إن كنت مستطيعا ولا تريد أن تفعل، اترك الناس تفعل ولا تكسر مجاذيفها بالتحذير من الموت الذي سوف تجلبه الفتنة...
لقد وصلنا الى اليوم الذي بات فيه قتل كلاب السلطة مطلبا...
لقد وصلنا الى اليوم الذي لم تعد الفتنة تخيفنا...
نرفض تخييرنا بين الفتنة والصمت...
بين السلة والذلة...
هيهات منا الذلة...


