تحولات وتغيرات لافتة عكستها وسائل الإعلام المختلفة بعد تصريحات الجانب التركي الجديدة تجاه سوريا بعد أحد عشر عاما من الدعم المتواصل للإرهاب وتحول تركيا إلى ممر وملاذ أمن في حين أن تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو حول سوريا جاءت بعد قمة طهران الثلاثية والتي أكدت على وحدة سوريا واستقلالها وضرورة تجفيف منابع الإرهاب تطبيقا لقرارات مجلس الأمن الدولي ... فهل هي استدارة تركية بعد أن فشلت في تحقيق اجنداتها تجاه سوريا في محاولة منها لإيجاد حل للمشاكل العالقة وفي مقدمتها موضوع اللاجئين السوريين الذي بات يشكل ضغطا داخليا على أردوغان الذي يستعد لخوض انتخابات العام المقبل .
عضو مجلس الشعب السوري الاستاذ نضال مهنا وفي حديث خاص لموقع اضاءات، رأى أن التصريحات من الجانب التركي تشير إلى أنه أمام مرحلة جديدة تحتاج إلى انعطافة في الموقف وتهيئة الرأي العام الداخلي ، خاصة وأن هناك أحزاب داخلية تحمل حزب العدالة والتنمية مسؤولية التدخل بسوريا والعراق وعواقبه بالتالي تريد تركيا انتزاع هذه الورقة من المعارضة.
كذلك هناك الإرهابيين التي شكلت تركيا غطاء لهم خلال السنوات الماضية عليهم أن يستعدوا للتعامل مع الواقع الجديد، مشيرا إلى أن هناك جملة من المعطيات الجديدة يجب التعامل معها بعضها يتعلق بالأوضاع الاقتصادية والسياسة التركية الداخلية والانتخابات المقبلة وبعضها يتعلق بالمتغيرات الإقليمية والدولية.
وتابع مهنا أن قمة طهران الثلاثية أظهرت الحاجة الماسة إلى بناء نظام أمن إقليمي مترابط وما قاله السيد الخامنئي لإردوغان حول الحفاظ على الأمن القومي التركي لا يمكن أن يكون بمعزل عن الحفاظ عن الأمن القومي السوري ، في حين أن هناك تراكم للعمل السياسي خلال الخمس سنوات الماضية في محادثات سوتشي وحجم الضغوط والاغراءات المقدمة من كل من طهران وموسكو لأنقرة وهذا ما أظهرته القمة الأخيرة بين الرئيس بوتين وأردوغان حيث يتم فيها العمل على رفع التبادل التجاري من 30مليار إلى 100 مليار إضافة إلى العلاقات السياحية وبناء مفاعل نووي وتحويل تركي إلى سوق للنفط والغاز الروسي وصفقة بيع القمح الأوكراني عبر الموانئ والمصارف التركية إضافة إلى إيجاد صيغة لإدخال تركيا في الملفات الأمنية الإقليمية في أذربيجان وأرمينيا وأوكرانيا وليبيا .
ورأى البرلماني السوري أن الانفتاح الذي قامت به تركيا تجاه دول الخليج ومصر لا قيمة له إذا لم تطبع العلاقات مع سوريا نظرا لأهمية موقع سوريا على الحدود الجنوبية لتركيا وصلة وصل بين تركيا وهذه الدول معتبرا أن العلاقات السورية التركية محكومة بعوامل التاريخ والجغرافيا وفيها الكثير من الصعود والهبوط خلال أكثر من 500 عام من معركة مرج دابق 1516 إلى الثورة العربية 1916 إلى أزمة 1957 إلى أزمة 1998 وما شهدته خلال العشر سنوات الماضية من تبني مباشر لحكومة العدالة والتنمية لقيادة الحرب على سوريا واستخدام أراضيها كممر عبور والدعم المادي والتغيير الديمغرافي والجغرافي وسرقة الموارد وتدمير البنية التحتية ، مؤكدا ان هذا الركام من الإجرام وسفك الدماء يجعل من تطبيع العلاقات أمرا ليس سهلا لعدم وجود أي جاذبية إنسانية ولحجم الفجوة الكبيرة بين البلدين .موضحا عودة العلاقات بين انقرة ودمشق ليس مستحيلا لان العلاقات بين الدول ليست محكومة بالعواطف بل بالمصالح وخاصة الدول المتجاورة وعودة العلاقات مع تركيا تتطلب أن نسجم التصريحات التركية حول احترام وحدة وسيادة الأرض السورية ، مع سلوك واقعي وفعلي بعيدا عن سياسة المماطلة والتزييف، كذلك يجب أن تتخلى تركيا عن سياسة التهديد بالاجتياح والعدوان ونهب الثروات وسياسة فرض الأمر الواقع وان تعلن عن انسحاب كامل للقوات المحتلة على الأراضي السورية و ترجمة اقوال تركيا حول التعاون بمكافحة الإرهاب الى أفعال من خلال التوقف عن دعم الإرهابيين وخاصة في إدلب ، وعدم التدخل بالشؤون الداخلية السورية والتعاون في إطار القانون الدولي والاتفاقات الموقعة هذا هو البديهي لأي علاقات تربط الدول المجاورة وتشكل تمهيدا لبناء نظام إقليمي وعودة الثقة.
وحول ردود الفعل في المناطق السورية التي تحتلها تركيا والتنظيمات الارهابية على تصريحات وزير الخارجية التركي رأى مهنا أن السياسة التركية المتذبذبة و الشيطانية هي من أسهم بالوجود الإرهابي المسلح وما حصل من تظاهرات وحرق العلم يؤكد تبني تركيا لهؤلاء وطبيعة العلاقة العضوية بين النظام التركي وهذه المجموعات الإرهابية وعندما يتحدث وزير الخارجية التركي عن أن تركيا جاهزة للعب دور الوساطة هذا يعني أن تركيا تتخلى عن سياسة التبني الكامل إلى الحياد بالتالي تعاملت مع هؤلاء بالماضي كأوراق ضاغطة وفشلت فشلا ذريعا بالتالي هي تتعامل معهم اليوم لان صلاحياتهم انتهت لذلك سارعت لاعتقال هؤلاء وقد تعمل لإثارة البلبلة فيما بينهم أو ترحيلهم إلى ساحات أخرى إن اقتضت الضرورة في سياق متطلبات المرحلة الجديدة.
وبين مهنا أن تركيا تتخذ من قسد مبررا لما تسميه هواجس الأمن القومي والمطالبة بإقامة مناطق آمنة وعازلة وسياسة التدخل والاحتلال تتقاطع مع السياسة الانفصالية لقسد ولاحتلال الأمريكي الراغب باطالة أمد الحرب واشغال الدولة ومؤسساتها من خلال نهب الثروات والعقوبات وحرمان الشعب السوري منها بالتالي اي تطبيع في العلاقات السورية التركية المتكافئ والاعتراف من قبل النظام التركي بأن الدولة السورية وعلمها وجيشها هو الضمان للأمن المتبادل ما سيفرض على هذه المجموعات التخلي عن الاحلام الانفصالية وسيجعلها تتعامل مع واقع منضبط تحت مظلة الدولة ويقلل من هامش الفوضى والانفلات خاصة عندما تمتنع تركيا عن تقديم تسهيلات لهذه المجموعات لتهريب الثروات عبر أراضيها وعندما تتعاون تركيا مع الدولة السورية في محاربة الإرهاب الداعشي المنتشر في هذه المنطقة وعلى حدودها ما سيجعل أيضا مهمة الأمريكي أكثر صعوبة