لست أدري متى نغادر إشكاليتين يجري طرحهما في غير محلهما ولا زمانهما.
إشكالية الرغبة في الانتصار النهائي والمباشر
وإشكالية النقد والتأستذ على المقاومة الحقيقية.
منذ عام 1948 ونحن نسمع الحديث الشعبي :"اللاجيين راجعين بعد شهرين" وهذا طبعاً مبني على إيديولوجيا وجود مُخِّلص هو الحل السلمي الذي صاغه النظام العالمي خالق الكيان. وهذا أخذ الناس بعيدا عن النضال سواء في قوته أوضعفه.
وفي ثنايا هذا الاعتقاد /التخيُل الذي يعني: انتظر وسيأتي الفرج حقاً.
هناك كثير من الأساتذة الذين يشرحون ويصدرون تعليمات لل.م.ق.ا.و.م.ة : كان يجب أن تفعلوا كذا وأن تقولوا كذا، وأن لا تقولوا كذا.
وبالطبع، فإن فصائل التورط في هكذا أقوال، هي نفسها تعرف ما تقول ولن تسمع من هؤلاء لأن هذا اصبح صنعة وخاصة صنعة من كان يعمل.
أعتقد أن قراءة العدوان الأخير ضد الجهاد الإسلامي يسمح لنا بالقول بوضوح بأن الصراع كما هو :اي يجب أن لا يوضع فقط في معيار حصولنا على النصر أم لا. بل يُقرىء في سياق ما كررتُه منذ سنين:
"طالما أنت تقاوم فأنت على طريق النصر، ولو كنت القوي لما كان الوطن إلا بيدك، فأنت تناضل لأن وطنك مغتصباً ولذا كونك تقاتل فهذاعظيم، حتى وحده عظيم". وبالمناسبة لا يفهم هذا سوى اصحاب النفس الطويل والإيمان العميق حتى الأفراد من المناضلين والمجاهدين حيث يعلمون وجرَّبوا هزائم وانتصارات حتى فردياً في السجون، فمجرد أن تُعتقل هي هزيمة والعبرة والمجد أن تنهض مجدداً ولا تتقاعد.
لأن العبرة لدى الفصيل أو المناضل هي في عدم استدخال الهزيمة، اي في الاستمرار من جهة وفي العزوف عن الاستدوال كبديل خطير للتحرير.
الجهاد لم تتورط في هذا، وهذاسر العدوان ضدها. والأخطر، أن العدوان قصد خصيصاً الجهاد ليؤلمها بالدم وليُهين غيرها بعزوفه عن المشاركة، وكذلك ليزرع في النأس ياساً ويسمح للكثيرين باللجوء للشتائم والطعن ...الخ.
لو كان لي حق القول، فأرى أن من قصِّر لا يحتاج لشرح تقصيره ، فهو يعلم والناس تعلم.
لذا، فقول الحق هو أن الجهاد قاتلت، وأن الجهاد أُعتدي عليها، ومن هنا فالجهاد لم تخسر لأنها لم تركع. أما الدم والشهداء فيسيل منذ 1948 ولم يتوقف. وهذا ليس تقليلاً من الألم لكنه الواقع المؤلم.
إن القاعدة أن من حق ال.م.ق.ا.و.م.ة أن تبدأ دوماً لأنه صراع مفتوح وصراع وجود. ولذا، لا لوم على الجهاد لو بدأت.
لقد اشغل العدو الناس في العدوان على غزة، مع أن الدافع الرئيس للعدوان هو صمود وظاهرة جنين التي تقلق العدو اليوم أكثر من غزة، واستلحام العدو على كسر هذه البندُقة ناهيك عن بقية الضفة. وعليه، فاستنزاف الكيان في غزة، إن حصل ولو جزئيا، لا يؤثر على الضفة بل يزيد الموقف صلابة رغم التطبيع والمال والرفاهية المقصودة جميعها...الخ. نعم رغم هذا لأن من يرى قوافل أحدث واثمن سيارات في وسط رام الله يتخيل نفسه في معرض سيارات فارهة في نيويورك.
ما أريده في هذه العُجالة أمران:
الأول: هو دور المناخ/ اللحظة في العدوان ولو أنها قصيرة جدا. فالعالم باجمعه ليس بصدد حرب في وطننا هذه الأسابيع على الأقل، فلا امريكا من أجل النفط تريد حرباً ولا روسيا تريد إلى جانب حرب أوكرانيا تريد حربا ولا محور ال.م.ق.ا.و.م.ة يريد حرباً. ولذا كان في بداية العدوان في فم صاحب العمامة ماءً. كما أن الجهاد لم تقم بحرب أيضا، لكنها آلمت العدو في جنين. وعليه، فمن يعتقد أن الكيان كان ذكيا واستغل عدم الرغبة عالمياً في الحرب كي ينفرد ضد الجهاد فاعتقاده مردود عليه، لأن الأمر لا يحتاج عبقرية، وحبذا لو يصمت مادحوا "عبقرية العدو"
والثاني: طبيعة محور ال.م.ق.ا.و.م.ة:لا شك ان تبلورهكمحور جاء بعد حقبة هزيمة معممة إتصف فيها وجه الوطن العربي بأنظمة تابعة ومنهارة ومتخلفة إلى جانب مقاومة محدودة وضعيفة، لكن موجودة. لكن تبلوره كمحور غيَّر وجه الوطن فصار فيه ضدَّين. وهذا هام وحاسم.
ولكن، بمقدار ما أن محور استدخال الهزيمة وهو جزء من الثورة المضادة هو محور منسجم متكاتف معتدي مبادر بالعدوان، فإن محور المقاومة. لا يزال اقل قوة وأقل انسجاما، بل إن فيه من ليس مضموناً. وهذا خطير لكن ليس قاتلاً.
وهذا الحديث أوجهه للكسالى أو الذين ليس لهم لا ماض ولا خبرة نضالية لأنهم كي يثبتوا وطنيتهم يشتاطون غيظاً ممن ينقد خلل المقاومة.!
في التناقض التناحري الحرب متوقعة دوماً، وفي هذه الفترة هي اشد توقعا. ولذا حين جرى العدوان ضد الجهاد لأنها مدرسة مختلفة ويُقصد تقليص قوتها وإخافة غيرها وطوبى لمن يكرهه العدو.
حديث صاحب اعمامة اليوم أكثر وضوحاً وبدون ماء في الفم.